تَطابُق
طَرقت البابَ، ادْخَلته عُنوةً، وذَهبت مشرفة الأطفال. طِفْلٌ لم تأت أُمه لإصطحابه من المدرسة، تحسس طريقه إلى داخل المنزل. جَلس على أريكة فى بهّو المنزل الأنيق يتلفتُ يمنةً ويسرة، ويهز قَدميه فى قلقٍ طُفولى بالغ. لا يدرى لماذا هو فى هذا المنزل. خطواتٌ مسرعةٌ تنزلق من على الدَرَج الى أسفل، نَظرت المرأ ةُ باسمةً، وكسى وجهها هالة من الحُبِ والعَطف تجاه الطفل الجالس على الأريكةِ إبتدرته قائلة فى حنوٍ:حبيبى أنت ولد مَنْ؟
نظر اليها صامتًا وخائفًا،ا أتت له ببعض الطعام والماء ودَنت مِنه تربت على كتفه وتمسح على رأسه، ولكنه مُقل فى الكلام. نادت على خادمتها ضاحكة: فى بيتنا صَبِى ساقه الله لناـ وحضنته بقوة.
سألته: من أين أتيت ياصغيري؟
أجابها بصوت ضعيف بالكاد تخرج الحروف من بين شفتيه: من المدرسة.
ــ أين تسكن؟
ــ فى الصافية.
سَاورها شُعور مُبهم تجاه الطفل
إصْطحبته الى داخل المجلس الفخم المزدانة حوائطه بالصور واللوحات الثمينة. فجاءة أشار الطفل بيده إلى الصورة التي تتوسط الحائط ضاحكامسرورا:ـ بابا...بابا
كأنها لم تسمع سألت نفسها (هل قال بابا؟) نظرت إليه فرأته ينظر لصورة زوجها مبتسما. سألته متلهفة
ـ هل تعرف هذا الرجل فى الصورة؟
اجابها فرحا وقد انغشعت المخاوف وبرزت مَخارج الحروف، وبدأ الفرح الطفولي عند أحساسه بالأمان يغزو لحظته.
ـ نعم بابا..أنت لا تعرفينه؟!
خفق قلبها حتى كاد أن يقفز من داخل صدرها، ونادت على خادمتها مرة أخرى بصوت عصبي، وأخبرتها بما قاله الصبى. جزعت الخادمة، وهى تعلم إنهما زوجان مُحبان لم ينجبا. سألته الخادمة
ـ من هذا الرجل فى الصورة؟
اجابها والبراءة تزغرد فى عينيه: الا تعرفينه أنت الأخرى؟! إنه بابا..
أحتارت الخادمة وسألته مرة أخرى وهى تشير الى الصورة: هل تعرف اسم هذا الرجل؟
اجابها غير مكترث: اسمه بابا
احست بصيص أمل عندما لم يذكر اسمه وكررت السؤال : قل ياحبيبى اسم بابا
نظر اليها صامتا.فزاد ذلك أمل الزوجة أن يكون مجرد عبث طفولي أن يرى فى زوجها قسمات أبيه.
قفز على طاولةٍ مسنودة على الحائط، ومد يده يتحسس الصورة، ويتحدث معها منطلقا من طاقة حلّت على جسده فجاءة.
تناولت الخادمة الهاتف لتخبر الحاج سليمان أن حدث جلل ينتظره فى المنزل، وعليه الحضور لأن زوجته فى حالة يرثى لها. هرع الحاج مسرعا إلى منزله، خشي أن تكون مصيبة حلت بزوجته المُحبة. دفع الباب بقدمه معلنا قدومه فى غير موعده . رآه الطِفْل فهبط قافزا من على الطاولة، وارتمى فى حضن الحاج سليمان ينادى:
بابا بابا أين كنت.. لم تأتى ماما لاصطحابى من المدرسة اليوم. فجلست وحيدا وسألت المشرفة صاحب البقالة ليصف لها منزلنا فاتت بى إلى هنا.,...و..و...هذا ليس منزلنا.
الحاج لايسمعه لقد أغلق فى هذه اللحظه كل حواسه. وأرتبك من هُول المفاجاءة التي لم يحسب لها يوماً.
أسقط الحاج فى يده، هذه االساعة التي طالما تهرب منها، وجاهد سنينأً عددا حتى لاينكشف زواجه الثاني.
وصاريتمتم بكلمات مبهمات دفاعًا عن الحدث:
تطابق اسماء..... ويدفع بالطفل بعيدًا مُتملصًا منه، ولكن الطفل التصق به أكثر، ورفض أن يفارقة ولايدرى قسوة اللحظة.
الزوجة سقطت على الأرض وهى تصرخ وتبكى ولم تستطع تحمل هذا الخِداع. عاتبته ولكنه ظل ينكر ويردد:
أنه تطابق اسماء... ساخذه للشرطة لمعرفة أسرته.
تحركت سيارتان تُقل الحاج والطفل، والأخرى تُقل الزوجة والخادمة خِلّسةً كان يراها فى المرآة تتبعه. قاد سيارتة فى جميع شوارع المدينة، وإتجاهاتها المختلفة وأزقتها،ا ولم يستطع تضليلها، وأخيرا توقفت السيارة أمام مبنى عمارة الزوجه الخَفيَة، وتوقفت سيارةالزوجة الأولى .....وقلبها.