المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبير محمد الحمد
.
حياكم الله يا سيدي.. ثم مالكم تكأكأتم عليَّ كـَ تكأكُئِكُم على ذي جِنة؟
أنا لم أحسم شيئًا ولم أقطع بصحة دعواي, بل قلت : اسمحوا لي بمخالفتكم والأمر وجهة نظر ليسَ غير!
وأما قصة عبد الله بن إسحاق مع الفرزدق فهي –والله- التي بخاطري إلا أني لم أجد حاجةً للتفصيل, لأن الشاهدَ كان في كلام الفرزدق الذي نقلتُه بالمعنى على وجهٍ لم يُبدِّل حقًا بباطل.
ومع ذلك ..
أعتذر لعدمِ تحرِّيَّ الدقةَ في النقل حرفيًا والإشارةِ للمصدر .. فالمعذرة.
.
.
ثم يا أستاذي ألا ترى أننا لا نختلفُ كثيرًا في الموضوع إلا من حيثُ اعتباري الترحمَ والندبةَ والاستغاثةَ وخلافها في عرف النحاة (معانيَ) تتأثر بـها القواعد النحوية
(بالنظر لها كعوامل معنوية صِرفة) فيجعلون منها تخريجاتٍ لما خالف أقيستَهم / ثم إذا رأوها كثيرةً بحيث تشكّل (ظاهرة نحوية) قعَّدوا لها قاعدة وأخرجوها من دائرة الضرورة والشذوذ والقلة, على حين تسميها أنت (مشاعر) يتأثر بها الحكم النحوي ويراعيها ويرتبط بها.
فلا خلاف حول ارتباط النحو بالـ (معاني) وتغيُّرِ مناحيه تبعًا لها, نحن نختلف في التسمية فقط.
ومازلت متمسكةً برأيي ..
لأني أرى هذه التسميةَ غيرَ علميةٍ ولا دقيقة بحيثُ يقال فيها:
(النحو علم يرتبط بالمشاعر) بهذه الصياغة.
فإن سأل سائلٌ : كيف؟ ثم أجبناه بالذي رميتم إليه..
أفلا يحقُ له أن يعترض بالذي اعترضتُ به أنا؟
حتى في سؤالكم عن الندبة سترى أن النحاة - وإن ذكروا في كتبهم معناها اللغويَّ المرتبطَ بالحالة الشعورية (التفجُّع)- يتعاملون معها على أنها (صوت/ حرف/ ظاهرة لغوية / نوع من النداء)
ولأن النحوَ مرتبطٌ بالمعاني لا المشاعر (وأركّز على هذا) سموها ندبةً حينَ كان الحرفُ الذي تتم به مختلفًا عن حرف النداء الذي يراد به الاستدعاء, فالرجل
أبدًا لا ينادي آخرَ بـِ (وافلان) أو (يافلاناه) ليستدعيَهُ.
ولو كان سائغًا توحُّدُ الاستعمال في النداء والندبة معًا لسمَّوْهُ نداءً ولم يَعْنِ لهم -بحال من الأحوال- شعورُ التفجع أيَّ معنًى يستوقفهم أو يدعوهم للتبويب والتفصيل !
ثم إن المستقصي لكتب النحاة سيجدهم يُعنَون بتبيان المعاني الدقيقة لأشياء كثيرة لا علاقة لها بالشعور كحروف المعاني مثلاً
فهل نقول إن معانيَها مرتبطة بالمشاعر ولهذا اعتنوا بها؟
طيّب.. ما رأيك بالأصوات فوقَ التركيبية ودلالاتِها الشعورية (الاحتقار / الاستهزاء/ التعجب/ الأسى/ الإحباط..وغيرها)؟؟
لماذا لم يلتفت لها علم النحو إن كان يُعنى بالشعور؟
إنها ظواهر صوتية منطوقة/ والنحو يُعنى بالمنطوق..
واللغة دُرِسَت مسموعةً قبلَ أن تُكتَبْ .. فلماذا لم يعتنِ بها مادام يراعي المشاعر؟
ببساطة : إنه لم يلتفت لها لأنها (لا) تؤثر أبدًا في الحالات الإعرابية للمفردة داخل السياق, ولا تُطرِئُ أيَّ تغيير على الصياغات اللغوية.
مازلت أؤمن بأن النحاة لا يلتفتون لهذه الأمور إلا من حيث هي مؤثرات لغوية..
(لغوية بحتة)
.
.
أستاذ مصطفى / أنا لم أفكر أبدًا في الإلزام برأيي أو ادعاء الصواب لنفسي
ولست ممن يُعرضون عن الحق لأحسمَ أمرًا يسوغ فيه النقاش والاختلاف
فلا تظنن بي غير ذلك بارك الله خُطاك ..
وأدام الود يا كريم
.
.