جلسة سمر مع حارس الدجى
قِفاني على باب الدجى ودعاني
أخطّ عليه اسمي بأحمرَ قانِ
وأتلو مزاميرًا إذا انداح رجْعُها
بمحرابه لم يهدإِ الثقلانِ
أهزّ بها قلب الفضاء فتلتوي
زواياه في رَجْفٍ وفي خفَقان ِ
نجوماً وأفلاكاً دهتهنّ سكرةٌ
رمتهنّ في ضربٍ من الهذيان ِ
شواردَ لا يشعرنَ ما الله صانعٌ
بهنّ ولا يحَْلمنَ بالدوَران ِ
يفدّي لهنّ المشتري قهقهاته
وترقص أقمارٌ له بتفانِ
عُطاردُ في أطرافهنّ مُطارَدٌ
تلاحقه الجوزاءُ يا فتَيانِ
ثلاثُ مسناتٍ عجافٌ عواقرٌ
يناشدنه وصلاً وليس بِدانِ
وفي زحلٍ جيشٌ من الصخْرِ صاخبٌ
تراكمَ حتى حشده ُ جبَلانِ
يودّانِ لو تبدو من الأرض نعسة ٌ
ليبتدرا بالرجم والثورانِ
**
ألفّ على جذعي عباءة ناسكٍ
وأمعن في غيب الدجى بجناني
وتأتي شياطين الأسى تستفزني
ملفعةً بالزيت والقطرانِ
فأسحب سيفا من ردائيَ مُصلتا
يبددهم شُعثاً بكل مكانِ
وأجلس وحدي: حارسُ الليل حارسي
يُسطّر ما نهذي به الملَكانِ
**
أنا يا نديمي مولع بغريمةٍ
تكسر رمحي عندها وسناني
إذا مسحتْ وجه الأصيل بشالها
تورّدَ من وجدٍ بها الشفقانِ
إذا غضبتْ واستأسدتْ فهي شعلةٌ
من النار أبغي ضمها بحنانِ
لأنهل من خلجانها في جحيمها
وأخلد فيها ألفَ ألفِ زمانِ
وإن فغمتني فجأة بابتسامها
تحيّر لا يدري الجوابَ لساني
أدافع عنها الجنَّ كيلا تنالها
بسحرٍ، وتَرقي حسنَها الشفتانِ
وأحمل منها في الفؤاد ضغينة
لهذا الذي أبديه من هذيانِ
**
معلقتي تنثال والليل ضاربٌ
عليّ بأوتاد له وِجرانِِ
وهاجستي بالشعر ولهى عنيدةٌ
تطير وما ملت من الطيرانِ
أنا يا نديم الليل لست مقامراً
ولا خضت في بحر الهوى برهانِ
ولم ترمني قوس الردى بسهامها
ولا جال بي في النائبات حصاني
وردتُ حياض الحبّ زرقا مياهه
ونزّهت في هذا الربيع حِصاني
وبتّ على وجهي سنابل شعرها
وعينايَ كالمخمور مغمضتانِ
أصوغ بكفّيّ استدارةَ ثغرها
ومن شفتيها خاتما بِبَناني
ولكنني أخشى من الدهر وثبة
إذا وثبَتْ هُدّتْ لها الكتفانِ
تفيض لأنفاس الوصال مدامعي
فكيف إذا داعي الفراق دعاني
**
الأحد 1/5/1430