أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: ذات الطباع الغامضة

  1. #1
    الصورة الرمزية سعيدة لاشكر قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Jul 2007
    المشاركات : 106
    المواضيع : 43
    الردود : 106
    المعدل اليومي : 0.02

    افتراضي ذات الطباع الغامضة

    ذات الطباع الغامضة



    هي الآن صديقتي الحميمة, تعرفت عليها اتر حدوت مشاجرة في المدرسة, مشاجرة حادة بين أستاد وأحد التلاميد, الكل واجم وصامت, إلا هي كانت تضحك وتضحك بدأت العيوت تلتفت إليها وتؤنبها بشدة ولأنها كانت قريبة مني أمسكت بمعصمها وأبعدتها قليلا عن ذلك الجو المكهرب, جلسنا على أحد الكراسي وسألتها هذا السؤال الطبيعي :
    - لماذا تضحكين؟
    أجابت والضحك لا يفارق محياها:
    - ولماذا لا أضحك؟
    رددت:
    - لكن الضحك له أوقاته وأسبابه ومثل هذه المناسبة أي المشاجرة ليست أبدا سبب للضحك.
    نهضت عن الكرسي ضاحكة:
    - ومن نحن حتى نضع أسبابا للضحك ونسعى لنحد ونقنن الضحك من نحن حتى نعبس في الوجوه ونطلب من الذي يضحك أن يكف عن الضحك؟
    استغربت حالتها هذه أهي طبيعية, أم أن بها خطبا ما, تركتها لشأنها ورحت لحال سبيلي,
    بعدها وفي كل مرة أراها أجدها تضحك فقلت في نفسي ما بال هذه الشابة أتراها خالية من أي هم في الحياة لتغمر هكذا في الضحك؟ فأردت أن أعرف السبب لعل الضحك يجد طريقه إلي أيضا, لذى بدأت أتقرب إليها أسير معها, أجلس معها, أستفسر منها , لكني دائما لا أظفر بشيء, لكن ما استغربته أكثر أني سرعان ما ألفتها سرعان ما دخلت قلبي وتربعت على عرشه في كل مرة أتذكرها يأتي وجهها البشوش أمام عيني, فينتابني السرور ويسترعيني الحنين لمجالستها ولو أني رأيتها بالأمس فقط .
    هكذا أصبحنا صديقتين مقربتين وفي كثير من الأحيان حين أكون حزينة أو مستاءة من شيء ما أو كارهة التحدت إلى أحد تأتي إلي بوجهها الجميل وتجلس بجانبي, أحدرها من أني في هذه الأتناء لست بصحبة جيدة لأحد, لكنها رغم ذلك تجلس وتتجادب معي رغما عني أطراف الحديت, لا أدري لكنها تملك طريقة خاصة في التخفيف عن الإنسان وحفظت عن ظهر قلب كلماتها المأتورة: " ما جدوى الحياة بدون ضحك؟ ماذا سينوبنا منها في كل الأحوال؟ ماذا ستستفيدين من انغماسك في الأحزان, لن تستفيدي سوى الألم والمرض وكبرك قبل الآوان؟ انفتي عنك الآحزان والهموم وعيشي بسلام افتحي دراعيك للإبتسام والسرور وعيشي بقلبك السليم المليء بحب كل الناس."
    بهذه الكلمات وأكثر كانت تزيح عني أتقالا ولا تتركني إلا حين تغتصب من بين شفتي ابتسامة واسعة, لا وليس هذا فقط بل و تشترط فيها أن تكون صادقة وفعلا دوما تكون صادقة.

    بهذه الوتيرة مرت الأيام وتعرفت إليها أكثر وأحببتها أكثرولا أذكر أني رأيت وجهها خالي من البسمة إلا في يوم واحد,
    حينها أذكر أني سألتها عن بيتها عن والدها ووالدتها كانت أول مرة أذكرهما وما كدت أنتهي من سؤالي حتى أرى ابتسامتها تختفي وملامحها تظطرب, استغربت بحتت بين كلماتي لعلي قلت شيئا خاطئا لكن لم أجد, وبعد لحظات استأدنت بالإنصراف لمشوار ضروري فتركتني وانصرفت, ورحت مجددا أبحث ماذا قلت لها لتتصرف هكذا فكرت قليلا وما لبتت أن قلت في نفسي يالي من غبية ربما والديها توفيا وأنا قلبت عليها المواجع بذكرهما حسنا لابد أن أعتدر لها في الغد.

    في الصباح كنت جالسة في الساحة الواسعة للمدرسة أتصفح أحد الكتب فإذا بي أسمع صوتها ورائي وهي تقول:
    - مرحبا إيمان آسفة جدا لأني تركتك أمس بتلك الطريقة
    التفت إليها مبتسمة:
    - مرحبا تعالي واجلسي و لا داعي للأسف فأنا من يجب أن يعتدر منك
    - وعلى ماذا ستعتدرين؟
    - لا أدري ربما لأني تدخلت في شيء لم يكن علي التدخل فيه,
    - هذا ليس ذنبك فسيأتي يوم لا محالة تسأليني فيه وأسألك لكني لن أنتظر هذا اليوم بل سأحكي لك الآن سأحكي لك لأنك الوحيدة الصادقة في حياتي,

    كانت هذه المرة الأولى التي أراها هكذا لا تعرف أتبتسم أم تخفي الإبتسام أتركز عينيها في عيني أم تزيغ بهما في الفضاء تركتها تتحدت وأنا أنصت باهتمام,
    أكملت:
    - سألتني أمس عن والدي فقلبت علي المواجع التي أحاول أن أنساها, ربما ستظنين أنهما توفيا أو بعيدين عني, لكن لا عزيزتي هما قربي معي وتأكدي أن أقسى بعد حين يكون الشخص قريبا منك يجلس بقربك وفي نفس الوقت بعيد تفصل بينكما أميال لا يمكن قطعها أو التخفيف من مسافتها.
    قبل مذة لم أعد أذكر أهي قصيرة أم طويلة عشت حياة سعيدة في ظل والدي أمرح أتسلى وأغترف من حبهما وحنانهما الكبيرين, لكن هذا لم يدم طويلا, ففي يوم من الأيام انفصلا عن بعضهما ومن هذه النقطة بدأت سلسلة عذابي التي لا تنتهي, تزوجت أمي أنجبت وكونت أسرتها ثم وكذلك فعل أبي تزوج أيضا وكون أسرته وأنا كنت الصدع بينهما لا أنتمي إلى أي أسرة, أمضي فثرة عند أمي فلا أعامل جيدا, دائما أحس أني مجرد دخيلة زوج أمي لا يطيقني وأمي محتارة في أي صف تكون, أتكون في صف الظالم أم المظلوم ودوما وكانت تكون في صفه فمن لها غيره وان انحازت إلي فستخلق المشاكل لنفسها فماذا تفعل؟ تتوسل إلي أن أذهب لأبي وأمضي فثرة لديه وهكذا أفعل فأجد نفس المعاملة وأكثر زوجه أبي تحقد علي وتكرهني وتخلق الشجارات لتبعدني وتلقي اللوم علي في كل شيء وأبي المسكين واقف مكتوف اليدين لا يحرك ساكنا ويأمل أن أعود من حيث أتيت لتنتهي الخلافات والشجارات وأظل أنا دخيلة معذبة وحيدة وغير مرغوب في وجودي في أي مكان, لا أعرف إلى أين أذهب وإلى من ألجأ ومع من أتحدت لكن سرعان ما وجدت متنفسا صغيرا ألا وهو النسيان أن أنسى وأعيش كما لو كنت سعيدة ما إن أخرج من البيت حتى أرغم نفسي على الإبتسام والتغاضي عن كل شيء وأوهم نفسي أني بخير فألفت كل هذا وأصبح جزءا من حياتي
    بعد أن انتهت نظرت إلي تحاول قراءة أفكاري عبر نظراتي
    وقالت:
    - إذن ما رأيك في كل هذا عزيزتي إيمان
    أجبت بشيء من التردد:
    - وفعلا صدقتك لم أكن أتصور أن تكون خلفيتك هكذا لكن لا عليك ففي يوم بحول الله ستستقلين وتعيشين الحياة التي تريدينها
    - نعم كل هذا كلام وفرق شاسع بين الكلام والفعل

    وبعد حوار بسيط ودعتني وودعتها
    سرت خطوات وأنا أفكر فعلا حياتها جحيم لكن هل فعلت الصواب بخلق حياة وهمية لنفسها تكون فيها في قمة السعادة هل حققت مرادها بهروب مؤقت من واقع مرير هل الحل أن تضحك وتمرح وتترك الهموم والمآسي والأحزان أم أنه بداية مشاكل أعمق لا أدري ولم أعد أريد أن أدري.

  2. #2
    أديب
    تاريخ التسجيل : Apr 2006
    المشاركات : 9,079
    المواضيع : 101
    الردود : 9079
    المعدل اليومي : 1.38

    افتراضي

    العزيزة سعيدة..

    ذات الطباع الغامضة.. نص زاخر بالصور الآسرة غارق في فضاء اللغة الإبداعية الواضحة السلسة.. التي تكمل الرؤية الفنية.. الحركة الداخلية المتنامية للشخصية.. والتي تتوازى مع حركة خارجية تتغير فيها الأمكنة والوجوه جسدت نموا دراميا متراكبا مميزا للنص.. تبدأ الشخصية في إماطة الخيوط المتشابكة التي تقيد أعماقه لنجده في النهاية يبحث عن الخلاص عبر أجنحة مثقلة بالضوء نحو حرية ينشدها .. انعتاق .. من تلك الهواجس الحياتية التي تعيق سير الحياة الانسانية بكل اشكالها واصنافها..فالغموض هنا ليس في حد ذاته غموضا مستعصيا بقدر ما هو غموض دلالي ذا مدلولات مكثفة من حيث الرؤية الحياتية الناضجة.. وقد اعجبني كثيرا التناسق الرائع بين الفكرة..والتصوير..حيث اظهرت هنا امكانيات بارعة في التحكم بالبناء السردي..وكانت النهاية على قدرة عالية من الذكاء لكونها تبقي المتلقي على ارتباط بالحدث.. لكون انهاء اللعمل بالسؤال.يجعل المتلقي يعيش الحالة حتى بعد خروجه من النص.
    ربما وجدت بعض الزلات الكيبوردية...عذرا
    دمت بألق
    محبتي لك
    جوتيار

  3. #3
    الصورة الرمزية سعيدة لاشكر قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Jul 2007
    المشاركات : 106
    المواضيع : 43
    الردود : 106
    المعدل اليومي : 0.02

    افتراضي

    جوتيار

    أشكر تقييمك الشامل

    وكلماتك

    سرني مرورك كل السرور

    دمت بخير

    مع تحياتي العميقة

  4. #4
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.70

    افتراضي

    نص قصي حلو الفكرة زاخر بالتفاعلات الحسية والحدثية مع مشهدية نشطة الحركة

    دمديبتنا بخير

    تحاياي
    تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

  5. #5
    الصورة الرمزية ياسر ميمو أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2011
    المشاركات : 1,269
    المواضيع : 90
    الردود : 1269
    المعدل اليومي : 0.27

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سعيدة لاشكر مشاهدة المشاركة
    ذات الطباع الغامضة



    سرت خطوات وأنا أفكر فعلا حياتها جحيم لكن هل فعلت الصواب بخلق حياة وهمية لنفسها تكون فيها في قمة السعادة هل حققت مرادها بهروب مؤقت من واقع مرير هل الحل أن تضحك وتمرح وتترك الهموم والمآسي والأحزان أم أنه بداية مشاكل أعمق لا أدري ولم أعد أريد أن أدري.



    السلام عليكم

    تحية عربية للأستاذة سعيدة

    يحدث أن نلتقي بشخصيات كبطلة قصتك

    مودتي وتقديري لشخصك النبيل

  6. #6
    الصورة الرمزية آمال المصري عضو الإدارة العليا
    أمينة سر الإدارة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Jul 2008
    الدولة : Egypt
    المشاركات : 23,787
    المواضيع : 392
    الردود : 23787
    المعدل اليومي : 4.13

    افتراضي

    رجعت بي لأيام لاتُنسى وشخصيات لن تنمحي من الذاكرة بوجوهها الباسمة المتفائلة وحين النبش في دفاترهم نجدهم أتعس البشر
    ولكن يخلقون لأنفسهم أجواء تتسع لذواتهم التي ضاقت بها دنياهم
    نص رائع فكرة ومضمونا وسردا
    ولكن شاب النص بعض هنات وخلط بين بعض الحروف كالثاء بالتاء ... والذال بالدال ..
    بوركت واليراع
    ومرحبا بك في واحتك
    تحاياي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  7. #7
    الصورة الرمزية نداء غريب صبري شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jul 2010
    الدولة : الشام
    المشاركات : 19,096
    المواضيع : 123
    الردود : 19096
    المعدل اليومي : 3.80

    افتراضي

    كثيرا ما نلتقي بشخصيات غريبة
    وقليلا ما يصبحون أصقاء لنا لأن الإنسان لا يرتاح للشخص الغريب الطباع

    قصتك جميلة أختي سعيدة

    شكرا لك

    بوركت

المواضيع المتشابهه

  1. المساحة الغامضة
    بواسطة سعد عطية الساعدي في المنتدى التَّفكِيرُ والفَلسَفةُ
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 18-02-2016, 02:11 AM
  2. الطّباع لا تتغيّر بالصدمات
    بواسطة باسم عبدالله الجرفالي في المنتدى الحِوَارُ المَعْرِفِي
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 30-09-2011, 02:14 AM
  3. عوالم " ربما" الغامضة
    بواسطة مازن دويكات في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 23-03-2010, 10:45 PM
  4. لئيم الطباع-لابن الرومي
    بواسطة مصطفى بطحيش في المنتدى الاسْترَاحَةُ
    مشاركات: 17
    آخر مشاركة: 25-12-2005, 05:20 PM