أحدث المشاركات
صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 16

الموضوع: لَمْ يَعُدْ أخْضَرًا !!

  1. #1
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2007
    المشاركات : 121
    المواضيع : 16
    الردود : 121
    المعدل اليومي : 0.02

    Lightbulb لَمْ يَعُدْ أخْضَرًا !!

    لـَمْ يَعُدْ أخْضَرًا !


    يُحاوِلُ أنْ يُركِّبَ جُمْلةً واحِدةً دونَ تأتأةٍ فلا يَسْتطيعُ ، مُحمَّدُ يَتَفصَّدُ وَجَعًا كُلَّما راوَدَتْهُ الأفْكارُ اللَّعينةُ بِدُنوِّ الذِّكْرى الثانيةِ للرَّحيلِ المُرِّ ، لَمْ يَذُقْ طعْمَ الرُّقادِ مُنْذُ يَوْمينِ ، وَكُلَّما تذكَّرَ ذلكَ زَمَّ شَفتيْهِ وأغْمَضَ عيْنيْهِ وتَدثَّرَ بِشَرْشَفهِ الأزْرَقِ الدَّاكنِ مِنْ أخْمصِ قَدميْهِ حَتَّى طرفِ رأسِهِ حَتَّى يُلاقي الصَّباحَ وَهُوَ مُتَشنِّجُ الأعْصابِ وَفاترِ القُوى . كُلُّ شئٍ يبدو قاتِمًا ، حتَّى وَجْهُ أمِّهِ الذي تَعوَّدَ أنْ يَنْظرَ إليْهِ ليفْتحَ رَغْبتَهُ للعَالمْ لمْ يَعُدْ يُحْييهِ.حَدَّقَ ذاتَ مَساءٍ من مساءاتهِ الحُبْلى بالأرَقِ في الظَّلامِ الماثلِ أمامَهُ ، لمْ يُغْمضْ عينيهِ كالعادَةِ لأنَّهُ أرادَ أنْ يستعيدَ كُلَّ مَلمَحٍ جَميلٍ أبْصره في وَجْهِ مُنى ، كانَ يسترجعُ ذلكَ بغبطةٍ وأنْسٍ . يذكُرُ جَيِّدًا الكلمات الأولى التي أطلقتها حينَ مَرَّ عليْها في طريقهِ لبيْتِ خالِهِ : أهْلاً مُحَمَّد ، ما كَفّارَةُ غيابِكَ الطَّويلِ أيُّها المُشاكِس ؟؟ افتقدناكَ حَقًّا وكأنَّك قَضيْتَ عامكَ الأخير في المَريخْ ! . كانَتْ تُحادِثُهُ بِبَراءَةٍ ساذَجَةٍ ، تَضْحَكُ بنَشْوةٍ عارِمَةٍ ، وكأنَّ في جَوْفِها طِفْلةٌ شَقيَّةٌ لَمْ تَرْعوي بالعَصا يومَ كانَتْ تَسْحَبُ عُلبَ المَشروباتِ الغازيَّةِ بحَبْلٍ بَيْنَ منازلِ الحيِّ مُنْتصف الظَّهيرةِ القائِضَةْ ! ، كادَ مُحَمَّدٌ أنْ يَفلَّ جَهْرًا منْ أمامها مِنْ شِدَّةِ الإضْطرابِ والفَرَحِ ، أرادَ أنْ يَخْتلي بِنفْسِهِ في مكانٍ لا يراهُ فيهِ إلاَّ قلبُهُ كَي يَصْرُخَ بأعلى صَوْتِهِ : قاتَلَ اللهُ الحُبَّ وَصَبَّرَ المُحبينَ !
    يَتَذكَّرُ مُحَمَّدٌ حينَ خَبَّأ نعالها ذاتَ يَومٍ أعْلى نَخْلةِ الخلاص ثُمَّ فرَّ هاربًِا وهو يَسمعها : مُحَمَّد،يا وَجْهَ البَطيخةِ الدُّبّْ ، إنْ لمْ تُرجعْ نعالي سأجْعلُ النَّملَ الأسْودَ يَغْزو ظَهْركَ اليَوم ، أتَسْمع ؟؟ لنْ أسامحَكَ أبَدًا . يَتذكَّرُ يَوْمَ كانَ يَسألها عَنْ مسائِلِ الجَبْرِ والإحْصاءِ ويستمعُ للشَّرحِ وَيَهزُّ رأسَهُ كالْمخبولِ إيجابًا كُلَّما كَرَّرتْ : فَهِمْتَ الآنَ يا سي مُحَمَّد ؟؟ .يَمْسَحُ مُحَمَّدٌ دَمعتينِ هاربتيْنِ مِنْ مِحْجَريَهِ وهو يسْتدعي هذه المواقف ، وَيَنْظرُ إلى يديهِ اللتيْنَ عَرضَ بهما قُوَّة البَطلِ الزّائِفَةِ أمامَها حينَ لاكَمَ حائِطَ منزلِ جارَتهم الحادَّةِ اللسانِ حَتَّى تَوَّرَّمَتْ وظلَّتْ تنزفُ أيامًا . اتكأ محَمَّدٌ بِثقلِ هَمِّهِ ووجَعِهِ عَلى بابِ غُرِفَتِهِ وَنَفَثَ أنفاسًا حَرَّى وأوْشَكَ أنْ يتهاوى ويسيلُ ذاتًا مَفْقوءةَ الحُلُمْ !!
    لَيْلةُ الأرقِ العاشِرَةِ لِمُحَمَّدٍ كانَتِ الأعْنفَ ، وكأنَّ الليالي الماضيةَ كَدَّسَتْ كُلَّ الجُرْحِ بِقَضِّهِ وَقَضيضِهِ لتلكَ الليْلةِ ، بَكى مُحَمَّدٌ كَثيرًا ، بكَى وبَكى والحَنينُ بلغَ مبلغهُ وَبدأ يَصْرعُهُ من الدَّاخلِ وعزْمهُ يتآكلُ شيئًا فشيئًا . لَمْ يَشْعُرْ إلاَّ بِصُراخِ أخيهِ المَجنونِ يَملأ المَكانَ ، تَذكَّرَ أنَّهُ لمْ يُصلِّ الفَجْرَ . ذَهَبَ وتوضأ لَكنْ بِدموعهِ هذهِ المَرَّةْ !!
    لَمْ تَكُنْ مُنى أجْملَ مِنْ بناتِ الحَيِّ ، لَكِنَّهُ تَوحَّدَ فيها لسببٍ لا يعلمُهُ، أصْبضحَ ممسوسًا بها ، وحينَ كانَتْ مُنى في سَنتها الجامعيّةِ الثَّالثَةِ كانَ هُو يَجوبُ شوارِعَ مَسْقَطَ وَيعبُّ عُلبةَ بيبسي كالتي كانَتْ مُنى تؤذي بها الجيرانِ . لثلاثِ سَنواتٍ لمْ يَلتقيا كما كانا وأثناء ذلكَ كانَ مُحَمَّدٌ يَكتبُ رَسائِلهُ إليْها ثَمَّ يُخبِؤها بإحْكامٍ في مَنْدوسِهِ الصَّغيرِ الذي أعْطتهُ إياهُ أمَّهُ حينَ عَزَمَ عَلى البَحثِ عَنْ عَمَلٍ . في مرَّاتٍ كَثيرةٍ كانَ يُعيدُ قراءَتها بِصوتٍ مُرِتفعٍ وهو في شُقَّتهِ المَزْدحِمَةِ بالأغْراضِ والأحْلامِ والغارقةِ في الأنْفاسِ المُتْعبَةِ منْ وَطأةِ الحنينِ . كانَ من المُفْترَضِ أنْ تصَلَ رسالتُهُ الوَحيدةُ إليْها كَي يَعْترفَ لها بِلواعَجَ قَلْبِهِ ، لكنَّ الَموْتَ التْهَمها في حادثِ سَيْرٍ مُروريِّ فالتَهَمَتْ حياتَه . كانَ يرى الحُبَّ أخْضَرًا في ظلالِ روْعَتها لكنَّهُ لَمْ يَعُدْ ولنْ يعودَ !!

  2. #2
    أديبة
    تاريخ التسجيل : Jul 2003
    المشاركات : 5,436
    المواضيع : 115
    الردود : 5436
    المعدل اليومي : 0.72

    افتراضي

    مرحباً بالحارثية في منتدى القصة و أهلاً .

    قصة جميلة ، و أراك اعتمدت فيها على السرد أكثر من الحوار . سيزروك القصاص و سيكون منهم ما يدفعك إلى الأمام .. و لا ريب أنت في الأمام .

    استوقفتني بضع كلمات ؛ أفليس " أخضر " ممنوعاً من الصرف ؟
    أصْبضحَ .. لم أفهم معنى هذه .

    تقديري .

  3. #3
    الصورة الرمزية حسام القاضي أديب قاص
    تاريخ التسجيل : Mar 2006
    الدولة : مصر+الكويت
    العمر : 63
    المشاركات : 2,213
    المواضيع : 78
    الردود : 2213
    المعدل اليومي : 0.33

    افتراضي

    الأخت الفاضلة الأديبة / رقية الحارثية
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    أولاً مرحباً بك في منتدى القصة

    أسلوب مشوق يدل على كاتبة متمكنة من أدواتها..
    تجولت بنا في مناطق متعددة من قصتك معتمدة على أسلوب التقطيع بين الماضي والحاضر ، ونجحت في ذلك ، كما نجحت في نقل مشاعر بطلك الذي يسترجع ذكريات طفولته وأول شبابه معها .. وصلتنا تلك المشاعر بصدق عال يحسب لك..
    أجبرتنا على المتابعة بأسلوبك المشوق حتى النهاية لنعرف كيف قضيت "منى"
    عمل جيد أهنئك عليه.

    فقط لي وجهة نظر في النهاية
    كنت اتمنى ان تكون عند
    " لكن الموت التهمها في حادث سير مروري "
    أو ان تعيدي ترتيب جملتيك الاخيرتين :
    "كان يرى الحب أخضراً في ظلال روعتها لكنه لم يعد ولم يعود ؛ فقد التهمها الموت في حادث مروري ".
    وفي النهاية هي مجرد وجهة نظر .

    تقبلي تقديري واحترامي .
    حسام القاضي
    أديب .. أحياناً

  4. #4
    الصورة الرمزية سحر الليالي أديبة
    تاريخ التسجيل : Sep 2005
    الدولة : الحبيبة كــويت
    العمر : 38
    المشاركات : 10,147
    المواضيع : 309
    الردود : 10147
    المعدل اليومي : 1.49

    افتراضي

    أيتها الغارقة في الروعة " رقية الحارثية":
    قصة رائعة
    قرأتها بشغف ...
    جميلة جدا
    سلمت ودام ابداعك الراق
    لك خالص ودي وباقة ورد وفلنقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  5. #5
    الصورة الرمزية خليل حلاوجي مفكر أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2005
    الدولة : نبض الكون
    العمر : 57
    المشاركات : 12,545
    المواضيع : 378
    الردود : 12545
    المعدل اليومي : 1.83

    افتراضي

    انتظري مني قراءة فكرية .... ايتها الاديبة



    بالغ تقديري
    الإنسان : موقف

  6. #6
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.71

    افتراضي

    لغة قوية وتمكن من أدوات القص امتعنا بنص راق سرديته جميلة وأسلوبه مشوق

    تحيتي لروعة حضورك

    دمت بخير
    تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

  7. #7
    الصورة الرمزية ياسر ميمو أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2011
    المشاركات : 1,269
    المواضيع : 90
    الردود : 1269
    المعدل اليومي : 0.27

    افتراضي


    لَمْ تَكُنْ مُنى أجْملَ مِنْ بناتِ الحَيِّ ، لَكِنَّهُ تَوحَّدَ فيها لسببٍ لا يعلمُهُ


    أحببت أن التقطت هذه القطعة الأنيقة من هذا النص الجميل


    رأي بطل القصة في حبيبته هو من أكبر الأدلة على أن الجمال ليس هو إجابة القلب الوحيدة عن سبب حبه


    هناك إجابات أخرى ربما تظل مبهمة وغير واضحة ولكن الأكيد أنها موجودة




    نص أكثر من مميز




    الأدبية الفاضلة رقية .........شكراً جزيلاً لك

  8. #8

  9. #9
    الصورة الرمزية محمد الشرادي أديب
    تاريخ التسجيل : Nov 2012
    الدولة : المغرب
    المشاركات : 721
    المواضيع : 35
    الردود : 721
    المعدل اليومي : 0.17

    افتراضي

    عندما يكتب الشعراء القصة فإنها تاتي مائزة. لأنها تستفيد من من موهبة الشاعر...من سعة خياله و جميل مقاله.
    مودتي

  10. #10
    الصورة الرمزية لانا عبد الستار أديبة
    تاريخ التسجيل : Nov 2012
    العمر : 53
    المشاركات : 2,496
    المواضيع : 10
    الردود : 2496
    المعدل اليومي : 0.60

    افتراضي

    السرد مشوق ورائع
    واللغة قوية وسليمة
    والموضوع جميل
    اكتملت الروعة
    أشكرك

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. لِمَ لَْمْ يأتِ الحب ؟
    بواسطة مؤمن مجدي في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 15-02-2007, 03:25 PM
  2. البكاء لم يعد يجدي!!
    بواسطة د. سلطان الحريري في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 40
    آخر مشاركة: 02-07-2006, 08:06 AM
  3. عفوآ........ لم يعد لحبك مكان في قلبي
    بواسطة شــــــــــــهووودة في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 19-08-2004, 06:16 AM
  4. ماذا يعد هذا ؟
    بواسطة عقبة في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 10-04-2003, 11:38 PM