المشاركة الأصلية كتبت بواسطة وليد عارف الرشيد
سَأَعْتَرِفُ كَمَا لَوْ أَنَّهَا المَرَّةُ الأُولى . سَتَراوِدُني حُمْرَةُ الخَدِّ خَجَلًا، وَتَرْتَعِشُ أَوْصَالِي، وَتَتَرَبَّصُ خَلْفَ تَنْهِيدَتي الْكَلِمَات . سأَفْعَلُ وَلَا أَدْرِي بَعْدُ كَيْفَ سَأوَاجِهُ سَطْوَةَ الْفِتْنَةِ فِي عَيْنَيْكِ .سَأَفعَلُ عِنْدَمَا يُمْكِنُ لِتَمَائِمِ أَحْدَاقِيَ الْمُتَجَمِّدَةِ أَنْ تَتَحَدَّى هذَا السِّحْرَ، وَعِنْدَمَا تَهْطِلُ سَكِيْنَةُ رُوحِي، فَيَسِيلُ الْبَوْحُ رَقْرَاقًا كَانْسِيَابِ أَحْلَامٍ أَرَقْنَاهَا مَعًا مِنْ صَمْتِ الْعُيُون :
رَغْبَةٌ مُغَمَّسَةٌ بِحِرْمَانِ السِّنِين، وَطُفُولُةٌ مُهَمَّشَةٌ فِي زَوَايَا النِّسْيَان، وَاحْتِيَاجٌ مُعَربِدٌ فِي شفَاهِ أَحْلَام . هذَا أَنَا يَا أَنْتِ قَبْلَك، قَبْلَ أَنْ تُنْفِذِي يَقِينَكِ في صَدْرِ وَهمِي وَتَصحُو مَعَ حَقِيقَتِكِ أَزْمَانِي وَقَبْلَ أَنْ تَتَسَلَّلِي مِنْ شُرُفَاتِ يَفَاعَتِي، وَسُقُوفِ نضَارَةِ فُؤَادِي، فَتُصْبِحِينَ قَدَرًا ... وَأَصِيرَ خُلَاصَةَ الْقَضَاء .
لَيْسَتْ هذِهِ الاعْتَرَافَاتُ قصَّةَ عُنْفُوَانِ مَا قَبْلَ الْخَرِيفِ، وَلَيْسَتْ كَمَا سَيَتَنَدَّرُونَ فِي نَدَوَاتِ سَمَرِهِم مُجَرَّدَ نَزْوَةٍ دَاسَتْ سَنَابِكُهَا بِسَاطَ رَبِيعِكِ وَسَتَمْضِي، فأَنْتِ لِي دَفْتَرُ مِيلَادٍ مُتَجَدِّدٍ، عَلَى صَفْحَتِهِ الأُولَى مَسْقَطٌ عَمُودِيٌّ لِقَلْبٍ تَنَاهَبَتْه أُسْطُورَتُكِ مُنْذُ عُصُور، وَفِي الثَّانِيَةِ نُقُوشٌ خَلَّفَتْهَا نَظْرَةُ عيَنْيَك الْمُتَثَاقِلَتَيْنِ عِشْقًا عَلَى جُدْرَانِ هَيَاكِلِي، وَفِي بَاقِيهَا شَوَاهِدُ وَأَخْتَامٌ وَبَعْضُ خَوَاطِرَ نَزَفْتُهَا حَرْفًا فحَرْفًا، مِنْ حَمِيمِ وَجْدِي وَحرَارَةِ الْتِهَابِ صَوْتٍ نَادَى بِعَالِي الصِّدْقِ : أُحِبُّكِ وَسَأَظَل .
أَعْتَرِفُ أَنَّنِي كُلَّمَا ازْدَدْتُ قُرْبًا، وَحِينَمَا أَغْتَسِلُ بِحَقِيقَةِ حُضُوركِ، أَعْلَمُ كَمْ يَلْزَمُنِي مِنْ قلَقٍ كَيْمَا أُحَافِظَ عَلَى انْصِهَارِ حُلْمَيْنَا حَتَّى آخِرِ مَعَارِجِ الْيَقِين .
أَعْتَرِفُ أَنَّكِ شَأْنُ الْخَيَالِ لَيْسَ لَكِ بِي أَوَّلٌ وَآخِر، وَأَنَّ منْتَهى حُدُودِكِ فِيَّ مِنْ عُلُومِ غَيْبِ التَّضَارِيس . كَمَاءٍ ثَرٍّ أَنْتِ غَاضَ فِي أَقْنِيَةِ رُوحِي، َكَجَدْوَلٍ لَا تَتَوَقَّفِينَ، وَأَنَّكِ أَوْدَعْتِ جَمِيعَ تَفَاصِيلِ حُلْمِكِ فِي فَسِيحِ صَحْوِي وَكُنْتِ فِي سُطُورِ عِشْقِي حَرْفا مُبِينًا وَنَافِرًا كحَبَّةِ عِنَبٍ فِي صَفْحَةِ شِفَاهٍ يَتَقَطَّرُ نَبِيذًا فِي ثَغْرِ ذَوَّاق .. أَنَّ لبَرِيقِكِ تَاريخًا بِدَمِي يَسْدلُ الْجَمَالَ عَلَى الدِّفْءِ كُلَّمَا طَالَتْ أَذْرُعُ الصَّقِيع .
أَعْتَرِفُ أَنَّ غِيَابي أَتَى فِي حَضْرَةِ لَهْفَتِكِ شَيْئًا فَريَّا، وَأَنِّي أَتَيْتُك مِنْ سَفْحِ لَيْلٍ مَارِقٍ، مُشْهِرًا فَقْرِي لِصَبَاحَاتِ وَجْهِكِ الَّذِي يُتْقِنُ دَمْجَ أَشْلَائِي كَمَا لَمْ أَكُنْ .
أَعْتَرُفُ خَسِرْتُ مِنْ طَاقَةِ رُوحِكِ مَا كَانَ كَافِيًا لِعِلَاجِي منْ مُعَاقَرَةِ كَرْبِ الْوَحْدَةِ وَقُرُوحِ الهَجْرِ وَنُدُوبِ السَّفَر .
وَأَعْتَرِفُ .. وَأَعْتَرِفُ... وَأَعْتِرفُ
أَنِّي فَتَّقَ الْفُرَاقُ خَاصِرَةَ بَوْحِي بِأَلْفِ أَلْفِ اعْتِرَافٍ وَيَزِيد !!!!!
-----
أخي العزيز الأستاذ وليد
أسعد الله أوقاتك
إنّ من النثر لشعراً !!
وإن من الاعتراف لعشقاً !
صُورٌ تترى يبوح أولُها بالوجد والأسر وآخرُها ، ولم يستطع موكب الصور الحافل أن يسلبَ من استرسالَ النص ، ولا من صدق العاطفة .
( فتصبحينَ قَدَراً ) كأنّ الصوابَ ( فتصبحي قدراً ) ..
تحياتي ودمتَ بألف خير