يكاد لسانها ينطق.. فتقيده.. تخبئه وتغلق ثغرها تماماً.. ليس هناك ثمة ما يُقال
شعور حاد بالوحشة يلازمها لغيابه تلك الأيام.. تبحث عنه بين أرجاء المكان .. لا تجده..لكنها تشعر به يلازمها فيتبدد إحساس الوحشة قليلاً.. توارى إحساسها بخجل بين طيات تفكيرها.. وتلهى عينيها بين اوراق كثيرة .. فتطالعها عيناه فى كل صفحة.. تزهد الصفحات
تلملم أشياؤها المبعثرة وتغلق أدراجها بمفتاح وحيد وتتركه مُتدلى من الدرج.. تنظر إليه متمعنة .. هل تضمه إلى حقيبتها حيث يرقد فى سكون اعتيادى.. تقرر تركه وتنسحب من يوم عمل يخلو من كلماته
تنهار هناك.. فى بيتها .. حيث تحاول بث الحديث فى أرجاء الصمت المحيط.. يأتيها الرد مقتضباً كعناوين نشرة الأخبار.. يتحرك الخط البيانى الذى تراه على شاشة افتراضية جانبية متذبذباً لأعلى قليلاً.. ثم يعاود الثبات.. مُصدراً صفيراً قاتماً ينبهها إلى نضج الطعام على الموقد
تتحرك كتمثال.. تحيا كتمثال.. وتطالع بسأم شديد عقارب الساعة العتيقة المعلقة فى تابوت رأسى.. يتحرك بندولها بسأم مماثل..تمر من أمامها لتذهب إلى إعداد طعام يبقيهما على قيد المسماة.. حياة
تغمض عينيها قليلاً.. فتدفئها حوارات مستفيضة.. تظن الحروف قد أصابها حريق.. الحروف المُستعادة تبثها دفئاً مُحبباً.. تصرخ.. لقد لسعتها النيران.. لا يهتم أحداً بسؤالها عن سبب صرخة.. كأنها مُفترض فيها الألم الدائم.. تواجه بقايا الحنين بالنوم
توقظها لمسة على شفتيها.. فتنفرجان فى تساؤل مُجاب عنه.. وتستكمل النوم
صباح آخر يخلو من وجوده.. لماذا تفكر بوجوده.. إنه لا يمنحها إلا كلمات.. حديث.. لا يريحها الحديث بل فى أغلب الأحوال يستنفر أفكارها .. جدل دائم.. نقاش مستمر.. كلمات رغم عاديتها تحسها دافئة..تُقصى إحساسها بدفء الكلمات وتستعيد دفء الأمس.. فتبين لها الشاشة الجانبية بخط ثابت معتاد
صباحات متتالية تخلو من وجوده.. تحاول بث الروح فى ذاكرة الإحساس.. تستجلب من الكلمات القديمة دفئاً
تحيا بدفء مُستعاد
عندما أتى ذلك الصباح إلى مكانه الشاغر منذ عصور .. حاولت الكلام..يكاد لسانها ينطق.. فتقيده.. تخبئه وتغلق ثغرها تماماً.. ليس هناك ثمة ما يُقال