إلى سائلتي : ما بك ؟؟؟
عندما وقعْتُ ذاتَ فتنةٍ على أسوارِ بستانِكِ ، لم أكنْ أدركُ أنَّ في طيَّاتِ خضرتِهِ تمتدُّ أذرُعُ الجمالِ، لتُخضِعَ لي كلَّ سطوَتِه ، وتفتحَ لي من أبوابِ ربيعِكِ كلَّ آفاقِ التجلِّي ، وتنتشلَ سقوطي، وتنهضَ بنبضي إلى سطوحِ الشرايين ..
على مسمعِ الرَّبيعِ كانت بواكيرُ صدحي باسمِك .. حاكَيْتُ فيها كلَّ أشكالِ الهديلِ ، وألوانِ ابتهالاتِ الحساسين، ولم تُصغي حينَها.. ربَّما لانشغالِكِ بهدهدةِ أشجانِ النَّواعير، وبتهدئةِ رَوعِ عاصٍ هجرَ ضفَّتيْهِ العاشقون !
لكنَّكِ كنتِ تعلمين .. ففردتِ أجنحةَ الفتنةِ، وضفائرَ الألقِ لتلهبيني شوقًا، وتعبُري من أورِدتي إلى حكايا حمرةِ الجوريِّ، وبياض الياسمين ...
مذ ذاكَ سيِّدتي .. أيقنْتُ أنِّي الذي تزكِّيني جفونُ حلمِكِ كلَّ اكتمالِ بدرٍ، ولستُ ظلًّا لماضٍ أوغلَ في الحرمانِ، ولا نسخةً مشوَّهةً منِّي قبلَ حين !
في كلِّ مشهدٍ من حضورِك المبهرِ .. تهيمُ نشوتي، وتفيضُ أبحُري، وتورقُ أحرُفي .... وتتوالدُ أكوانُ الضِّياء ..
كم أدركتُ في عيونِ مُزْنِكِ تأويلًا مزهرًا للخريفِ ، ومعانيَ مختلفةً لاصفرارِ المحيطِ، بعدَ أن كدْتُ أحتفظُ ببضعِ وريقاتٍ سقطنَ من جذوعِ سنيني ، أذكِّرُ بها غدي ببعضِ محطَّاتِ الذُّبول ..
أعدُكِ بأنِّي لن أتوقَّفَ عن اقترافِ المسيرِ... وإنِّي لأعلَمُ أنَّ رحلةَ الاستغراقِ في نوايا قربِكِ تحتاجُ إلى المزيدِ من الاعتدالِ والصُّمودِ في وجهِ المسافات !
إنْ لم يصلْكِ رسولُ لهفَتي بعدُ .. فابحثي عنِّي فيكِ، لأفسِّرَني من معاجمِ أصبِحتِكِ الطَّافِحةِ بالنَّدى ، فقد أعياني الجرْيُ في دروب ِالأبجدياتِ ، ولم أحظَ بعدُ بأوَّلِ قطرةِ إجابةٍ أقدِّمُها آنَ بوحٍ ... في حضرةِ تساؤلِكِ الكبير !!