أنا الآثمةُ... !
أنا...
لم أسئ...
عندما ضربتُ خيامي قربَ نبعٍ؛ ظهر لي فجأة في صحراءِ عمري المقفرة. لم أسئ, فلم أتصورها سرابًا؛ ارتدَّ مفجوعًا عن ألفِ تلةٍ من صخورِ الملحِ. لم أسئ؛ حين حلمتُ بطعمِ الماءِ ومددتُ يداي أقطفه من قلبِ الحريقِ..
فقط ...
كنتُ أستجدي شذرةَ ضوء ٍ؛ يتراقصُ على خصرِ السحبِ, وهمسةَ ماءٍ تترنحُ ثملة ًمن فمِ غيمةِ سوداءِ. تعلمتُ أنا بعدَ الموتِ... درسَ الحياةِ. تعلمتُ أنا؛ كيف الظلال تحتضنُ حرابَ الوهمِ, وكيف تهدينا شظاياها بحنوٍ, لتغفو في قلبِ أحلامنا.
لم أقل أني ملك, ولا أملكُ مفاتحَ الغيبِ, فلم يفتح لي الغدُ صفحتَه, لأرى نصفي يكرهُ نصفي؛ يتحاربان فوق قبري. ولأني العاصيةُ, ولأني أسيرُ مثقلةَ بذنوبِ إخلاصي, أستحقُ أن أُصلب, أستحقُ أن أُرجم بالخيانة.
أنا المجرمةُ...
جرمي حلمُ فرخٍٍ ٍنقرَ قشرةَ بيضتِه ليشهق, ليترنح, ليقف, ليحاول الطيرانَ في عمقِ المحيطِ. جرمي أحملُه مجدلاً في ضفائرِ كفني؛ والكفن تتنازعه مناقير الضياع, فتبعثرتُ في البياض.
أنا الآثمةُ...
اثمي اشتهاءُ الركضِ فوقَ أرصفةِ الفراغِ, فوقَ دروبِ النجومِ, وحين روضتُ المحال؛ وجدتُ ساقي مبتورةً, تنزفُ ضياعًا في يدِ الخداعِ وقلبي غافيًا بين أنياب ِالأفاعي, مستسلمًا... لا يبالي.
ما جنيتَ علي صديقي إذ جنيت, إنما قلبي المسعور للحبِ جني !
د. نجلاء طمان