هل تذكر!
منذ أنْ ركبتَ قطار الضباب يا أبي ..
تلاشتْ صورتك
رويدا
رويدا
لم يبق معي شيئا مما آلفت عليه
الجاذبية غير الأرضية أختلست حواسي
الخمس لأني أفتقدتُ حاسة التذوق
لسخاء التنقل بين مروج الألوان ..أفتقدت صرامة إستقطاب تنوع الروائح ..
لعفوية إجتذاب خمائل الشم ...
وأفتقدت طلاوة رقائق الذبذبات السارية
في ديناميكية اللمس ...
أفتقدت براءة مد الرؤية نحو التمدد
اللا نهائي في آفاق النظر ..
وأفتقدت قطرات أنسيابية لسكينة
ضوضاء الهدوء في السمع
منذ أن أمتطيت صهوة الغياب عندما لاح ظلك على هيئة فارسا
يمتطي صهوة ألحان ضوئية
في أرجوحة ذاكرتي ....
طاويا مساحات التنائي
نحو نقطة أفاق بعيدة ...
كلما اقتربت منها كانت تتوسع الفجوة
ثم تركتَ يدي
تهوى
تهوى
لتتدلى من منحدر الدمع ....
على مرمى الفراغ وتركت بريق عيني يأفل
خلف هالات السحب...
عندما حاولتْ كل الأصوات تهدئتي ....
كانت أجفاني المتشحة بالبكاء تحتبس خلف الباب ..
ظللت أطارد الغمام بعيوني ....
بقيت أتوسد ضغث الملام
وأحوك من حبات الثلج
رداء مخملي دافئ يمتد ...
الى عنق الزمهرير
و كان الصبر عكازا يتكئ عليه الأمل ....
عندما أنفلتت مني الآهات
و أدركتها الريح سريعا وطوتها
أبي ...........
كان صوتك في حقول صباحاتي ...
وحدائق إحساسي عطرا برائحة الأجاص ....
كان صوتك صولجانا يجبر الشمس على الإنصياع ...
كي العب في الحديقة ....
كان صوتك زئير أسدٍ وجناحي باز تهابه الأشجار...حتى الظل كان يمد لسانه بعد الغروب ...
وكان صوتك في لحظات هزائمي ...
يعيد توازني حتى لو أخترقت خط النار ,,وسرت
حافية القدمين ..فوق خيط يفصل الليل من النهار ...
كان صوتك في قحط مفازاتي يصارع الريح...
ويحلب السحب ...
وفي تمويهات فصولي يهطل بردا وسلاما..
ليشفيني من رهبة نوائب الدهر ...
ويمسح من زجاج نوافذي أغبرة الريبة ....
و شوائب الخوف ...
كان صوتك لي رؤية جلية في ضباب الوقت....
وكان جرعات الحكمة التي تصونني من الوهن ....
الآن فقط ...أعبر أفلاك الذاكرة...
حتى أصافح ذكراك التي تركت ظلا على الجدار..
وصورة لفارس عاش للجمــــيع
ومات مني......... مني فقط ......