|
تسلل عبر الليل هم إلى القلب |
فرحت أنادي الصحب: أينكم صحبي؟ |
أناديهم من خلف قضبان وحدتي |
فيا للذي أمسى سجينا بلا ذنب |
لقد أدمنت روحي كؤوس وصالكم |
فما بالكم قد ذدتموها عن الشرب؟ |
وكيف نزعتم من يديّ جميع ما |
مددتم لها في سابق العهد من قرب؟ |
ولم أر من يهدي سواه هدية |
ويأخذ ما أهداه بالسلب والنهب |
وينبت في قلب جناحا فإن سما |
وطار بتيه فوق قافلة الشهب |
أغار عليه ثم قص جناحه |
ليسقط من عرض السماء إلى الترب |
طويتم بساط الأنس من بعد نشره |
وسرتم به حتى اختفيتم من الدرب |
كأنكم حلم أفاق بمقلتي |
وقد ضم منها النوم هدبا إلى هدب |
فطاف بها في جنة تشرب السنا |
وتلبس فستانا من الورد والعشب |
فلما استفاقت فر منها لغيرها |
وعادت إلى الصحراء منتجع الجدب |
إذا انبعثت ذكراكم قلت : ليتها |
تراءت أمام العين لا القلب واللب |
وياليتها إذ أقبلت بإنائها |
سقتني مما فيه من سلسل عذب |
أو ارتحلت عني فليس يزيدني |
سوى الظمأ التحديق في أوجه السحب |
وقد كانت الأحزان عني بعيدة |
لأنكم في الكف كالصارم العضب |
إذا خفت من كرب يطارد خافقي |
فأنتم ملاذ للفؤاد من الكرب |
أعود لكم كالطير عاد لعشه |
ومن خلفه الليل الملفع بالرعب |
لقد كنتم كالجسر أنقل عبره |
خطاي من القفر الكئيب إلى الخصب |
إذا قلت للنسيان أنت بديلهم |
وليس سواك اليوم منج من الخطب |
يجيب بصمت ثم أذكر صمتهم |
إذا قلت عند الليل : أينكم صحبي |