كلمات رطبة
كانت كلماتك الرطبة ، تنطلق من بين شفتيك ، لتلصق بكل شيء إلا أذني ، تناثرت على الطاولة ، التصقت بعيني ، بأنفي ، على الأطباق الفقيرة المرصوصة ، وتلك الوردة القابعة في منتصفها ، أصابها الذبول من رائحة أنفاسك ، قلت .. "حبيبتي " فالتصقت الكلمة رطبة مبللة على شفتي ؛ تقززت نفسي ؛ حاولت أن أزدري المرارة التي ملأت حلقي ، فاختنقت بها .
اندفعت معدتي الخاوية إلى الخارج ، تحاول أن تلقي ما بها من عصارة أفرزتها ، وأنا أكتم مشاعري أمامك ، وأبتلع كلمات كلما حاولت أن تنفلت ، رددتها لتلتصق بلهاتي ، فتتهدج أنفاسي اختناقا ، وغمامة سوداء تهبط إلى عيني ، فتغيب عن ناظري للحظة ، لتعود صورتك القابعة أمامي ، بملابسك التي عافتك ، وتمنت لو أنها تنتزعك من داخلها لتلقي بك بعيدا عنها ، الحلة المحنطة التي كانت مسجاة على جسدك ، كجثة متعفنة ، حشرت نفسك فيها عنوة ، وقد ارتفعت عن كاحليك ، وشدت منكبيك ، لتبدو كدمية تعلقت بخيوط في مقبض خشبي ، حذاؤك الذي مد لسانا لاهثا مختنقا برائحة قدميك ، حتى محفظتك المليئة بالأوراق النقدية ، كانت تضج من انحباسها في جيبك .
لم أكن أملك يومها الرفض ، أجبرت على أن أصمت و أن لا أقول .. لا ، ولكني لم أقل
نعم .. حين وقعت صك ملكيتي ..
أنظر حولي ، أهرب بعيني من النظر إليك ، من وراء كتفك لمحتها ، تضم طفلا إلى صدرها ، يدي تمتد إلى أحشائي الخاوية أتحسسها ، أرض بور ، ما امتد بها جذر لينمو ، تزداد تقلصات معدتي ..
احمل حقيبتي ، أخرج منديلا ، أجفف به رذاذ كلماتك ، يشمئز .. يطير محلقا مع النسمات مبتعدا ، تلاحقه النظرات الشاردة حسدا .
رعشة خوف تصيبني و يدك تسحبني من شرودي .. أنقاد متعثرة بأفكاري ..
في هذه اللحظة ؛ أقولها لك ..
ـ لا .. ما عدت تملكني .