قلبي حانةٌ جوع لا يرتادُها جائع
***************************
كنتُ أعبرُ المدخلَ الرّئيسيَّ لحارتِنَا الهادئةِ - الهانئةِ بذلك - حين راودتْني الرّؤى ناصعةً بالتّفكّر، لماذا أرى البيوتَ و الأشجارَ، بيتَ جارِنا أبي عُبادة ومركبتَه المركونةَ على جانب الطّريق، لماذا أراها كلَّها و كأنَّها صفحاتٌ شفّافةٌ أرى من خلالِها ما يحدُّها من الخلف...؟؟
من وراءِ صفحةِ شجرةِ المشمشِ المعرّاةِ من خُضرتِها أرى مركبةَ أبي الواقفةَ بجانب المخزن، من ورائِهما صفحةُ كلبِ الحراسةِ، من ورائه أرضُ جارِنا الّذي لطالما عرفتُ أنَّ لَقَبَه كان اسمه، و حين صاروا ينادونَه باسمِهِ الحقيقيِّ لم أعرفْه، من ورائِها ما تبقّى من بياضٍ لم يترجلْ عن قممِ الجبالِ، تماماً على امتدادِ بصري حيث تلتقي الأرضُ بالسّماءْ، و خلفيّتُها جميعِها زرقةٌ رقيقةٌ تُشْفِقُ على العين من القتامة... لذلك كانَ أنْ تواضعتْ و بَرُدَ لونُها، لم يخطر ببالي ساعتَها أنّ صفحةً ما نرى من هذا الكون بعينٍ مجرّدةٍ لا بُدّ و أن يكون قُبّة، و لم يخطر ببالي أنّ تدحرُجَ الكونِ يبدو من هنا صفحةً لا تؤمنُ بِرَدِّ الجميل للاحتواء، إذ أنّ الكرةَ تحتوي، و الصفحةَ لا تكاد تلمّ شعثا...!!
المارق و المغادر من هاهُنا لا يعنيه كمّ الصّمت المتكوّم على أطرافِ غيمةٍ عابرة، لأنّ ما يعنيه هو ما يجني من حصاد الألسنةِ إذا ما انهمرَ الصّخبُ في ليلٍ، أو في نهارٍ، أو بينهما أو بعدهما....
القاطنُ هاهُنا فقط يعنيه كيف يكون الانهمار و الحصادُ و العصفُ بينها جميعا,,,,
الآن و بعد كلّ هذا....
لا تثريب عليك يا أنت، قلبي لم يعُد مرتعا للدّود
و وطني في قلبي أكبر!!!!
عبلة الزّغاميم
16-1-2013