آخر رغيف...قصة قصيرة

آخر رغيف


نقلت ساقي ببطء، مجتازاً باب المستشفى، تمرغت بصدري رائحة المطهرات، رؤية بياض الملاءات، وقد تقيأ الناس آلامهم فوقها، يشيع في النفس الألم. دلفت إلى غرفة الكشف، استمر الكشف رتيباً حتى حضر رجل يبلغ من العمر ثلاثاً وأربعين سنة يبكي بحرقة، حاملاً بين ذراعيه طفلاً عمره قرابة أربعة أعوام يصرخ باكياً، خلفهم يعول باكياً صبي آخر يرتدي زياً مدرسياً، هتفت بهم الممرضة:
-الزموا الهدوء من فضلكم.
تحذير الممرضة حافز استنفر مشاعرهم على البكاء، قلت لهم:
-ما بكم؟
هبَّ نحوي الرجل مرتجفاً باكياً، تمتم بصوته الباكي:
-ابني دكتور! قد فقد سمعه.
حمل باب الغرفة المشرع تياراً هوائياً محملاً برائحة المطهرات، جاءني سكوته مدعماً بالذنب الذي أشاعته عيناه، حملت الممرضة الطفل ووضعته فوق السرير، اتضح من معاينته سريرياً أن:
(طبلة أذنه اليسرى ممزقة). سألت والد الطفل:
-ماذا حصل لأذن الصغير؟
رفع يداه عالياً كأنه طائر أفرد جناحيه للطيران وضرب بهما فخذيه قائلاً:
-أنا من ضربه، بعدما أكل رغيف أخيه. حضر أخوه من المدرسة جائعاً، طالباً ما يسد به جوعه، راحت أمه تبحث عن رغيف الخبز فلم تجده، وبعد عناء أخبرنا بأنه أكل رغيف أخيه، لذا صفعته حتى...
قاطعته مغتاظاً:
-بدلاً من أن تصفعه كان من الأجدر بك أن تعطي ولدك الثاني شيئاً يأكله.
اقترب مني، وضع فمه على أذني، وأسرَّ لي هامساً:
-أرغفة الخبز، تصدَّق بها أحد الميسورين من جيراننا، وكان ما أكله آخر رغيف. يا دكتور!

لعن الله الفقر
قصة فيها من الوجع ما يسد الرمق حتى التخمة
قصة من الواقع بسرد سلس واسلوب مشوق
دمت بخير
تقديري

الفقر أحد آفات المجتمع وهنا كان مدقعا حد الوجع
بتسلل بديع وسرد ماتع وحبكة قوية نقلت لنا صورة من واقع مقيت يعيشه الكثير ويدفع ضريبته
بوركت واليراع أديبنا الفاضل
ومازلت أدعوك للتفاعل على صفحات الواحة
تحاياي

هي صفعة الفقر التي ذهبت بسمعه!
ليت العدالة تتحقّق بين النّاس لينعموا بما يحقّ لهم!
سرد مؤثّر
بوركت
تقديري وتحيّتي
(رفع يديه)

يستطيع أن ينجب بدل الطفل أطفالا
ويستطيع بصفعة أن يمزق طبلة أذن ابنه
ولكنه ينتظر عطايا الناس ليطعم أهله ولا يستطيع أن يكدّ ليعيلهم
تناقضات موجودة، بعضها تعود مسؤوليته على الأنظمة والحكومات، وبعضها يكون الأفراد مسؤولين عنه بالكسل أو الإنتقائية في العمل، ولو تأمل كل محيطه لوجد منهم الكثير

نص قصّي طيب السرد، نجح الكاتب في مكقدمته بوضع القارئ في جو القصة رغم بعض إسهاب

دمت بخير

تحاياي

لعن الله الجوع .. إنه قاتل ومميت
لعن الله الفقر .. الذي يجعل الأب يضرب ابنه حتى يمزق طبلة أذنه لأنه أكل رغيفا
لعن الله الحاجة.. التي تجعل الإنسان يستجدي قوت يومه من غيره
ولكني لا أعرف على من يقع اللوم.. إن مجتمعاتنا الجريحة بالحروب ، المنهوكة
من الأوضاع المتردية قد أدت إلى المزيد من الجوع والفقر والحاجة
فلندعو الله أن يرحمنا ـ ولكن لا بد من أن نرحم بعضنا بعضا قبل.
تتمتع بمهارة قصية عالية وقدرة على رسم المشهد محملا بالإحساس
وقد رسمت حروفك لوحة مؤثرة في لقطة ذات عبرة انسانية
قلمك رائع ـ تحياتي وتقديري.

هكذا خطط الأعداء ونفذ الحكام الفاسدون فانتشر الجهل والفقر وبات غاية المنى أن يؤمن أحدهم رغيف الخبز بل قد يصل الأمر للإعاقة وللقتل من أجله ومن أجله فقط.

قصة مؤلمة بكل ما فيها.

تقديري

يصنع الجوع والفقر المآسي أكثر مما نتصور
وأكثر مما يستطيع الكتاب أن يصفوا

قصة مؤثرة من الواقع الذي صنعه حكامنا واعداؤنا

شكرا لك أخي

بوركت

بهذا التجويع يمسكون العوام من نواصيهم ويوظفونهم فيما يريدون حتى ذبح أوطانهم
سرد جيد وقصة مشوقة