*** رسالة من طفل ***
أنا طفل ، و ليس كل طفل مثلي ،
أنا المشتاق للعطر الحاني من أرضي ،و من السماء.
أنا المنسي ،إلا من وقع السوط الدامي ، يحوم حول الحمى .
إن تسألوني عن ألعاب الحي ،أقول :
إننا لا نعرف من الدمى إلا الدماء
و لا ندري من الكرة ،إلا الكر و الفر ،في الميادين
نحمي حياضنا من أهداف العدى .
و لا نعرف من الضحك إلا قهقهات فوق طفولتنا المغتصبة .
الطفل الذي تعرفونه ليس بيننا ،ألا تروا الشيب الذي امتد في شعرنا؟
ألا تروا تجاعيد الخوف و الجوع على محيانا ؟
لا تسألوني عن دموعي ،هي محفورة في خدي
ملء عيوني ،منذ الفطام القسري، قبل الهناء.
أخبروا كل من يسمعني ،أننا أطفال تكلمنا قبل النطق
بالحروف بلغة الجنائز ،تعلمنا كيف نصوب بالأحجار
و تضمد جرحنا العجائز .
تعودت أجسادنا برد الشتاء و حر الصيف و لفحة النار ،
و احترفنا الصبر حين تسقط أطرافنا فوق لغم أو كمين
و تنفجر الشرايين دما .. دما .
لا، لا تلوموني إذا استغثت بالحجر ،
ما عاد يذكرني الرجال ، لم أجد أوفى من الحجر .
لا تلوموني إن أبيت الموت صاغرا ،
فلا يزال صدري مملوءا بالعنفوان .
إنني طفل من ذلك الزمان ، في هذا الزمان ،في القيد نما.
و بالشوق المخزون في قلب حالم بالنصر ارتوى .
هاذي حياتي في سطور، كلما سطرتها ترد علي كلماتي ها هنا،
و يرجع الصدى ، يبث فيّ العزم يقول:
أيها الطفل الكبير واصل رجولتك ، تباشير الصبح ستُرسَل من راحتيك ،
و كلما رميتَ حجرا ، سقطت عروش الظلام ، وأقبل الصبح إليك بالمنى .