إجاباتي على نائح الحب
صديقي العزيز / مأمون المغازي (نائح الحب )
التحيات الطيبات
أما بعد ....
سرت معك هنا بنصك (بأي عين تراها) أتخلل عيون المحبين ، لأرى وجهي المنعكس على بؤرة عينيها حتى أنه أعلمني بوجهها المطبوع بمرآة عيني ، فطرت بشظايا الفرح المخفوق بدمائي فوق دنيا مخلوطة ببياض أسود قاتم يزغرد في نفسي ؛ فيبعث وسائط من دقات القلب لعقل ألف الحب لكنه لا يعرف مذاقه خارج حدود الجسد .
أتعلم يا نائح الحب كيف أراها ؟
أراها من خلال الأمكنة المحيطة بدوامات غربتي المستميتة في صمت غائر ، ومن من خلال أشيائها المترنمة بذاكرتي الحبيسة عليها فبت أعاني من غراب البين الذي لم يقصدني يوماً ليزيح بيني وبينها مساحات بعيدة ، وأجواء متربة بشمس خادعة لا تضيء ولا تشرق على أرض المعاد ، لكنها غمائم وسحب عقيمة بلا ماء ، ننتظر منها كما نتوهم ماء عذباً رائقاً بعملات ذهبية خالصة تحجرت عليها أصابعنا ، فصارت مغلولة إلى أعناقنا ، لنخسر ما تبقى لنا من ذكريات آتية مع يوم مضى ، أراها يا نائح الحب بعين لعبها المنتشرة في منزل الغربة ، تحدثني وأحدثها ليلاً دون ملل أو كلل ، و من خلال ما تركته لي من أطعمة جاهزة بثلاجة معدتي الخاوية إلا من فتاتها الباقية المطبوخة بدمع الفراق ، ومقاومة النسيان الواجم الآتي بعد غياب طال ، أكرر عليها من هنا إلى هناك كلمات من حب دفين بمقبرة غربية بواد الملكات ليخاطب مقابر واد الملوك فتبعث أرواحاً طازجة ، لتنهض شابة عتية ، لا تعرف معاني الفقدان او الفناء ، ربما أخاف أن أقولها فتوشي بي أشياؤها عندها ، لكني يا نائح الحب أحبها ولا أخشى أن أقولها وهي التي انطوت على حنيني الحبيبة ، وقلبي الغائب بين جذور نخيل أصيل يمتد إليها عبر صحار ، وبحار مالحة ، ليرتشف عبق النقاء من غياهب مراكز الأرض العميقة ، فتمتد بيننا أغصان خضراء ورافة ، نعم أراها من خلال لعبها ومكعباتها ، ودبدوبها المحبب ، الذي كنت أغار منه فانهال عليه ضرباً لأنه يزاحمني منامي ، أو انه يفرق بيني وبينها بليال ظلماء من غضب مدلل ، اليوم أمشط له شعره وأهندم ملابسه ن وأتحدث إليه ، وأقبله كل صباح ، أراها من خلال صورها المرسومة على الجداران ، وديكوراتها التي تخيرتها بعناية لتتناسب مع حياتنا الزرقاء ، ولم أعي انه لون السماء إلا بعد أن أغلق على باب بوحدة جدباء ، أراها في الأسواق ، بين البائعين ، وخلف (فتارين ) الملابس ، أراها على ممشى البحر الطويل بحديث وحيد عند احتضار النهار زوجة تشرق كل يوم ، أراها يا سيدي بعين الذكريات المحفورة على جباه الأماكن والأشياء والأطعمة ، بعين القلب المشتاق، أحبها يا نائح الحب ولا أخشي الحاسدين ، أو الوشاة المتطفلين ، أحبها ...و اليوم أواعدك على مقهى سمرنا لترى أن هذه الكلمة طبعتها أشياؤها بأعلى جبهتي ، لتجفف عبرة ساخنة سفكتها العين لتسيل دماؤها على الجبين.
محمد سامي البوهي
الكويت : 30/5/2007