السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أيها الشاعر الكبير نفسا، وشعرا ، وفكرا ، ووجدانا ، وخيالا.
الحبيب
ماجد الغامدي
أعود إليك مرة أخرى ؛ ففي قصيدك الرائعة تصوير جاد متقن للنفس العربية التي يحمل صاحبها هموم
نفسه ممزوجة بهموم أمته وواقعه .
وكأني بك قصدت أن تنطلق من ذاتك إلى آفاق التجارب الإنسانية ، وآثرت أن تلبسها الرداء العربي
الأصيل ؛ ليس تعصبا لهذه الأمة فحسب ، بل أيضا – فيما أحسب – لتترجم عما يعتمل داخل كل منا
وهو يهفو إلى الحياة الحرة الكريمة ، فلا يجد بدا من الانعطاف نحو بعض ملامح الماضي ، ويقطف منه
ومضات توميء إلى مراميه البعيدة التي تستشفها نفوس المتلقين على اختلاف مشاربهم وتوجهاتهم .
وما زلت أعتقد – كما تعلمت من سدنة النقد الكبار – أن من عامل نجاح الشاعر أ ن تكون تجربته
عامة ولو كان منطلقها ذاتيا ، أو تلونت في بعض أجزائها بلونه هو .
ومما قد يعزز ما أراه أن اتكاءك على التشبيه – وهو من أوسع طرق التصوير انتشارا – جعل
الصورة تتنامى لتمزج العام بالخاص في تصوير المعنى .
وأما الختام الذي تكرر فيه فيه الاستمرار بالانطلاق المتفائل ، والتحدي المتدفق ، والصمود الواثق ؛
فهو زبدة الرؤية وبيت القصيد ؛ حتى ليكاد يغدو نشيدا لكل عربي يعتز بتاريخ أمته ويضيف إليه ما يجدده
ويحفطه فى وقت واحد معا.
واسمح لي ببعض تساؤلات أرجو ألا تكون غير محاولة لتثرية القراءة حول هذه الميمية التي تهدر
بكثير مما في أعماقنا :
- كنتُ والموتُ رفيقـي ..لـم يـزل قابضاً روحي..! وأستجدي انتقامه !
ربما لو حذفت الواو قبل المضارع لكان ألصق بالمعنى ، وادعى لتلاحم الفكرة
أفتوافق على أن يكون البيت :
كنت والموتُ رفيقي ، لم يزل قابضا روحيَ ! أستحدي انتقامه !
ففي الواو شيء من شبه كمال الانقطاع بين أجزاء اللوحة التي رسمتها بمهارة متقنة لم يغب عنها
وجدانك المتوهج بصدق النفس.
- كنتُ إذ كنتُ..! وإذ كـان المنـىعابراً كالسهم ما أفشى سلامـه!!
أكاد أشعر أن النفي بلم متبوعة بالمضارع المجزوم بها ألصق بالحركة هنا ؛ وذلك أن النفي بما مع
الماضي ربما يبطيء من حركة عبور السهم وأما المضارع ؛ فمع كونه منفيا بلم ففيه استحضار نفي
إفشاء السلام وكأن الحال يقتضي الإفشاء ، لكن سرعة الحركة نفته فلم يكن ثمة التفات إلى إلقائه بله
إفشائه .
- أُطلـقُ الـروحَ كمـا يحلـو لهـاأحملُ القلبَ على كفِّـيْ حمامـه
أتقصد ( كفَّى حمامه) فيكون القلب محمولا عليهما ؟
أم تقصد ( كفِّي حمامه) فيغدو القلب حمامه محملة على الكف؟تساؤل دفعني إليه عدم تبيني دقة
الضبط . !
- نافثـاً للدهـرِ عزمـي هـازئـاً لم ينلني اليـأسُ إذ أسقـى زؤامـه
قد يكون الزؤام على رحم ماسة بالطعام ، والأقرب إلى السقي في تعبيرك (الأوام ) ؛ فما رايك أيها
الحبيب في جعل التعبير:( إذ أسقى أوامه ) أو ( إذ ألقى زؤامه ) ؛
لأن من معاني الزؤام :الموت العاجل ( أطال الله عمرك وأحسن عملك ) .
وليس ما قدمت سوى تساؤلات تابعة محاولة مبتدئة لبيان ما في رائعتك من محاور أراها جديرة
بالتناول.
فلك اعتذراري على تساؤلاتي .
ولك مودتي وتقديري.