أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: التعليم بين الإرسال والاستقبال الحضاري

  1. #1
    قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Jul 2008
    العمر : 37
    المشاركات : 23
    المواضيع : 15
    الردود : 23
    المعدل اليومي : 0.00

    افتراضي التعليم بين الإرسال والاستقبال الحضاري

    محمد الطاهري

    كتب الأستاذ جودت سعيد عن أسباب انحطاط المسلمين فعنون كتابا قيما له بالآية الكريمة"حتى يغيروا ما بأنفسهم"،كان جودت حفظه الله يدرك يقينا أن ما أصاب المسلمين لم يكن ليخطأهم لولا أن الأمة خرجت عن سنن وقوانين التغيير التي حملتها الآية المذكورة.
    على نفس الوزان يمكن أن نقول أن ما أصاب الأمة في جانب التعليم لم يكن ليصيبها لولا أنها خرجت عن منهج العالمية الذي رسمته أول آية ربطت السماء بالأرض في قوله تعالى:"إقرأ باسم ربك الذي خلق". فالقراءة مقرونة بالربانية هي وحدها الكفيلة بالعودة بالأمة إلى مرتبة الشهود الحضاري.
    لا أحتاج في هذا الصدد أن أستعرض لفضل القراءة على الأمة، ولكني سأكتفي بتلك الجملة التي يحفظه كبيرنا وصغيرنا معا، وهي لمالك ابن نبي رحمه الله، قال:"الأمة التي لا تقرأ تموت قبل أوانها".
    إن واقعنا المشهود ينذر بالخطر ما لم نأخذ "الكتاب بقوة"، وعليه فإن هذا الموقع الشاهد الذي كانت فيه الأمة إنما كان بسنن وقوانين لا تتغيير إلا بفقهها. وعدم فهمنا واستيعابنا لهذه السنن قد يعرضنا لا قدر الله إلى الموت قبل الأوان.
    إن أولى أسباب هذا الدنو الذي يعرفه موقع التعليم في البلاد راجع إلى فشل المؤسسة التعليمية في تخريج الأقوياء الأمناء، وبداية هذا التراجع إنما تعود إلى سنوات الإستعمار"فالمرحلة الاستعمارية لم تراجع حق المراجعة حتى الساعة،ما راجعها "الأدب" فأنتج القصص والمسرحيات التي تجلي بطولات البادية والمدينة،وما راجعها" البحث العلمي" فكشف الخفايا في الزوايا وفي غير الزوايا..إن المرحلة الاستعمارية يجب أن تحاكم من قبل أبناء الأمة الحقيقيين الذين يمثلون الاستمرار الطبيعي للأمة".
    عندما نتحدث عن تأثير الإستعمار فيما أصاب التعليم فإننا لا نغفل بالموازات خطر ما يسمى بالعولمة، فالإعلام كآلية من بين الآليات التي تشتغل بها العولمة تصنع هي الأخرى الإنسان وفق مقاييس يضعها كبار المنظرين في الغرب.يكفي أن نشير في هذا الصدد أن الرئيس المنتهية ولايته أراد أن يضع إصلاحا في الإعلام الأمريكي فأشاروا عليه بأن الأمر يحتاج إلى عشر آلاف فيلسوف.
    إذا كان الأمر كما عرضنا له أعلاه فما السبيل إلى العودة بالتعليم إلى مرتبة "الإرسال الحضاري"؟ السؤال في طياته يحمل نصف الجواب ف"الإرسال الحضاري" يقابله "الاستهلاك الحضاري" وهذا ما نحن عليه اليوم. يمكن أن ضرب هاهنا مثلا بالزعيم غاندي الذي حارب انجلترا اقتصاديا،أي بالمقاطعة، فنحن نقول أن "إسرائيل" دولة معادية .... ولكننا "إسرائيليون" عملا، كيف لا ونحن نستهلك بضائعهم؟ سؤال أنقله إلى مجال عرضنا لأستدل به على أن كثيرا من برامجنا التعليمية أغلبها"لا وطنية"و"لا إسلامية"ونحن بدعوتنا إلى إصلاح التعليم إنما نناقض أنفسنا بغير العودة إلى الأصل.
    أعود وأقول بأن القراءة بغير إسم الله هي التي أنتجت لنا الغش في الامتحان،هي التي أنتجت لنا استهلاك المخدرات أمام المؤسسات التعليمية في الإعدادي والثانوي هي التي جعلت معلمنا وأستاذنا يبيع النقط في مقابل الحصول على جسد ابنته التلميذة او الطالبة... وغير هذا من المصائب النتنة التي تزيد فحولة كثير.
    قديما قال الشاعر"قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا"لقد قال شوقي هذا الكلام وهو يدرك أن بعث الأمة يحتاج إلى رسول"هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وان كانوا من قبل لفي ضلال مبين"فبغير هذه الوظائف لا يمكن بحال من الأحوال أن نتحدث عن إصلاح للتعليم او ما شابه.

  2. #2
    الصورة الرمزية د. نجلاء طمان أديبة وناقدة
    تاريخ التسجيل : Mar 2007
    الدولة : في عالمٍ آخر... لا أستطيع التعبير عنه
    المشاركات : 4,224
    المواضيع : 71
    الردود : 4224
    المعدل اليومي : 0.67

    افتراضي

    "فالمرحلة الاستعمارية لم تراجع حق المراجعة حتى الساعة،ما راجعها "الأدب" فأنتج القصص والمسرحيات التي تجلي بطولات البادية والمدينة،وما راجعها" البحث العلمي" فكشف الخفايا في الزوايا وفي غير الزوايا..إن المرحلة الاستعمارية يجب أن تحاكم من قبل أبناء الأمة الحقيقيين الذين يمثلون الاستمرار الطبيعي للأمة".
    ...

    إن المرحلة الاستعمارية كانت تركز على إلغاء الشخصية ودحض التفكير والتفكر, أما المرحلة الاستعمارية الناتجة الآن من قلب الأمة, ومن قلب المصلحة المادية والفردية لهي أبشع وأخطر.

    شكرًا لهذا المقال الثرِّ

    تقديري
    الناس أمواتٌ نيامٌ.. إذا ماتوا انتبهوا !!!

  3. #3
    قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Jan 2009
    المشاركات : 13
    المواضيع : 4
    الردود : 13
    المعدل اليومي : 0.00

    افتراضي

    بسم الله الرحمن الرحيم

    بارك الله فيكم أخي طارق ملاح ود.نجلاءعلى هذا الموضوع الجيد فأمر التربية والتعليم جد خطير ويمس الأمة في فلذات أكبادها وثقافتها .
    فالمتمعن في أحوال البلاد الإسلامية على اختلاف أمكنتها وأقطارها ، يلاحظ ويدرك ما تعانيه هذه البلاد من مشاكل سياسية واقتصادية وثقافية واجتماعية عديدة ، وإذا ما تعمق في هذه المشاكل ، فإنه يجد إنها على الرغم من تعددها وتنوعها ترجع إلى أسباب رئيسية وأساسية ، يأتي في مقدمتها تخلى المسلمين عن التطبيق الكامل السليم لأحكام دينهم في كافة شؤون حياتهم ، ثم ضعفهم الفكري والتربوي في حاضر حياتهم ، فهم ما وقعوا فيما وقعوا فيه من مشاكل وتأخر إلا بعد أن انسلخوا عن أحكام دينهم وأهملوا ما فيه من معاني القوة والعزة، من دعوة إلى الإسلام والعلم النافع والعمل الصالح والجهاد في سبيل الله ، وبعد الضعف الفكري الذي طرأ على أذهان المسلمين في فهم الإسلام وإهمالهم طريقة الإسلام في التربية والتعليم، وأصبحوا مقلدين لغيرهم في كافة أنظمة حياتهم ( السياسية، والاقتصادية، والتشريعية، والتعليمية……) يطبقون نظاما غريباً عن قيم مجتمعهم وثقافتهم الإسلامية الأصيلة ، فأفقدهم هذا التطبيق هويتهم وشخصيتهم المميزة التي كانت لهم إبان عظمة وازدهار الأمة الإسلامية .
    وأدى ذلك إلى فصام واضح بين القيادة الفكرية للأمة والقيادة السياسية وتراجع الطاقة المسلمة، وتمزيق النسيج المسلم، وتدهور الفكر، مما أحاط العقل الإسلامي بمناخ غير نقي وتغذية غير سليمة فجاء خطابه مثقلا بعدد من أوجه القصور والسلبية جعلته قاصراً عن القيام بدوره .
    وبالإشارة إلى أن التربية هي بناء الشخصية ، وبالتالي فالتربية الإسلامية هي بناء الشخصية الإسلامية ، عقلية ونفسية لأبناء الأمة ، وذلك عن طريق غرس الثقافة الإسلامية ، عقيدة وأفكاراً وسلوكاً ، في عقولهم ونفوسهم .
    فدور التربية والتعليم في تنمية الفرد والمجتمع أصبح اليوم من الحقائق المسلم بها بين المربين والاجتماعيين والاقتصاديين والسياسيين ، حيث أصبحت نظرة هؤلاء جميعاً إلى ما يصرف على التربية والتعليم على أنه نوع من الاستثمار والتنمية للموارد البشرية ، الذي لا تقل أهميته في قيمته عن الاستثمارات في تنمية الموارد المادية .
    والمستقرئ لأوضاع التربية والتعليم في البلاد الإسلامية يجد أن النظم التربوية والتعليمية فيها مازالت مشدودة إلى النموذج الغربي أخذاً وتقليداً، وأخطر ما تستعيره أمة من الأمم ، وأشده تشويهاً للذات هو مناهج التربية والتعليم ، فبعد أن أزيلت الدولة الإسلامية من الوجود قام الاستعمار مقامها ، يحكم البلاد العربية مباشرة، ويبسط نفوذه على سائر البلاد الإسلامية، فأخذ يركز أقدامه في كل جزء منها بأساليبه ووسائله الخفية الخبيثة، فوضع مناهج التعليم على أساس فلسفة تربوية ثابتة، وهي وجهه نظره في الحياة التي هي فصل المادة عن الروح وفصل الدين عن الدولة ولم يسمح بجزئيه واحدة أن تخرج عما وضع من مناهج وفرض من برامج ، وبذلك نشأ نظام تعليمي لا ديني يلقن القيم والمفاهيم بالأساليب الغربية ، وسرعان ما أخذت البلاد الإسلامية تغرق بأجيال من الخريجين غالبا ما يكونون على قدر كبير من الجهل بأمور دينهم وتراثهم الإسلامي، لذلك أصبحنا مثقفين ثقافة فاسدة تعلمنا كيف يفكر غيرنا ، وتجعل العجز فينا طبيعيا، لأن فكرنا غير متصل ببيئتنا، وشخصيتنا، وتاريخنا، ولا مستمد من مبدأنا .
    مما يؤكد أن الغرب يستهدف عقولاً وفكراً واتجاهات وميولأً ومعارف ، مما يجعلنا نؤكد أن الغزو العسكري يرافقه غزو فكري وتربوي ، سلاحه الأساسي هو التربية والتعليم بمعناها الواسع الذي يجعل منها تلك العملية المتكاملة الشاملة التي تسعي من خلالها إلى تنمية شخصية الإنسان .
    وهذا الوصف لواقع الأمة والتحديات التي تم التعرض لها، وبيان الخلل والأزمة ، كان من باب التشخيص ورصد مظاهر المرض ليتسنى الاهتداء إلى الصورة السوية والمثلى التي لا بد أن يكون عليها المجتمع والأمة. وعندما تحتقن المواقف التي تمر بها الأمة وتحدد التحديات والمشكلات التي تواجهها ، وعندما يصيب الخلل النظام البنيوي العام. وهي ترى غيرها يواصل قفزاته إلى الأمام، وهي أحياناً تظل مكانها لا تبرحه، وأحياناً أخرى تجد جهودها لا تعينها على تجاوز الفجوة، مما ينعكس على البنى الفرعية للمنظومة المجتمعية الكلية. أو ما يطلق عليه "النظام التربوي"، وليس المقصود بالنظام التربوي المراحل المتدرجة للتعليم، وإنما جملة ما يقع في الدائرة التربوية من تنظيمات ومراحل تعليمية ومؤسسات وأفراد وعاملين وقواعد ومبادئ ومحتوى تعليمي- وهكذا .
    لذلك كله لا بد وأن يقدح علماء ومصلحو ومفكرو الأمة زناد فكرهم عن حقيقة الأزمة بحثاً عن الطريق الذي يعينها على تجاوز أزمتها ومواجهتها بكل اقتدار، والرد على كل التحديات ودفع كيد الخصوم باستئناف الحياة الإسلامية ، وذلك بإيجاد الفكر الإسلامي في الحياة بإرجاع الحياة إليه ، أو رجوع الإسلام للحياة ، باستعمال الإسلام لتدبير شؤون الإنسان والعالم ، ثم لا يقف بها عند هذا الحد بل يساعدها كذلك على أن تصل إلى ما يجعل مكانتها مرموقة بين الأمم. والأمة الإسلامية لا ينبغي أن تقف مكانتها عند حد أن تكون مرموقة، بل لابد أن تحقق وصف الخالق لها بأنها "خير أمة أخرجت للناس". وهذا الوصف ليس وصفاً لحاله موروثة بالفطرة تتسلمه جاهزة ، وإنما هو استحقاق مكتسب ، لا يجيء إلا نتيجة مجاهدة واجتهاد ومكايدة وكد ومثابرة ومصابرة.
    لذلك لابد أن يحرص كل تخطيط جاد ، و كل رؤية جادة للحفاظ على الإسلام وإطاره الفكري والتنظيمي ، والحضارة الإسلامية في امتدادها الزماني والمكاني وتكاملها الموضوعي ، ويحرص التخطيط الجاد على إعداد النشء إعداداً يجعله قادراً على مواجهة التحديات وتحقيق الغاية من وجوده .
    فالتربية الصالحة هي التي تستمد فلسفتها من عقيدة المجتمع ، وتستمد أصولها من مبادئ الإسلام وتعاليمه السامية ومعتقداته المتعلقة بطبيعة الكون والإنسان والحياة والتي تربط بين هذه العناصر جميعاً بعضها ببعض من ناحية وبين خالقها من ناحية أخرى ، وإذا كان المرء منطلقا من القرآن والسنة ، فإنه يستطيع أن يستقصي الخصائص والسمات المميزة للتربية المنشودة ، والتي يمكن أن تمثل الرؤية التربوية لمواجهة التحديات المعاصرة ، والتي يجب أن تكون عليها تربيتنا كمسلمين
    وقد يبدوا من المفارقات أن نطالب بتطبيق التربية على أسس وقواعد الإسلام في البلاد العربية والإسلامية ، ولكن سرعان ما تزول الدهشة حين نعلم أن معظم بلاد العالم الإسلامي قد ابتعدت عن تطبيق شرع الله ، لذلك لا بد من الشروع بالعمل على تطبيق الإسلام كاملاً ، وجعل العقيدة الإسلامية أساساً وحيداً لهذا النظام، ففلسفة التربية الإسلامية جزء من فلسفة الإسلام الكلية عن الكون والإنسان والحياة، وعلاقتها بما قبلها وبما بعدها، وعلاقة ما قبلها بما بعدها، فالتربية بهذا المعنى هي نوع من الهندسة الاجتماعية ، وهذا ما فعله الإسلام من خلال توجهه لإيجاد مجتمع جديد نقيض المجتمع الجاهلي ، والرسالة الإسلامية في مجملها هي رؤية تربوية كاملة تنطلق من أسس وقواعد مختلفة عن أي رؤية تربوية أخرى ، لهذا الغرض طرح الإسلام نفسه نقيضاً غير مساوم للوضع الجاهلي، قال تعالى : ﴿ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ (المائدة:50) .
    فالظرف التي تمر بها الأمة تتطلب فوق اليقظة والنشاط حلولاً غير تقليدية لاستنفار جموع الأمة واستخراج القوى الكامنة في قطاعاتها الشعبية ، باتجاه القضية الأساسية والمصيرية ، فمن أوجب الواجبات على المسلمين ليتغلبوا على مشاكلهم ويستعيدوا مجدهم وقوتهم وعزتهم أن يرجعوا إلى أحكام دينهم ، ويعقدوا العزم على تطبيق أحكام ربهم ، واستئناف حياتهم الإسلامية في شئونهم كافة، بإقامة الخلافة الإسلامية ، التي عرفها الفقهاء بأنها حراسة الدين وسياسة الدنيا به ، ويضعوا نظمهم التربوية والتعليمية على أسس منهجية علمية مدروسة. فمن أهم الضمانات للأمة للمحافظة علي ذاتها وخصوصيتها ، هو أن تكون ثقافتها محفوظة في صدور أبنائها وفي سطور كتبها ، وان تكون للأمة دولة تحكمها وترعى شؤونها وفق ما ينبثق عن عقيدة هذه الثقافة من أحكام وقوانين وتربية وتعليم .

    د.أشرف يوسف

  4. #4
    الصورة الرمزية بابيه أمال أديبة
    تاريخ التسجيل : Apr 2006
    الدولة : هناك.. حيث الفكر يستنشق معاني الحروف !!
    المشاركات : 3,047
    المواضيع : 308
    الردود : 3047
    المعدل اليومي : 0.46

    افتراضي

    سلام الله عليكم..

    لأن قطاع التربية والبحث العلمي كان من أكبر المجالات إهمالا وإغماطا في الحق، فقد كان تأثير ذلك الإهمال واضحا أشد الوضوح على ما تبقى من مجالات الاجتماع والاقتصاد وحتى المجال الديني والسياسي وكل ما يتعلق بالمجتمع من قريب أو بعيد..

    وأول مشكل نجد عند فتح باب التربية، هو مشكل الأمية الذي يعتبر أمر القضاء عليها قضاءا تاما ونهائيا بين كل الشعوب العربية أمرا ضروريا لبقاء هذه الشعوب وعدم اندثارها حية ترزق، وما لم تخطط الدول العربية في فترة محدودة (5 سنوات أو 10 سنوات على الأكثر) دون إبطاء أو تماطل، فإن ركب الحضارة سيبتعد آلاف سنين ضوئية أخرى..

    هذا المشكل يحز في النفس أكثر وأكثر إذا ما نظرنا إلى من سبقونا من أمم إلى مكافحة الأمية المتفشية بين أوساطهم بنسبة أكبر مما لدينا حقيقة، ووقفوا خلال فترات محدودة لا تتجاوز العشر سنوات واستطاعوا مع العزم الأكيد التخلص منها نهائيا..

    ومما يتصل بمكافحة الأمية ولا يقل عنها أهمية تعميم التعليم الإلزامي، وليس سرا أن نسبة كبيرة من أطفالنا ممن هم في سن التعليم الإلزامي لم يروا يوما باب المدرسة، وفي هذا ما فيه من تخليد لأمية العرب..

    وإذا كانت الأمم الحديثة ما زالت ترفع سن التعليم الإلزامي حتى يبلغ الشخص سن الخامسة عشر والسادسة عشر والسابعة عشر، فإن واجب الحكومات العربية أن تعمل على أن لا يحرم من التعليم إنسان.. من هنا وجب القول أن أقل شيء أن يكون العامل المتعلم والفلاح المتعلم ضرورتين لتقدم البلاد واحتلالها مكانا مشرفا بين الأمم المتقدمة..

    والميدان الثاني الذي يجب أن تلعب فيه التربية دورها هو تعليم المرأة.. فعلى الرغم من ارتفاع نسبة التعليم بين النساء العربيات خلال الخمسين سنة الأخيرة، نجد أنه لا زال هناك أخريات قابعات وراء ضباب عدم المعرفة.. ليظهر الفرق كبيرا متى ما قمنا بمقارنة نسبة التعليم بين الإناث والذكور، فيبقى القول أنه آن الآوان ليتاح التعليم لكل فتى وفتاة دون تمييز أو حسابات واهية..

    هناك أمر ثالث غائب تمام الغياب بين الأوساط التربوية ولجانها، وهو مستوى التعليم، والذي نراه قد نما بشكل كبير كما على حساب الكيف ! وما لم يحرص المسؤولين على تقديم نوع تعليم ممتاز، فإن التقدم مساره الفشل ليبقى دائما مصير المستوى التعليمي أقل من مثيله في الدول الأخرى..

    هذا وإن تحدثنا عن خريجي الجامعات العربية، فلن نتحدث إلا بعبرات حسرة تفيد الأسف عن مستواهم الهزيل اليوم مقارنة مع أمثالهم في الجامعات العالمية الأخرى حيث يعتبر هناك التعليم الجامعي امتياز للمتفوقين عقليا وأن كل تشدد في مستوى التعليم الجامعي لديهم لا يمكن إلا أن يعود بالخير الوفير..

    ولأننا اليوم في زمن هوان وتخاذل، مع تآلب القوى علينا وفرضها معارك وحروب في ظروف غير صالحة حيث عدم التكافؤ قائما، فكل يوم يمر إلا ونتأكد أكثر فأكثر أن هذه الحرب المفروضة لم تنته ولن تنته إلا بنصرتنا أو فنائنا عن بكرة أبينا.. من هنا وجب القول أنه لن نستطيع مواجهة أعدائنا خاصة والعالم عامة إلا على أساس العلم والروح العلمية المستمدة أسسهما من شريعة سماوية شملت كل صغيرة وكبيرة..

    شكرا للموضوع الهام والنقاش الثري ودمتم للخير..

  5. #5
    الصورة الرمزية عبدالصمد حسن زيبار مستشار المدير العام
    مفكر وأديب

    تاريخ التسجيل : Aug 2006
    المشاركات : 1,887
    المواضيع : 99
    الردود : 1887
    المعدل اليومي : 0.29

    افتراضي

    لم يكن أمر الله بالقراءة في أول كلمة من كتابه العزيز حدثا عابرا
    بل هو انقلاب في موازين التكوين الحضاري
    إن الانتقال من الثقافة و الحياة الشفهية إلى القراءة و الكتابة و القلم يعد من أعظم التحولات التي صادفت التاريخ المجتمعي البشري اطلاقا
    وهو المدخل الكبير الذي عبر بالعقلية البشرية من الاتباع إلى الاستنان و من الابتداع إلى الابداع

    من هنا تتضح مركزية التعليم و خطورته في إعداد الاجيال أي صناعة الراهن و المستقبل

    الانتقال من طور الدونية و التخلف إلى أطوار السمو و الاستعلاء و العلم و الحق

    وهو قراءة مزدوجة كما خلق الله من كل زوج اثنين

    قراءة في كتاب الله المنشور و في كتابه المسطور

    و الجمع بين القارءتين كفيل باعطاء المنهج للخروج
    تظل جماعات من الأفئدة ترقب صباح الانعتاق,لترسم بسمة الحياة على وجوه استهلكها لون الشحوب و شكلها رسم القطوب ,يعانقها الشوق و يواسيها الأمل.

  6. #6

المواضيع المتشابهه

  1. // قَــيْـد الإرسال //
    بواسطة رياض شلال المحمدي في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 37
    آخر مشاركة: 10-03-2016, 07:10 AM
  2. الحوار الحضاري في عام الوفود
    بواسطة عبدالسلام حسين المحمدي في المنتدى أَنْشِطَةُ وَإِصْدَارَاتُ الأَعْضَاءِ
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 12-04-2015, 10:28 PM
  3. الاسلام وترسيخ ثقافة الحوار الحضاري
    بواسطة وفاء شوكت خضر في المنتدى النَادِى التَّرْبَوِي الاجْتِمَاعِي
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 27-08-2008, 04:43 PM
  4. ما وراء خطورة تصريح الحرسي الساساني نجادي ... العراق التاريخي أم الحضاري
    بواسطة صبـاح الـبـغدادي في المنتدى الحِوَارُ السِّيَاسِيُّ العَرَبِيُّ
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 08-03-2008, 08:50 PM
  5. المشروع الحضاري الاسلامي
    بواسطة قلم رصاص في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 15-12-2004, 01:14 PM