ظاهرة التسرب من المدارس الفلسطينية
" الأسباب، الإجراءات الوقائية والعلاجية "
مقدمة:
ظاهرة التسرب من المدارس موجودة في جميع البلدان. ولا يمكن أن يخلو واقعاً تربوياً من هذه الظاهرة، إلا أنها تتفاوت في درجة حدتها وتفاقمها من مجتمع إلى آخر ومن مرحلة دراسية إلى أخرى ومن منطقة إلى أخرى. كما أنه من المستحيل لأي نظام تربوي أن يتخلص نهائياً منها مهما كانت فعاليته أو تطوره. هذا يعني أن نسبة وحدة وجودها هو الذي يحدد مدى خطورتها. والمتعمق في هذه الظاهرة في الواقع التربوي الفلسطيني، يلاحظ أنها منتشرة في كافة المراحل التعليمية وبصورة متفاوتة، وفي كافة المدارس بغض النظر عن نوعها وفي كافة المناطق التعليمية وبين كافة أوساط الطلبة من ذكور وإناث وبين أوساط كافة الطبقات الاجتماعية والاقتصادية.
وانطلاقاً من مسؤولية وزارة التربية والتعليم الفلسطينية وإدراكا" منها لمخاطر استمرار هذا الإهدار التربوي. فقد بادرت إلى تكليف الإدارات المعنية ( الإدارة العام للتعليم العام، الإدارة العامة للتخطيط التربوي، مركز الصحة والإرشاد التربوي)، وبتمويل من منظمة اليونسيف، للقيام بدراسة شاملة حول واقع هذه الظاهرة حتى يتسنى التعرف العميق عليها وعلى جوانبها وأسبابها. من أجل تطوير برامج وخطط وقائية وعلاجية للحيلولة دون استمرار استفحالها بين أوساط الطلبة.
1. أهداف الدراسة:
تسعى الدراسة إلى إيجاد مؤشرات تربوية واضحة لوضع السياسة التربوية للحد من ظاهرة التسرب وذلك من خلال:
1. التعرف على الأسباب والعوامل الحقيقية التي تقف وراء تسرب الطلبة من المدارس.
2. بحث فعالية بعض الإجراءات الوقائية التي تحد من التسرب من وجهتي نظر المتسربين وأولياء أمورهم.
3. بحث فعالية بعض الإجراءات العلاجية التي تساعد على عودة المتسربين إلى مقاعد الدراسة.
4. اقتراح فرص تأهيل وإعادة تأهيل للطلبة الذين لا يرغبون في العودة إلى الدراسة.
5. بناء قاعدة معلوماتية شاملة وعميقة عن واقع ظاهرة التسرب وأسبابها.
6. بناء أدوات متابعة لرصد ظاهرة التسرب من قبل مدير المدرسة.
2. مجتمع الدراسة:
يشمل مجتمع الدراسة جميع الطلبة المتسربين (إناثاً وذكوراً) من كافة المدارس التابعة لوزارة التربية والتعليم ووكالة الغوث الدولية والقطاع الخاص، كذلك أولياء أمورهم عند تسربهم من مدارسهم خلال الخمس سنوات الأخيرة في الفترة التي سبقت الانتفاضة بسنة أي العام الدراسي 1999/2000 ولغاية العام الدراسي 2004/2005. لذا فان المتسربين وأولياء أمورهم هم الجهة المستهدفة في الدراسة.
بلغ عدد المتسربين الإجمالي 15148 طالب وطالبة في العام 1999/2000 انخفض إلى 9395 طالب وطالبة في العام 2003/2004 بمعدل انخفاض 38%. بشكل عام انخفضت معدلات التسرب من المدارس الفلسطينية من 1.8%من مجموع عدد الطلبة في العام 99/2000 إلى 0.9% في العام 2033/2004.
وحدة المعاينة هي المدرسة فان مجتمع العينة يمثل جميع المدارس الحكومية والمدارس التابعة لوكالة الغوث والقطاع الخاص. بلغ عدد المدارس 1767 مدرسة في العام الدراسي 1999/2000 منها 1289 مدرسة حكومية و 264 مدرسة تابعة للوكالة و 214 مدرسة تابعة للقطاع الخاص. ارتفع عدد المدارس إلى 2190 مدرسة في العام الدراسي 2004/2005 منها حكومية 1659 مدرسة و 273 مدرسة تابعة لوكالة الغوث و 258 مدرسة للقطاع الخاص. نسبة الزيادة 23.9% خلال الفترة قيد الدراسة.
3. عينة الدراسة وخصائصها:
تم اختيار عينة المتسربين من خلال المدرسة كوحدة معاينة. باختيار عينة عنقودية تراعي جنس المدرسة والمديرية والسلطة المشرفة. حيث تم حصر المتسربين من المدرسة التي تم سحبها من مجتمعها مسبقا، بأسمائهم وعناوينهم والسنة التي تسربوا منها والصف. ليقوم باحثون/ باحثات ميدانيون بالاتصال المباشر والمقابلة الشخصية مع ولي أمر المتسرب ومع المتسرب. يقصد بولي الأمر الشخص المسؤول عن الطالب المتسرب عند تسربه من المدرسة، وقد يكون الأب أو الأم أو الأخ والأخت أو آخرين كالعم/ة والخال/ة.. الخ. الطالبة أو الطالب المتسرب والمتزوج يكون ولي أمره/ها هو نفس الشخص قبل الزواج وفي السنة الذي تسرب منها.
عدد مدارس العينة العنقودية قد بلغت 170 مدرسة موزعة على جميع مديريات التربية ونسبتها 7.8% من مجموع المدارس في مجتمعها في العام الدراسي 2004/2005. نسبة مدارس العينة في الضفة الغربية 74.7% وقطاع غزة 25.3% من مجموع المدارس، وهاتان النسبتان تقتربان من النسبة في مجتمع العينة والبالغة في الضفة الغربية 75.9% وقطاع غزة 24.1%. توزعت العينة بين السلطات المشرفة الثلاث حصلت المدارس الحكومية على نسبة 54.7% ونسبة مدارس الوكالة 30% والخاصة 15.3%.
بعد إجراء المسح للمتسربين خلال الفترة قيد الدراسة من مدارس العينة تبين ان هناك 107 مدارس من العينة فيها اكثر من متسرب واحد ونسبتها 62.9% وباقي المدارس وعددها 63 مدرسة ونسبتها 37.1% لا يوجد فيها متسربين، إما أنها مدارس جديدة أو لا يوجد فيها متسربين فعلا أو لا يوجد توثيق كامل للمتسربين واغلبها من المدارس الخاصة. عدد المتسربين الذين تم حصرهم من مدارس العينة حوالي 4348 متسرب ومتسربة. تم اختيار الأرقام الزوجية للمتسربين من كل مدرسة أي نصف عدد المتسربين الذين تم حصرهم – نصف العدد 4348 متسرب-، والبالغ عددهم 2174 متسرب. بلغ عدد المتسربين الذين تم استطلاعهم 1810 متسربين ونسبتهم 83.3% من مجموع المتسربين الذين تم اختيارهم. والباقي وعددهم 364 متسرب لم يتم العثور عليهم، أو تبين أن عددا منهم قد عادوا إلى مدارسهم لاحقا دون علم المدرسة التي تسربوا منها.
بلغ عدد أولياء الأمور الذين تم استطلاعهم 1825 ولي أمر عدد أولياء الأمور المستطلعين اكثر من عدد المتسربين بخمسة عشر بسبب انه قد تم استطلاع أولياء الأمور ولم يستطلع المتسربين لعدم تواجدهم. فيما يلي خصائص العينة.
أ*. جنس المتسربين وجنس المدارس التي تسربوا منها:
عدد المتسربين المستطلعين 1810 متسرب منهم 901 ذكور ونسبتهم 49.8% و 908 متسربة ونسبتهن 50.2%. جنس المتسربين تكافئ جنس الطلبة في المدارس الفلسطينية والبالغة للذكور 50.3% والإناث 49.7%. بلغ عدد الطلبة الذكور الذين تسربوا من مدارس الذكور 863 طالب ونسبتهم 47.7%، وعدد الإناث اللواتي تسربن من مدارس الإناث 852 طالبة ونسبتهن 47.1% من مجموع المتسربين ومن المدارس المختلطة 95 متسرب ومتسربة والنسبة 5.2%.
ب*. المتسربين حسب الجهة المشرفة للمدرس التي تسربوا منها:
عدد الطلبة المتسربين في العينة من المدارس الحكومية 1231 متسرب ومتسربة ونسبتهم 68% ومن المدارس التابعة للوكالة 572 متسرب ومتسربة ونسبتهم 31.6% ونسبتهم في المدارس الخاصة 0.4%.
4. أداة الدراسة:
تم اعتماد الاستبانة كأداة لجمع البيانات، حيث تم تطوير استمارتين لكل من المتسربين وأولياء أمورهم. وقد تم اعتماد المقابلة الشخصية وجها لوجه مع للطالب المتسرب وولي أمره في مكان سكنهما. فيما يلي أهم خصائص الاستمارتين:
أ*. البيانات التعريفية للمدرسة التي تسرب منها الطالب: وتشمل اسم المدرسة ورقمها الوطني والمديرية واسم التجمع السكاني لموقع المدرسة، وجنس المدرسة والجهة التي تشرف عليها حكومية أو تابعة لوكالة الغوث أو تابعة للقطاع الأهلي والخاص، وفترة دوام المدرسة وبعد المدرسة..وغيرها.
ب*. البيانات التعريفية للطالب المتسرب وولي أمره: وتتضمن معلومات مفصلة عن الطالب المتسرب وولي أمره من حيث الجنس والعمر وصف المتسرب والحالة الاجتماعية عند تسربه والسنة التي تسرب منها. كذلك معلومات عن مكان سكنه وحالته الصحية ومستوى تأهيل والديه ودخلهم الشهري...الخ.
ت*. أسباب التسرب من وجهتي نظر الطالب وولي أمره : تتضمن استمارة الطالب المتسرب واستمارة ولي الأمر 87 سببا محتملا لاسباب التسرب لكل منهما وقد صنفت هذه الأسباب إلى أربع مجالات هي:
أسباب تعود للطالب المتسرب: يتضمن هذا المجال 16 سببا محتملا لها علاقة بالطالب المتسرب نفسه كأسباب: تدني التحصيل، والخروج إلى سوق العمل، والرسوب المتكرر، عدم الاهتمام بالدراسة وعدم القدرة عل الاستيعاب، وتأثير الأصدقاء والعادات والتقاليد والزواج المبكر… وغيرها.
أسباب تعود للأسرة: يتضمن هذا المجال 13 سببا محتملا لاسباب التسرب لها علاقة بأسرة المتسرب وبعض هذه الأسباب هي: سوء الوضع الاقتصادي للأسرة، التسرب من المدرسة للمساعدة في دخل الأسرة والمساعدة في أعمال المنزل، وجود مشاكل أسرية، عدم اهتمام الأسرة بالتعليم…وغيرها.
أسباب تعود إلى المدرسة: يتضمن هذا المجال 49 سؤالا محتملا لاسباب التسرب لها علاقة بالمدرسة بعض هذه السباب: تمييز الهيئة التدريسية بين الطلبة، عدم توفر فرص للتدريب المهني، عدم الشعور بالانتماء للمدرسة والنفور منها، سوء معاملة المعلمين للطلبة، عدم مراعاة المعلمين لقدرات الطلبة، عدم اهتمام المرشد التربوي في المدرسة... وغيرها.
أسباب تعود إلى الأوضاع الأمنية: يتضمن هذا المجال 9 أسئلة محتملة لاسباب التسرب لها علاقة بالأوضاع السياسية للمنطقة بسبب الاحتلال وممارسات الجيش الإسرائيلي والمستوطنين .. وغيرها.
ث*. الإجراءات الوقائية لمنع التسرب من وجهتي النظر: قد قسمت الإجراءات إلى مجالين هما:
إجراءات وقائية مدرسية: يتضمن هذا المجال 19 سؤالا لها علاقة بالإجراءات الواجب توفرها في المدرسة للحد من التسرب مثل منع العقاب بكل أنواعه في المدرسة، وتنويع الأساليب التعليمية، وتفعيل دور المرشد التربوي… وغيرها.
إجراءات وقائية أسرية: يتضمن المجال 8 أسئلة لها علاقة بالإجراءات الواجب توفرها في أسرة الطالب المتسرب مثل توفير نفقات أبنائهم الشخصية والتعليمية، ومساعدتهم في الدراسة.. وغيرها.
ج*. الإجراءات العلاجية لعودة المتسرب إلى النظام التعليمي: يتضمن المجال سبعة أسئلة لها علاقة بتوفير بعض المتطلبات للمساعدة في عودة المدرسة إلى النظام التعليمي سواء الأكاديمي أو المهني مثل توفير تعليم مسائي، الانتساب إلى التعليم المفتوح، وتوفير تعليم مهني قريب من السكن… وغيرها.
5. إجراءات الدراسة:
بعد التأكد من صدق وثبات الاستمارتين واعتمادهما من قبل اللجنة. تمت عملية الاستطلاع عن طريق باحثين ميدانيين غالبيتهم من المرشدين التربويين المعتمدين في المدارس، بالإضافة إلى عدد من طلاب الجامعات المتخصصين في الخدمة الاجتماعية. تم تدريب الباحثين الميدانين على طريقة تعبئة الاستمارة في كل مديرية على حدة وعلى كيفية إجراء المقابلات وشروط إجرائها وما يجب مراعاته وطريقة توثيق المعلومات في الاستجابات وتوضيح جميع المفاهيم المتعلقة بالدراسة ومصطلحاتها.
6. تحليل النتائج:
رحلت البيانات إلى رزمة Spss (نظام الرزمة الإحصائية للعلوم الاجتماعية) لتحليلها. استخدمت في الاستمارتين ثلاث أدوات قياس منها في أداتين قياس في استمارة الطالب المتسرب ثلاثي ورباعي، وثلاث أدوات قياس في استمارة ولي الأمر الأول عشاري (0 – 10) ورباعي وثلاثي. تم توزين أدوات القياس في التحليل كما يلي:
وحدة قياس عشاري وزنت كما يلي:
0 = أدنى درجة موافقة، 10 = أعلى درجة موافقة. تم تجميع آداه القياس هذه كما يلي:
( 0% إلى اقل من 20% ) = موافقة ضعيفة جدا.
( 20% إلى اقل من 40% ) = موافقة ضعيفة.
( 40% إلى اقل من 60% ) = موافقة متوسطة.
( 60% إلى اقل من 80% ) = موافقة قوية.
( 80% إلى اقل من 100% ) = موافقة قوية جدا.
وحدة قياس رباعي تم توزينها كما يلي:
سبب رئيسي = 3 ، سبب ثانوي = 2 ، ليس سببا = 1 ، لا ينطبق = 0
وحدة قياس ثلاثي وزنت كما يلي:
إجراء مؤثر = 3 ، إجراء مساعد = 2 ، إجراء غير مهم = 1.