بسم الله الرحمن الرحيم
به نستعين
يا قدس يا مسرى النبي المفتدى
سبحان من أسرى بعبده
في هزعة الليل الأخيرة في السماء الدائرة
يمضي به مترفقا
فوق البراق على متون الطائرة
للقبلة الأولى وثالث مسجدٍ
أمَّ النبوة ـ أهلها احتشدوا له ـ
ليؤمهم بالحمد ( أحمد ) في الرِّحَاب الطاهرة
مهد النبوة , مُلْتقى التوحيد من عهد الجدود الغابرة
نادى به موسى وعيسى في إثره
ودعاء إبراهيم من أرسى الحنيفة عاطرة
أهل التُّقَى .. بهم الْتَقَى
في بيعةٍ قُدُسيَّة أقمارها متواترة
حضنوا الهدى مسكاً يضوع على الربا
يُحْيُون أموات الشعوب الحائرة
أسألت أهل التيه إذْ جحدوا الهدى
وأبوا قتال جبابرٍ .. هَوَتِ العزائم خائرة
القاعدون الناكصون بقلب مُعترك الوغى
الْمُرْعدون الناكثون عهودهم بين الورى
عشقوا الدُّنَا .. لم يأْبهوا بالآخرة
نادوا بموسى : ( قُمْ وربك قاتلا )
أبداً نُفارق عيشنا .. هذي التخوت الفاخرة
فجزاهم المولى تبارك شأْنه
بالتيه قفراً : يُذْهب الألباب يُدْمي الخاصرة
وبلاهم بالعجل رباً سَبَّحُوا لِخواره ..
تباً لهم .. بئس القطيع الخاسرة
فقعوا بجهلٍ سُجَّدَا ..
وَتَبَدَّلُوا درب الهداية عَسْجَدا
أمْسُوا أحاديث اللهاة الساخرة
ومضى الزمان تفتقت بين الصخور سنابل
نشرت لواء الطهر في فلك النجوم السادرة
فتفتحت زهر الرُّبَا , وتحلَّقَت في القدس أضواء الريادة زاهرة
داود ينفخ بالتُّقَى مزماره
حضن الهداية فرقدا
يُرْسي شئون الحكم عيناً ساهرة
وعلى الْخُطى يأْتي سليمان الحكيم مُجددا
مرهونة تجري الرياح بأمره
والطير تهوي عنده
والإنس تخدمه , ملوك الجن جُنْده
مُلْكاً سما من ربه
أرْسى القواعد باهرة
يا قدس ـ عفوكِ ـ كيف عاد التيه أظلمتِ الدُّنَا
وعدا عليكِ الظالمون بزحفهم كل دنا
قد خُضْتِ بحر الْيَمِّ أرْبَدَ وجهه
وعَرَكْتِ موج التيه لم تَرْضِ الْخَنا
ما قَرَّ فيكِ التيه يُلْحِف بالْمُنى
ما قَرَّ فيكِ الظالمون تحفهم رِيش الْهَنَا
كلا .. ولا الجبناء فيكِ تَرَبَّعُوا ..
خَفُّوا سراعاً .. كلهم حسبي أنا
يا قدس يا مسرى النبي المفتدى
إرْثُ النبوة والنبوة مُبْتَدَا
عجباً يُناوشك الردى
يغتال عذب الأمنيات وحُلْم مولدكِ السعيد
يُغْـري به ..
مَـدَدٌ تتابع خلفه
أُممٌ تداعتْ ويلنا
من أقصى أقصى الشرق أقصى الغرب وانْحسر المدى قَرُبَ البعيد
في كل وادٍ جحفل
عُرْباً وعُجْماً ضدنا
ركبوا أُتون الموج قد لبسوا الحديد
الأرض ما للأرض ناراً أُلْهِبَتْ
تجتاح دارتنا بألسنةٍ تميد
طوفانها عدى الحدود فلا حدود لسيله
يسبي نجوم الآس في وطني الشهيد
المنبر الزنكي في لَمْحٍ غدا
ناراً تأجج .. بعض طُعْمٍ كالثريد
وشكا الأذان على المآذن حرقة
ما للأفاعي حيث سرنا تلتقفنا بالوصيد
وتزلزل المسرى يئنُّ فؤاده
تُودي به ..
أنفاق أهل البغي تهدم ركنه
تبني على أنقاضه وهماً تشيد
وتهدَّمت دار الأحبة جهرة
قتلوا فِرَاخ الطير في الروض النضيد
جرفوا معالم كل حُسْنٍ مُؤْثل
هتكوا حجاب الطهر لم يرعوا العهود
وأدوا الزهور تخضَّبَتْ حدقاتها
آنى التفت ترى الركام شهادة
تُدْلي شهادتها بما اقترف اليهود
هدموا البيوت وأوغلوا
سيان ما هدموا .. تنامى غيهم
سيان ما قتلوا .. توالى بغيهم
هيهات ما عرفوا الحدود
تكفي شهادتهم فما عرفوا الْحَيَا
وعلى الهواء تنافسوا وتوغلوا بدمائنا ..
نيرون , ليبرمان والحاخام من حشدوا الحشود
فرضوا الحصار وقَطَّعوا أصل الشجر
شهد الحجر
بالبغي قد صدح الجنود
يا قدس من أسرى إليكِ النور يُحْيي أُمـة
بالْعِـزِّ .. أين العـزّ في وطني السليب
( وطن يُباع ويُشْترى )
وتهافت الْغُوَغَاء كل يَدَّعي ـ عجباً ـ نصيب
يا قدس يا وطناً تُباركه السماء رباطه
بابٌ إلى الفردوس والجنات في كنف الحبيب
ربٌّ تبارك في السماء مُـنَزَّهٌ
أعلى الجهاد منـارةُ
وأمارةً للمؤمنين العائدين إليكِ في زَحْفٍ مهيب
الخاشعين المخبتين لربهم
مَنْ أخْلَصُوا الوجدان في ليلٍ إلى الرب المجيب
فتَصَبَّرِي يا قدس ـ عفوكِ ـ واصْبري
فالليل مهما طال يأتي الصبح .. إن الصبح يا قدسٌ قريب