قبل عقد من الزمان سمعته - في احد أشرطته - يتحدث عن الكنز المفقود ، ولم أثمن قيمة ذلك الحديث ، ووجدتني أطّــرح حديثه جانبا ، وزعمت أني ملم به ، ومرت أيامي وما نفعني إلمامي بما قال بما يعمق قناعاتي ورسوخها بحقيقة الكنز الغائب في الحقيقة الحاضر على الوهم
.. وجد بي مركب السير في معترك الحياة ليأتي آخر يحدثنيي عن " بلسم الحياة " و " أكسير السعادة"
وصاح بي قائلا :-
هات ما عندك هات .. معي الإيمان يهديني ببحر الظلمات
بلسم الإيمان ينجي مركب والموج آت
هل ترى الإعصار يوما هز شم الراسيات
ووما حرك - هتافه - فيّ ساكنا ، وزعمت أني أعي ما يقول .. وهتف حاد آخر " تعال هنا وقوّ إيمانك " وافعل كيت وكيت
وتشدقت نفسي أن الإيمان يملأ الحشاشة ، ويغمر من القلب البشاشة
ولكن الحقيقة أني ما وجدت للسعادة إكسيرا ، وغدا الهم للقلب أسيرا
.. وتعصف بي عواصف الدهر .. وتنزل المصائب الأقدار كالغيث المدرار .. فوجدتني لا أحسن إلا التمرغ على عتبة الوحدانية وفي محراب الابتهال ، أستدفع الشدة بذي القودة الشديد ، واستجير من الكربة بخالقها
فوجدت الإيمان غير الذي كنت به أتشدق ، ولاحت حقيقته عندي تلك اللحظات وأنا أراه في الحشا يتدفق ، فأيقنت كم كنت عنه في غفلة ورأيته يقينا وهو يخالط بشاشة القلب ، فيستحيل الهمّ قرارا وأمنا
والشدة رخاء وأنسا ورأيت - ساعتها - كأني أطوف في الجنة عيانا ، وأرى طيب مقامها ، والنار عيانا وأرى طيب لأواءها
فياليتها تدوم تلك المشاعر التي إن نزلت تنزل في العام مرة أو مرتين
وأكبرت الصحابي الذي قال لحبيبنا صلى الله عليه وسلم حين سأله " كيف أصبحت يا حارثة "فقال : اصبحت مؤمنا حقا " قال :- " إن لكل شيء حقيقة فما حقيقة إيمانك " فقال :- عزفت نفسي عن الدنيا ، وسهرت الليل ، وأظمأت نهاري وكأني أرى عرش ربي وأرى الجنة والنار " قال :- يا حارثة عرفت فالزم عبد نور الايمان قلبه) *