المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صبيحة شبر
الضمير ؟ هل موجود حقا ام في عقولنا فقط ؟
كثيرا ما تتردد الكلمة الجميلة ، ذات المعاني المتلألئة ، والمفاهيم البراقة ، على السن الكثير من الناس ، دون ان يملك البعض منهم أي ذرة ، من هذه الكلمة الزاخرة بالجمال ، والعابقة بأريج الخير والطيبة والسماحة والبهاء ، كيف يمكن ان نحدد بكلمات بسيطة ، معنى الضمير ؟ ذلك المخلوق العصي على الإفهام عند بعض الناس ، يمكن ان نأتي بكلمات قليلة لتعريف معنى الضمير الغائب دوما ، وقد أفل نجمه ، منذ وقت سحيق ، او لعله لم يعرف السطوع ، أبدا ومات قبل ان يشهد الولادة حقا ، الضمير الذي ياتي الى بعض الناس عنيفا شاجبا مستنكرا ، يتكلم بعنف ، يصرخ وهو يدلي بالأدلة كلها انك قد اقترفت إثما كبيرا ، وانك قد جانبت الصواب على اثر كلمة قلتها بحق عزيز عليك ، او حبيب ، تفوهت بكلمة بحقه ، ولم تفكر حينها ان ضميرك المستيقظ دائما ، والذي لا يعرف الصمت ، ولم يجرب السكون ،، قد ثار عليك ثورة شنعاء ، وأقام الدنيا ولم يقعدها لكلمة واحدة فقط ، وما بال ذلك المخلوق صامتا ساكتا ، غير قادر على الكلام والظهور ، حين يقترف البعض آثاما عصية على التعداد ، يسلب غيرك حقوق كاملة لآخرين قد سهروا الليالي الطوال من اجل الحصول عليها ، سكبوا العرق والدموع غزيرة في سبيل ان ينعموا ببعض الحقوق فجاء من سرقها بعز النهار ، واستولى عليها ولم يترك لأصحابها ما يقيم أودهم ، او يقيهم حاجاتهم الكثيرة والتي تطلب التلبية ، وتصرخ بأعلى أصواتها الا من ملبي لتلك الحقوق ، وقد ضحينا وبذلنا الغالي والنفيس ، لماذا يموت الضمير ،، حين يرتكب البعض جرائم القتل والتعذيب والتزوير ، او الرشوة والسطو على ممتلكات الآخرين ، لماذا يحاسبك ضميرك على كلمة واحدة تفوهت بها في لحظة غضب مثلا ، ويسكت عن عمليات الاحتيال والخداع واللعب على الناس ، والكذب عليهم ، والتلاعب بعواطفهم ، لماذا يسكت الضمير مرتاحا حين ترتكب أبشع صنوف التزوير وثلب الكرامات وتشويه السمعة ، وسرقة الأوطان ، لماذا يكون ضميرك واعيا متربصا ، يلهبك بسياطه اللاسعة المؤلمة ، وانت لم تقترف إثما او تجن ذنبا ؟ ولماذا يسكت الضمير وقد يتلاشى او يزول حين ترتكب الموبقات بحق البشرية جميعا ، وحين تباد شعوب بأكملها ؟ فماذا يعني الضمير ؟ وهل هو دليل قوة ام ضعف ؟ ولماذا يكون عند بعضنا متوثبا لا يرحم ولا يقبل عذرا لأقل هفوة وان كانت كلمة غير مقصودة ، لكنه ينام قرير العين مطمئنا حين تهرق الدماء زكية ، وتسرق الممتلكات ، وتسلب الحقوق ؟ هل الضمير موجود فعلا ام انه من اختراعنا نحن المرهفون العاطفيون ، الحالمون بولادة حياة أفضل لا وجود لها الا في خيالنا النشط المتوثب
صبيحة شبر
صبيحة ..طرحت موضوعا مهما..أعانك الله على إيقاظ من لم يتساءل عن ضميره ولو لمرة واحدة..
الضمير ماذا يعني..؟ يا له من سؤال صعب..كيف نلتمس الإجابة عنه..هل هو موجود فعلا؟ لا شك أن الإقرار بوجوده حاضر في قولك" أم أنه من اختراعنا نحن المرهفون العاطفيون، الحالمون بولادة حياة أفضل لا وجود لها إلا في خيالنا النشط المتوثب"..
وحضور الضمير في عقول الحالمين دلالة على وجوده، إذ ليس من المفروض وجوده لدى الذين لا يحلمون بعالم أفضل ..لأن هؤلاء مجرد عوام لا يهمها التفكير فيما يجري في العالم من تغيرات لا تدرك بالحس العادي..
إذا افترضنا ان عامة الناس تملك ضميرا..فهذا النموذج من الضمير سيكون عاديا..يمكن أن يتأثر بفظائع الظلم الحاصل في العالم..وكذلك يمكن ان يتأثر بوقائع مؤلمة أخرى لكنه تأثر محدود..سرعان ما يخفت ويتهافت مع ظروف الحياة اليومية ومشاغل دنيوية استهلاكية..
سأذكرك بأغنية مطلعها يقول " حكم ضميرك"بفتح الحاء وكسر الكاف وتسكين الميم..والجملة مركبة من فعل أمر" حكم"..إذ تحكيم الضمير أمر مطلوب ومرغوب شأنه شأن كل القيم والفضائل العليا الإنسانية التي بدونها لا يمكن الحديث عن مفهوم للإنسان العاقل راع للمثل ..متى يكون الضمير مرغوب تحكيمه؟ هل رغبة الناس في ضمير يدخل النفس إلى محكمة تدينها إدانة لا تجعلها ترتاح في سائر أيامها، هي رغبة مطلوبة؟إن الضمير قد يلجأ البعض إلى تخذيره وهم يفعلون لمصلحة لهم في ذلك..وقد يستيقظ الضمير في المآزق الكبرى إذ يصبح اللجوء إليه مسألة ضرورية للاستمرار في الحياة..وطالما أن المآزق يعيشها ضعاف الناس وليس أقوياؤهم فإن الضمير العالمي يظل نائما لان الاقوياء أرادوا له أن ينام..
وتلك المفارقة بين اهتزاز الضمير في الأمور البسيطة وعدم اهتزازه في الامور الفظيعة، هي مفارقة تاريخية..لكن الضمير الذي يهتز في أبسط الامور لا بد أن يهتز في عظيمها .. ومن ليس له ضمير فإنه لا يملك حسا إنسانيا..أو أنه مجرد كائن عابر يعيش من أجل نفسه وليس لغيره..