أحدث المشاركات
صفحة 1 من 4 1234 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 39

الموضوع: الرّاحلونَ إلينا

  1. #1
    الصورة الرمزية كاملة بدارنه أديبة
    تاريخ التسجيل : Oct 2009
    المشاركات : 9,824
    المواضيع : 195
    الردود : 9824
    المعدل اليومي : 1.85

    افتراضي الرّاحلونَ إلينا

    الرّاحِلون إلينا
    كَمْ هو قاسٍ ذلكَ الشّعورُ الذي تَخْتَرِقُ سِهامُهُ أعماقَنا، وتُمَزِّقُ سَكاكينُهُ أوْصالَنا، وَتَحْتَلُّ تَداعِياتُه أفكارَنا، حينَ التقاطِ الأُذنِ لذَبذَباتِ كَلِمَةِ الرَّحيلِ، واستيعابِ العَقْلِ أنَّ فيه اللّاعودة.
    وَكَمْ يَكونُ أشَدَّ قَسوةً، عندما نرفُضُ تقبّلَ ابتعادِ، ومغادرةِ مَن أحبَبْنا إقامَتَهُ بينَ ظهرانينا؛ رغمَ تملّكِهِ لأحاسيسِنا؛ حيثُ نَأبى الإيمانَ باللاعودةِ، فنُطارِدُهُ؛ أمَلًا أنْ نَبقى مُمسكين بتلابيبِ مشاعِرِنا التي أغدقناها عليه؛ وطمعًا بتجديدِ ما كانَ يمنَحُنا مِن شعورٍ سكَنَ ذواتِنا، وَتَزاوَجَ وَمشاعِرَنا !
    عجيبٌ وغريبٌ ذلكَ الدّفقُ العاطفيُّ الذي ندلقُهُ خلفَ مَنْ رَحلُوا، وكأنّا نأمُرُ ديمةَ مشاعرِنا باللّحاقِ بهم، وإغراقِهِم بمطرِ محبّتِنا؛ كي نُقنعَ دواخلَنا أنَّ عواطِفَهُم نحوَنا لا تزالُ رطبةً، ولن تجفَّ رغمَ عزلِها، وستبقى مثلما عَهدناها، وطامعين بِنَداها ...
    والأغربُ أنّنا نجدّدُ العواطفَ، ونضاعفُ مِن تدفُّقِها نحوَهُم... فها هوَ الموتُ يَخطفُ منّا عزيزًا، ويغيّبُهُ في ساحاتِ الغيبِ؛ لِنشعرَ بعدَ حينٍ أنَّهُ يرحلُ إلينا، وليس عَنّا . فيسكنُنا ونسكنُهُ، ويحتلُّ معظمَ ما يحرّرُهُ العقلُ من أفكارٍ، وجُلَّ ما تفرزُهُ العاطفةُ مِن مشاعِرَ ...
    تُقيّدُ سلاسلُ الفَقدِ كُليّتَنا، فنرغبُ أحيانًا في شدِّها؛ لئلّا تفلتَ منّا، وتُحرّرَ ما قيّدتْهُ؛ رغمَ إدراكِنا أنَّنا نخوضُ غمارَ حربٍ عاطفيّةٍ خاسرةٍ !
    تجفُّ مآقينا ترطيبًا لذِكراهم التي نبغي إبقاءَها حيّةً بدمعِ العطفِ والمحبّةِ، ونحيا بها مُعتزّينَ، وبزرعِها داخلَنا مُتباهينَ...
    ونقضي العمرَ وفراشاتُ أطيافِهِم تحلّقُ فوقَ رؤوسِنا، وصليّاتُ حنينِهِم لا تُبارحُ لسعاتُها جسومَنا، فَتَغدو للجسدِ كاويةً، وللرّوحِ حارقةً... ونعيشُ حالةَ تلبُّسٍ وتقمُّصٍ . ننامُ.. نقومُ.. نصحو.. نغفو.. نصرخُ.. نصمتُ.. نحزنُ.. نفرحُ.. نقسو.. نلينُ.. نتعبُ.. نرتاحُ.. نأبَى.. نرضخُ.. لا تفارقُنا الأطيافُ ولا لَظاها ، ولا نريدُ لها فراقا... ولا ندري لماذا... !
    يفرّقُ الدّهرُ بينَ المحبّينَ، فيرحلُ الحبيبُ جسدًا، وتظلُّ الذّكرى دثارًا يلفُّ جسدَ المُحِبِّ. يعيشُ داخلَهُ ناسجًا من خيوطِهِ بيوتًا محجوبةً عنِ الأعيُنِ، يُسكِنُها عواطِفَهُ القديمةَ بلوعتِها، والجديدةَ بحرقَتِها... ويشدُّهُ أحيانًا؛ ليشعُرَ بالدّفءِ ، وينجُوَ من صقيعِ البردِ العاطفيّ ... ويقضي عمرَهُ تطاردُهُ الذّكرى، فتَراهُ يقعدُ مناجِيًا ما مَضى، وسابحًا في فضاءِ أحلامِ ما انقضى ... ويستفيقُ متأخّرًا حزينًا على ما ضاعَ من أوقاتِهِ سُدى... ومندهشًا من حالِهِ الذي يَرى... فيحرقُ عليهِ الأُرّمَ، ويتمنّى لو هداهُ اللهُ، وسَقاهُ من كأسِ الهُدى، لينسى عذاباتِ مَنْ قَد هَوى.
    التعديل الأخير تم بواسطة كاملة بدارنه ; 22-01-2011 الساعة 07:15 PM

  2. #2
    أديبة
    تاريخ التسجيل : Dec 2009
    المشاركات : 3,601
    المواضيع : 26
    الردود : 3601
    المعدل اليومي : 0.69

    افتراضي

    الأستاذة كاملة بدارنة
    عجيبٌ وغريبٌ ذلكَ الدّفقُ العاطفيُّ الذي ندلقُهُ خلفَ مَنْ رَحلُوا، وكأنّا نأمُرُ ديمةَ مشاعرِنا باللّحاقِ بهم، وإغراقِهِم بمطرِ محبّتِنا؛ كي نُقنعَ دواخلَنا أنَّ عواطِفَهُم نحوَنا لا تزالُ رطبةً، ولن تجفَّ رغمَ عزلِها، وستبقى مثلما عَهدناها، وطامعين بِنَداها .
    قد تكون بقعة فينا تتفاعل بشدة مع الرحيل لتنتج الحنين بغزارة , وتلك من تقودنا للحاق بمنتهى الغرابة
    والأغربُ أنّنا نجدّدُ العواطفَ، ونضاعفُ مِن تدفُّقِها نحوَهُم... فها هوَ الموتُ يَخطفُ منّا عزيزًا، ويغيّبُهُ في ساحاتِ الغيبِ؛ لِنشعرَ بعدَ حينٍ أنَّهُ يرحلُ إلينا، وليس عَنّا . فيسكنُنا ونسكنُهُ، ويحتلُّ معظمَ ما يحرّرُهُ العقلُ من أفكارٍ، وجُلَّ ما تفرزُهُ العاطفةُ مِن مشاعِرَ ...
    تُقيّدُ سلاسلُ الفَقدِ كُليّتَنا، فنرغبُ أحيانًا في شدِّها؛ لئلّا تفلتَ منّا، وتُحرّرَ ما قيّدتْهُ؛ رغمَ إدراكِنا أنَّنا نخوضُ غمارَ حربٍ عاطفيّةٍ خاسرةٍ !
    للعاطفة منطقها فهي تتدفق بغزارة فينا علها تسعف روحنا من التشقق حين جفاف رحيلهم

    قد اجدت الغوص في اعماق النفس
    تقديري الكبير لهذا العمق

  3. #3
    الصورة الرمزية محمد رامي أديب
    تاريخ التسجيل : Dec 2010
    الدولة : سوريا
    المشاركات : 877
    المواضيع : 55
    الردود : 877
    المعدل اليومي : 0.18

    افتراضي

    تزهو تراتيب الحروف ببهاء
    في قول لا يعرف الا البيان
    وحق القول ان ما يغادرنا يبقى في البال
    مهما تبدلت مواسم الأشياء
    يبقى الرحيل صوت نسمعه في كل الأوقات

    ترجمة رائعة أزكت الروح بألق واضح
    سلمت اناملك

    تحيتي

  4. #4
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.70

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة كاملة بدارنه مشاهدة المشاركة
    كَمْ هو قاسٍ ذلكَ الشّعورُ الذي تَخْتَرِقُ سِهامُهُ أعماقَنا، وتُمَزِّقُ سَكاكينُهُ أوْصالَنا، وَتَحْتَلُّ تَداعِياتُه أفكارَنا، حينَ التقاطِ الأُذنِ لذَبذَباتِ كَلِمَةِ الرَّحيلِ، واستيعابِ العَقْلِ أنَّ فيه اللّاعودة.
    ****
    يفرّقُ الدّهرُ بينَ المحبّينَ، فيرحلُ الحبيبُ جسدًا، وتظلُّ الذّكرى دثارًا يلفُّ جسدَ المُحِبِّ. يعيشُ داخلَهُ ناسجًا من خيوطِهِ بيوتًا محجوبةً عنِ الأعيُنِ، يُسكِنُها عواطِفَهُ القديمةَ بلوعتِها، والجديدةَ بحرقَتِها... ويشدُّهُ أحيانًا؛ ليشعُرَ بالدّفءِ ، وينجُوَ من صقيعِ البردِ العاطفيّ ... ويقضي عمرَهُ تطاردُهُ الذّكرى، فتَراهُ يقعدُ مناجِيًا ما مَضى، وسابحًا في فضاءِ أحلامِ ما انقضى ... ويستفيقُ متأخّرًا حزينًا على ما ضاعَ من أوقاتِهِ سُدى... ومندهشًا من حالِهِ الذي يَرى... فيحرقُ عليهِ الأُرّمَ، ويتمنّى لو هداهُ اللهُ، وسَقاهُ من كأسِ الهُدى، لينسى عذاباتِ مَنْ قَد هَوى. [/SIZE]
    يجبأن يتمتع العاقل بدرجة من الوعي يدرك معها استحالة اللقاء
    ويحكم مشاعره وانفعالاته على اساس منها

    نص رائع لغة وسبكا ومضمونا
    مبدعة أنت صديقتي

    سبحان من بالعقل والإبداع كمّلك
    تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

  5. #5
    الصورة الرمزية كاملة بدارنه أديبة
    تاريخ التسجيل : Oct 2009
    المشاركات : 9,824
    المواضيع : 195
    الردود : 9824
    المعدل اليومي : 1.85

    افتراضي

    كلماتك تسيل على الحروف نورا أخت أماني ...

    شكرا لمرورك

    تقديري وتحيّتي

  6. #6
    الصورة الرمزية لمى ناصر أديبة
    تاريخ التسجيل : May 2006
    الدولة : زنبقة الروح
    العمر : 39
    المشاركات : 1,424
    المواضيع : 37
    الردود : 1424
    المعدل اليومي : 0.22

    افتراضي

    كلمات مشرقة رغم ما بها
    من أسى , ذكرى تكتبنا
    فنستمتع بها وبقراءة نبضها
    ندية كطهر الوضوء.
    تتوق الرُّوح إلى أن تكون في مكانٍ أعظم
    تظلُّ تهفو لمسكنها تهفو كثيرا !

  7. #7
    أديبة
    تاريخ التسجيل : Mar 2006
    المشاركات : 261
    المواضيع : 16
    الردود : 261
    المعدل اليومي : 0.04

    افتراضي

    وتبقى مشاعرنا الإنسانية واحدة بالنزف ، بالجرح ، بتدفق المشاعر .
    وتبقى الحروف المنطلقة من أعماق القلوب هي نفسها المتغلغة بأعماقنا نقرأها بلسان الغير .
    صدقتِ غاليتي فهم الراحلون إلينا ، القابعين وسط القلوب وبعمق الروح .
    لمعزوفتك أرق التحايا وأجملها .

  8. #8
    الصورة الرمزية كاملة بدارنه أديبة
    تاريخ التسجيل : Oct 2009
    المشاركات : 9,824
    المواضيع : 195
    الردود : 9824
    المعدل اليومي : 1.85

    افتراضي

    سلم الذّوق الذي يتمتع بالكلمة والفكرة

    الشّكر الجزيل والتّقدير الجليل لك أخي الأستاذ محمد

    تحيّتي

  9. #9
    الصورة الرمزية كاملة بدارنه أديبة
    تاريخ التسجيل : Oct 2009
    المشاركات : 9,824
    المواضيع : 195
    الردود : 9824
    المعدل اليومي : 1.85

    افتراضي

    لو استطاع كلّ إنسان أن يتحكّم بمشاعره وانفعالاته لكان الجميع بألف خير !

    كلماتك تفيض ذوقا وتذوّقا شاعرتنا العزيزة الأخت ربيحة

    لك من الشّكر ما تستحقّين ، ومن عبق زهور بلادي ما ترغبين

    تقديري وتحيّتي

  10. #10
    الصورة الرمزية كاملة بدارنه أديبة
    تاريخ التسجيل : Oct 2009
    المشاركات : 9,824
    المواضيع : 195
    الردود : 9824
    المعدل اليومي : 1.85

    افتراضي

    يقولون : " حلو الأشياء في مرّها" ، ولربّما كان فرح الكلمات في حزنها !

    شكرا لمرورك عزيزتي لمى

    دام لك طهر النّفس والكلمة ...

صفحة 1 من 4 1234 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. عد إلينا يا رسول الحب (استماع)
    بواسطة حسين إبراهيم الشافعي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 22-05-2016, 06:45 PM
  2. عودي إلينا ...
    بواسطة رضا الجنيدي في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 09-03-2010, 11:44 AM
  3. نفرش الأرض ورودا للعائدة إلينا بسلام زاهية الخير ........
    بواسطة وفاء شوكت خضر في المنتدى الروَاقُ
    مشاركات: 13
    آخر مشاركة: 13-06-2006, 10:55 PM
  4. وينضم إلينا أستاذ كبير وشاعر أثير ... لنحتفِ بهذا البدر الساطع
    بواسطة د. سمير العمري في المنتدى الروَاقُ
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 10-05-2005, 09:19 PM
  5. الخريطة النازفة .. رائعة المبدع ياسر أنور تسبقه إلينا
    بواسطة د.جمال مرسي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 12-12-2004, 11:39 PM