( 1 )
مفهوم الأدب :
عرَّف بعض النقاد الأدب بأنه : " فن الكلمة " ، وعرَّفه آخرون بأنه " المكتوب أو المنطوق من الكلام الجميل " ، وأنه " تعبير عن الحياة ، وسيلته اللغة " ، وإن كان التعبير عن الحياة لا يعني نقلها إلينا كما هي ، ولكن الأدب يعبِّر عنها ويفسرها أو ينقدها ، أو ينقل إلينا فهم الأديب للحياة ، ووجهة نظره في أية قضية من القضايا ، فالأديب يتخذ " موقفاً " فكرياً ، ولذا يستطيع التأثير في مجتمعه .
الأدب الإسلامي :
اتضح مما سبق اختلاف المذاهب الأدبية والمدارس الفنية ، واختلفت في تعريف الأدب وفي تحديد مفهومه ، كما اختلفت في المؤثرات التي تعمل فيه . أما عن الأدب في التصور الإسلامي فيمكن تحديد أهم ملامحه فيما يلي :
1- الأدب الإسلامي - في ضوء الإسلام - يُعنَى بفن الكلمة ، وليس أدل على ذلك من أن المعجزة الكبرى لدى المسلمين هي القرآن الكريم ، وهو إعجاز بلاغي وبياني فوق طاقة البشر : " قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً " .
2- الأدب الإسلامي يتعلم من القرآن جمال السرد وترابط الأفكار وروعة التعبير ، لفظاً وجملةً وعبارةً وتأثيراً ، كما يُعنَى بالبناء الكلي أو الصورة الفنية الممتعة المقنعة المفيدة ، دونما شطط أو تضليل ، ولا يبذر بذرة الحيرة أو الملل أو الغموض في عقل الإنسان ووجدانه ونفسه .
3- الأدب الإسلامي لا يستمد مضمونه من قيم اجتماعية مريضة أفرزتها تجارب معتلة ، تؤثر فيها النزوات والأحقاد والأهواء ، وإنما يستلهم مضمونه من عقيدة التوحيد ، وكنوز الحضارة الإسلامية ، وإرثها الإلهي المنزَّه عن الخطأ والهوى .
ولا يهني هذا تجاهل " التفاعلات " الاجتماعية الصاخبة ، وما يسود الحياة من خير وشر ، وصالح وطالح . . . فالأديب المسلم مطالب بتصوير الأزمة ، وتحليل أبعادها ، والبحث في أسبابها ، والنظر إلى مضاعفاتها وآثارها ، ووضع التشخيص المناسب للعلة ، مع الإيحاء ـ بالأسلوب الفني المباشر وغير المباشر ـ بما يجب أن يتحرك الفرد والمجموع في اتجاهه ، دون إهدار للقيم الجمالية والفنية .
الأديب الحق موقف . . وموقف الأديب المسلم ينبع من عقيدته . المهم الصدق في تناول المادة الأدبية ، وتهذيبها وفق أسس النظام والتناسق والجمال والتأثير ، بحيث تأتي الصورة الفنية ممتعة مرضية ومفيدة ، ونشعر بعد الاطلاع عليها بأننا أمام تجربة حية نابضة ، تجرنا إلى علاقات جديدة من الفهم والسمو الروحي ، واليقين المريح . . الخلاق . . الدافع لفغ شيءٍ ما ، يرتقي بنا إلى الأفضل ، وإلى التغيير المستمر نحو الغاية العظمى .
( يتبع )