|
ما أطربَ السمعَ شاعرٌ صَدِحُ |
ولا شَفى وافرٌ ومنسرحُ |
شاخَ المغنّي وخانَه وترٌ |
والعودُ تحت الركامِ مُطّرَحُ |
أرى زماني يخُطُّ خاتمتي |
فكيف عند الختامِ أفتتحُ |
مستنزَفٌ والعروقُ ناضبةٌ |
إلا دمٌ في قيعانِها نزَحُ |
جوّي لبيدٌ عُقمٌ سحائبُه |
هيهاتَ منها المياهُ ترتشِحُ |
باردةٌ ليلتي ولا مطرٌ |
ولا ندىً في الصباحِ منسفِحُ |
كأنما الأفْقُ شاشةٌ لعَميْ |
لا قوسُه زانَها ولا قُزَحُ |
أشيمُ برقاً لها وليس سوى |
خُلّبِه في الأديمِ ينقدحُ |
ألوبُ حول الدِّلاءِ مؤتملاً |
وليس غيرُ الرذاذِ ينتضحُ |
وأرتمي فيه سابحاً بيدي |
وليس غيرُ الهباءِ ينفسحُ |
أسوقُ بيتاً جهدتُ مُحتوِشاً |
ولا يطيعُ السياقَ منكبِحُ |
فرداً يتيماً يحزُّ موئدُه |
وكم يتامى من قبلِه ذُبحوا |
مغتبقٌ والدنانُ خاويةٌ |
ومن بقايا الكؤوسِ مصطبِحُ |
ورُبَّ دَنٍّ فضَضْتُ خاتمَهُ |
عببْتُ والكأسُ منه منطفِحُ |
وأبحرٍ ما فتئتُ أمخُرُها |
إنْ سلَك الساقياتِ مَن سبَحوا |
يبنونَ أكواخَهم بشاطئها |
وكم سمَتْ لي بعُرضِها صُرُحُ |
أروضُ فيها شَرودَ قافيةٍ |
وللسوى في الأليفِ منتدَحُ |
أشتارُ ما شئتُ من كمائمِها |
والخَلقُ بعضَ الزهورِ يلتقِحُ |
وكلُّ حرفٍ من الذي نسجوا |
من حُللي السابغاتِ مقترَحُ |
وكلُّ لونٍ من الذي صبغوا |
بمزدهي ما رسمتُ متشِحُ |
ليَ الحِمى والديوانُ مجتمعاً |
والغيرُ عند الحدودِ مُنتَبَحُ |
أحوزُ ظبيَ الرويِّ مقتنِصاً |
ويغتذي بالأمواتِ مجترِحُ |
تلك القوافي بانتْ مطلّقةً |
هيهات يقضي بالرجعِ مصطلَحُ |
كأنّ ما كان بيننا حُلُمٌ |
قَشّعهُ إثْرَ غفوةٍ وضَحُ |
أو كسرابٍ بقيعةٍ فإذا |
أتيتَه فالإياسُ يتضحُ.. |
كم أوغرتْك البحورُ من ظمأٍ |
يا شاعراً ما شفاه منسرحُ. |