هل أمتنا في خطر ؟
نعيش حالة من الإشراق تارة ، تأخذنا فيها النشوة إلى أبعد حدودها ، ننتشي بثورة تعلن وأخرى تنجح ، نفرح بأن ولي أمر قطر عزيز على الأمة رجل نثق بعزمه في تغيير واقع تراكمت عليه السنون العجاف .
وترانا في أخرى نكاد نستيأس من أن تقوم فينا عصبة الحق ، وأن ينتشر بيننا الخير ، نكاد نصاب بحالات من الاحباط ، ننسى معها سعادة غمرتنا حينا من الدهر .
هنا في غزة نحقق انتصارا ..
ترانا بعده في حالة ضياع ، فدولة في الريح تعلن ..
ومصالحة يأس الجميع من تحققها ، ورؤيتها وليدا طال انتظاره ، وأزمات حياتية واقتصادية مميتة .. كنا نحسب أن الحرب ستوحدنا ، وأن نشوة النصر لن يذوي رحيقها ، وخابت ظنوننا .
سوريا .. جرح الشام الراعف ، تتقاذفها الأهوال ، وناءت بحملها الجبال ، ثمانون ألف شهيد ، ومئات الآلاف من الجرحى والمهجرين والمفقودين والمعتقلين .
ونعجي ... تأله .. تقف معه الدنيا بأسرها ، غربيها وشرقيها ، تبارك الأمم الملحدة ومجلس الرعب مجازَره وجرائمَه ..
وعرب أعراب تذرف الدموع الكاذبات ..
وجيش حر أبي يقاتل قتالا ما عرفه التاريخ ولا شهده ، ليقتلع أعتى نظام عرفه الشرق والغرب .. سلاحه إيمان وتوكل ، حتى يكتمل نصاب النصر ( كما عبر بذلك أحد رجالاتها ) . وموقف الأمة ينقسم بين شعوب فيها من يبكي كمدا على شآمه ومنها من هو لاهٍ مولٍ مدبرٌ معرضٌ .
مصر .. كنانة الله في أرضه ، وقد غدت لغزا معقدا محيرا .. فيها المؤامرات تحاك في رابعة النهار، ووجوه كشفت العورات وأبانت السوءات ، قِبلتها ( ... ) تلك الحارة التي بفضل النفط ، غدت عاصمة اقتصادية ، تخشى أن تتحول الأنظار عنها ، إذا ما قامت للقاهرة قائمة .. فتأوي تلك الدولة العربية الشقيقة كل شذاذ الآفاق إليها .. معلنة ألا نهضة في مصر .
ونظام حكم يجابَه بكل غدر وخيانة ، من ثوار لئام .. لا تكاد تطوى صفحة الاستفتاء حتى تهب رياح السويس وبور سعيد ، فيسقط الشهداء بأيادٍ معروفة ، تغض الشرطة والأمن والجيش الطرف عنها ، ولربما كانت العون والمدد .
رئيس طال صمته وطال صبره ، غدونا نضج إليه بالشكوى .. أن كن حازما حاسما .. حتى ترسي بنا على شاطئ الأمان ، ولا ندري ما سبب ترك الحبل لغاربه لأناس باتوا يمارسون الخيانة على رؤوس الأشهاد ؟
لا ندري هل هناك عجز في المواجهة ؟
أم خوف ؟
أم هي الحكمة ؟
لكننا في حيرة .. هذا ما نستشعره ..
وما نصف به حال قائدة الأمة ..
تونس وليبيا واليمن .. حديث آخر ومشهد مؤلم أيضا ؟
فالخطر لم يزُلْ .. فهو باقٍ لم يفارقنا ، وما مررنا به من ثورات ، هو شتاء سيلد ربيعا ..
قد نختلف حول ذلك أو نتفق ..
لكننا متفقون كيف نبعد رياح الخطر العاتية عن أمتنا ..
كيف نعبر بها أحلك الليالي سوادا ؟
هل بالصمت والخور والهوان .. ترانا سنجتاز الشدائد الثقال ؟
بأن نقف أمام جلادنا ولسان حالنا : نحن يا جزار شياه ولا نستنكر الذبح ! .
بما ترانا نستطيع الفكاك من واقع التردي ؟
بالعودة لديننا ؟
ما من ذرة شك في ذلك ، لكن كيف تراها تلك العودة ، نشهد صحوة ، لكن هل هذه الصحوة هي العودة التي بها تتحقق العودة لمنابع الإسلام ؟
إن العودة لاستعادة مجد ديننا تعني أن نفهم ذواتنا أولا ونسبر أغوار أنفسنا ، ليس لنبدأ منها التغيير والعود الأحمد ..
لكن لنعرف مقدار ما تمتلكه النفس البشرية التي أودعنا الله إيانا ، وأحسن بنا إذ جعلنا من أولي الفطرة السليمة .
نفوس بين جوابنا نجهل مرامها ..
نحسب أن الرغبات واللذائذ مرادها ..
فنكيل لها البغي لها ولنا كيلا ..
فتهرب منا نفوس تعشق الخلد .. وتبغي المجد ..
لتستحيل نفوسا ضالة مضطربة .. تلوذ بحمى الدنيا ..
إذا هي النفس التي بين جوابنا مَن جلبت لنا الخطر ..
أتراها قادرة على إبعاده وإزالته ؟
ليجرب كل منا أن يكون ذا نفس عظيمة ..
ولنشرع حرابنا في وجه الخطر الذي يشتد ..
ولتنزع السيوف من جفناتها ..
أم ترانا استمرأنا العيش على قارعة الضياع !!