لاحَتْ على وَجْهِ الزَّمانِ سُطورُ
سُطِرَتْ وَلَمْ يَكُـنِ الزَّمانُ يَدورُ
بِحُروفِها نَبْـضُ الحياةِ مُحَلِّـقٌ
وبِأَرْضِها تمحـو الحروفَ قُبورُ
نامَتْ عُيونُ الغافلينَ بِلَيْلِها
وتَسَكَّعتْ بَيْنَ النُّجومِ طُيورُ
حَسِبَتْ بأَنَّ ضياءَها مُتراميٌ
ونسيمَها لا يعْتَـريهِ شُرورُ
فَتَزَوَّدَتْ حتَّى أفاضَ نعيمُها
وتثاقَلَتْ مِنْ حِملِها فتخـورُ
وتَهيَّأتْ خُلدًا بأرضِ جِنانِها
ثُمَّ انْجلـى بعدَ النَّعيــمِ ثُبـورُ
يا خالِـدًا ومُخَلَّـدًا, إن شِئتَـها
فامكُثْ, لعلَّ الموْتَ فيكَ صبورُ
واسكُنْ بأرْضٍ لَم يُشّيَّدْ مِثْلُها
بَقيَتْ وصاحِبُ مُلْكِها مَقْبورُ
إرَمُ العِمادِ, فأينَ مَنْ رُفِعوا بها
وَثَمودُ هَلْ بَقيَتْ إليهِ صُخورُ
أو عادُ مَنْ مَلَكوا مفاتِحَ قُوَّةٍ
عَبَثًا لَهُم فَوْقَ الجِبالِ قُصـورُ
فِرْعونُ أعْلَنَ أنَّهُ الربُّ الَّذي
سَجَدَتْ بِبابِ العَرْشِ ثَمَّ بُحورُ
قُلْ لي بِرَبِّكَ هلْ سَبَقْتَ نعيمَهُم
أو فاضَ فيـكَ مَنازِلٌ وَحُبـورُ
إنَّا سـواءٌ في الحياةِ مصيرُنا
نمضي وما أغوى القُلوبَ يبورُ
أوليسَ صوتُ خُطاكَ يُنْبِئُكَ الرّدى
ومـوارِدُ الكَأسِ المريـرِ تمـورُ
أَوَلَيسَ مَنْ كانوا جِوارًا يَوْمَنا
باتوا هُنالِكَ والجميعُ حُضورُ
إنْ كُنْتَ تَزْعُمُ أنَّ بابَكَ موصَدٌ
والجارياتِ على جبينِكَ نورُ
وَعَلـَوْتَ ما بَلَـغَ الزَّمـانُ فَإنَّما
وَقَفَتْ على جِيَفِ الكِلابِ نُسورُ