الكبرياء
زهرة خرجت من كمها تواً، بسطت تويجاتها مهدا تتربع عليها نحلات ظمأى إلى رحيق الحب ، وتحوم في سمائها فراشات السعادة ، بألوانها الزاهية ، مبتهجة ، فرحة …* * *
إنها في ربيعها السابع عشر ، تسير وسط الزحام ، لتشق طريق الأمل ، وتحطم إناء الحقد ، وتشرب كأس مرحلة جديدة من مراحل حياتها .
كبرياء الأنثى وجد من صفحة وجهها ساحة يفرض فيها وجوده ، وطغى على ابتسامتها ، وحولها إلى جدول عذب ، ينبع من شفاه الحياة ، يصعب على المرء مناله ، وينساب منه الماء حالماً ، عذباً ، سلسبيلاً .
كبرياؤها جعل منها صورة بعيدة عن متناول أيدي البشر ، فتستعر نظرتها ، وتلظي الأرواح ، وتتحول إلى لهيب يحرق الأنفاس .
كم من روح هامت حولها … كم من نفس دنت منها … وهي في كبريائها تحطم الأماني ، وتزيد من شظى اللهيب المحرق ، فتحولت نظرتها من واقعها إلى عالم الخيال و الحلم ، وأسرفت في كبريائها حتى وصلت إلى قمة الغرور .
إذا قطعت صمت الحياة في حوار معها ، وجدت منهلاً تستسيغ مآقيه ، وتستعذب ماؤه . ولو تركتها في وحدتها ، وجدتها فراشة تتهادى في سماء الرفعة والإنسانية .
لا تتعجل الأماني ، ولا تحث الخطى ، لتصبو إلى إرادة الكبرياء … إنها تنفث السم في طريق عدوها ،كي لا يقترب منها ، وتسير ثابتة الخطى … جريئة … متحدية … لا يضعفها واهي .
وتعود أدراجها إلى سكون الصمت ، لأقطع عليها وحدتها فأجد متناقضات الحياة … تنكر عليها صورتها حديثها ، كما ينكر عليها حديثها صورتها … فلا تتعجب إنها تذهلك إذا تحدثت إليها ، فلا تجد سوى فتاة تشع من عيونها الرقة والحنان ، وتضيء بكلماتها ظلام اليأس ، وتعيد إليك الحياة مثقلة بالأماني التي فقدتها ، وأحرقتها كبرياء النفس ، وعلوها .
لا يمكن أن تذلها الصعاب ، تطعن اليأس بسهم ثاقب ، لتسمو فوق إرادة الجميع ، . جعلوا منها حكاية ، وقصة ، ونعوها بحديثهم ، إذ تخطو حدود الجرأة ، ووضعوها على هاوية الخطيئة ، وتداولوا اسمها ليجعلوها سلوى حديثهم ، اتهموها ولكن لم يجددوا إليها سبيلاً … حنقاً ، وغضباً أشعل في رؤوسهم ثورة الحقد ، وأعادوا الكرة بثوب جديد ، وأسلوب وقح ، وإخراج دنيء ، ولم يأبهوا إلى تقاليدها وعاداتها وأخلاقها.وتطاولوا في جرأتهم ، ليطلقوا في الفضاء زفيراً ، أحرقهم زمناً . وهي ملاكاً يسير على الأرض يقص رؤوس هؤلاء ، ويدعهم في حالة من اليأس بغيضة على نفوسهم ، وقد أذلهم السؤال ، واحتقروا ذاتهم أمام عظمة كبريائها ، وشموخها .
مجموعة مشاعر في سطور***
مذكرات مع الأيام
حماة –14/7/1972 -