الفراشة والشرنقة
( 1 )
متشرنقٌ فى أسر ذكرى العمر أو ذكرى الفشل
متشرنقٌ .. والكون حولك كان يخطو فى ملل
ترنو بلا حزن ولا يأس ولا شوق لأيام وأحزان مضت
تشدو بألحان الضنى
لا الكون أصغى لك , ولا الدنيا وعت
من ذا يصدق ان قلبك لم يكل من العمل
ومن العلل !
حتى غناؤك لم يعد فيض المنى
حتى حياتك لم تعد قيد الرضا
حتى قصائدك القديمة لم تعد تعنى سوى بعض الجمل
بعض الحقائق ؟ ربما ,
...بعض التراكيب البديعة ؟ ربما ,
... بعض التغنى بالخمائل والأزاهر والمفاتن والعيون الناعسات ,
...وربما بعض الأمل !
متشرنقٌ فى أغنيات الحب , فى ذكرى فؤادٍ كان يشدو للكفاح وللنجاح وللشعوب وللقلوب وللحيارى والسهارى .. للغرام وللقبل
متشرنقٌ فى أسر خيط من مرارات الشجنْ
من كل أهوال الزمنْ
دمع التواريخ القديمة .. توقها .. همّ القصائد للوطنْ
حزن الأزلْ
شوق الأزلْ
ماذا حصدت سوى الكلل ؟
ماذا حصدت سوى الكلل ؟
( 2 )
الغابة السوداء تبدو فى الضباب ككتلةٍ توحى بأحزانٍ واحلامٍ دفينةْ
تمتص رعب الناس تبدو كالمدينة
حيث الدروب تنام فى ذعر على وقع الخطى
تمتص اوهام السكينة
وقع الخطى
يبدو خفيض الصوت مهموم الصدى
تمشى الجموع الى طريق واحدٍ
دوما طريق واحدٍ
عبر المدى
وتسير وحدك عابرا غير الطريق
وتصوغ شعرك
وينوح لحنك
دائما غير الطريق
وبلا رفيق
الغابة السوداء تمحو أغنياتك
والظلمة السوداء تسحق أمنياتك
يجتاحها صوت غريب كالصفير
وكأنما نهرٌ يجرّب لاهثا صوت الخرير
وكأنما العصفور قد فقد الغناء
والزهر قد فقد العبير
والأسد قد فقدت نجاحات التصدى و الزئير
تمضى .. تسير بلا أمل
ماذا حصدت سوى الكلل ؟
ماذا حصدت سوى الكلل ؟
( 3 )
الشرنقة
ها أنت فى ذل الجحيم وفى ضرام البوتقة
ها أنت محصورٌ ومضغوطٌ ومشدودٌ لحبل المشنقة
أُثقبْ جدار الشرنقة
كل القصائد قد مضت
لا الكون اصغى لك , ولا الدنيا وعت
اثقب جدار الشرنقة
الحلم مات
والعمر مات
والطفل ذو الدَهَش البرئ الحُلو مات
اثقب جدار الشرنقة
اين الأغانى والمحبة والأمل
ماذا حصدت سوى الكلل
أثقب جدار الشرنقة
أُخرجْ الى الدنيا فراشة
أُخرجْ الى الدنيا فراشة
ذوّبْ ضياء الشمس فى جنحيك وارتشف الأفقْ
لحناً وشِعراً والتماعاً وانتعاشةْ
خلِّ الزهورَ تعش مع النسمات فى أحلى ارتعاشةْ
ارسل الى الدنيا لحونا زانها عذب الصدى
ارسم مدى
واطفئ سعير الأرض بالشِعر/الندى
قاوم دخان المحرقة
أُثقبْ جدار الشرنقة
أُثقبْ جدار الشرنقة