رد الجميل
د. جمال مرسي
" كم هي قاسية هذه الحياة .. ترغمنا على البعد عمن نحب "
هاتفته فعلمت أنه مريض ، بكيت حين سمعت صوته الشامخ و قد هده المرض فبكى ..
تمنيت أن لو كنت بجواره لأحمله على رأسي و أرعاه في أشد حالات احتياجه إلينا
و لكنها الحياة كما قلت .
لو كنت بجانبه لقلتُ له :
إصعد على كَتِفَيَّ و اْهنأْ يا أبي و استرخِ بعد عناءِ يومٍ مُتعِبِ فلأحملنَّكَ فوقَ رأسي راضياً عمري ، و فوق العمرِ عمر الكوكبِ لا أسأمنَّ و لن تكلَّ عزيمتي حتى و إنْ فَتَكَتْ قوى الإعياءِ بي قلبي مِهادٌ ، نَمْ بقلبي هانئاً فكم اْحتواني .. آنِفاً .. قلبُ الأبِ و سكبتُ أحزاني و دمع طفولتي في بحرِهِ ، و رميْتُ أتراحَ الصبي و عزفتُ ألحاني على أمواجِهِ فرأيتُ فيهِ فتوَّتي و تشبُّبي و شربتُ من فيضِ الحنانِ و لم أزلْ أجتاب نهراً للوفا لم ينضبِ جفني غِطاءٌ ، فاتَّخِذْهُ ، و مهجتي تفديك من هولِ الزمانِ الأصعبِ زمن التجنِّي و الجحودِ لفضلِ من ربَّى و علَّمَ ، لم يحِدْ أو ينكَبِ عيناكَ تحكي قصةَ الإخلاصِ في عهدٍ مضى ، يا ليتَهُ لم يذهبِ و جبينُكَ الوضَّاءُ قد نُقِشَتْ بِهِ للدارسينَ حضارةُ الزمن الأبي يا أيها العَبَقُ الذي طافت بنا أنسامُهُ في مشرقٍ أو مغربِ رَدُّ الجميلِ فضيلةٌ أرشدتني لطريقها بحصافةٍ لم تُكتَبِ لكنني يوماً قرأتُ سطورَها حينَ احتملتَ أباكَ قبلي يا أبي
و بما أنني لست معه في هذه اللحظات العصيبة فلا أملك إلا أن أدعو له
و أسألكم أحبتي الدعاء بارك الله بكم
و تقبلوا مودتي