|
( شَرَرُ الشِّعرِ نَفرَةٌ مِنْ هِجاءِ |
تُوغِرُ الحِقدَ فِي جَوَى الأحناءِ |
فَاستَعِذْ مِنهُ ؛ وَ اجتَنِبْ أَنْ تُكَنَّى |
بِأَبِي الهَجوِ . يَا أَبا الشُّعَراءِ ) |
قَالَ شِعرِي , فَقُلتُ : ( نَحِّ بَعِيدًا |
أَيُّ صَمتٍ تُرِيدُهُ مِنْ إِبائِي ؟ ) |
أَمِنَ العَدلِ أَنْ أُقِرَّ بِهَضمٍ ؟ |
جَرَّ بَلواهُ أَنذَلُ السُّفَهاءِ ! |
وَ أُدارِيهِ فِي حَرِيقِ ضُلُوعِي ؟ |
بَينَما يَسعَدُ البَغِيُّ بِدائِي ! |
أَيُّها النَّاسُ ؛ لَا أَبًا لِذَلِيلٍ |
فَاربَؤُوا عَنْ مَذَلَّةِ الأَبناءِ |
أَرِقَ الحِبرُ فِي دَواتِيَ , عُذرًا |
فَاسمَحُوا لِي بِزَفرَةٍ فِي الهَواءِ |
لَيسَ جَهلًا أَنْ يَنفُثَ النَّارَ شِعرِي |
إِنَّما الجَهلُ سَكتَةٌ بِازدِراءِ |
خُلِقَ الهَجوُ كَي يَطِيرَ ثَقِيفًا |
فِي قَصِيدِي كَطَعنَةٍ نَجلاءِ |
" أَعوَرُ الحَرفِ " صارَ فِي القُدسِ " عِيسَى " |
وَ " كَلِيمًا لِلَّهِ " فِي سِيناءِ |
وَ غَدا بَينَ لَيلَةٍ وَ ضُحاها |
تَفِهُ الطِّينِ نَجمَةً فِي السَّماءِ |
أَيمُنُ اللَّهِ ؛ مَا عَجِبتُ لِأَمرٍ |
مِثلَما قَدْ عَجِبتُ مِمَّنْ يُرائِي ! |
يَرجُمُ الطَّاهِرِينَ مِنْ غَيرِ ذَنبٍ |
وَ يُباهِي بِغَضبَةِ الشُّرَفاءِ |
تَارَةً يَزعُمُ الرُّقِيَّ - كَذُوبًا - |
وَ هْوَ أَدنَى مِنْ سَقطَةٍ نَكراءِ |
وَ يُذِيقُ الحَرائِرَ الوَيلَ ؛ طَورًا |
ثُمَّ يَرقَى لِقِمَّةٍ عَلياءِ |
كُلَّما سِيقَ نَحوَ حِزبٍ تَغَنَّى |
بِأَغانِيهِ آمِلًا بِالعَطاءِ |
لِيَبِيعَ الضَّمِيرَ فِي هَتكِ عِرضٍ |
فَقَوافِيهِ سِلعَةٌ لِلشِّراءِ |
لَستُ أَهجُوهُ ؛ يا قَصِيدُ ؛ وَ لَكِنْ |
أَطَأُ - اليَومَ - هَامَةَ الجُبَناءِ ! |
لَستُ أَهجُوهُ ؛ فَالهِجاءُ - لِمَنْ لَمْ |
يَبلُغِ الهَجوَ - مِنحَةٌ مِنْ ثَناءِ ! |
لَستُ أَهجُوهُ ؛ لَا وَ رَبِّ يَقِينِي |
كَيفَ أَهجُو فُقَاعَةً مِنْ خَواءِ ؟ |
لَستُ أَهجُوهُ ؛ فَالخَصِيمُ حَقِيرٌ |
بَلْ وَ أَوهَى مِنْ أَنْ أَراهُ عِدائِي ! |
لَستُ أَهجُوهُ ؛ كَيفَ أَهجُوهُ فَردًا ؟ |
وَ جَمِيعُ الرَّعاعِ فِي غَوغاءِ ! |
لَستُ أَهجُوهُ دُونَهَمْ . فَجَمِيعًا |
إِنْ تَقَدَّمتُ أَدبَرُوا لِلوَراءِ |
لَستُ أَهجُوهُ ؛ إِنَّما فِيهِ أَهجُو |
أُمَّةً جُلُّ هَمِّها فِي البَغاءِ |
قَرَعَ الفِسقُ بَابَها فَأَطَلَّتْ |
فِي شَفِيفِ المَلابِسِ الفَحشاءِ |
وَ تَخَطَّاها المَجدُ لَمَّا أَناخَتْ |
لِخَصِيٍّ مُنَكَّرِ الأَثداءِ |
راوَدُوها عَنْ نَفسِها ؛ فَأَضاعَتْ |
شَرَفَ الحَملِ زَحمَةُ النُّزَلاءِ |
وَ تَرَدَّتْ مِنْ شَاهِق العِزِّ فِي مُسْـ |
ـتَنقَعِ الوَحلِ وَ ارتَضَتْ بِالفَناءِ |
حَصَدَتْ نَصرَها مَواسِمَ ذُلٍّ |
وَ اصطَافَتْ بِعُريِها فِي الشِّتاءِ |
وَ استَكَانَتْ فَأَنبَتَ الخَوفُ فِيها |
خَبَلَ الفَهمِ فِي خَنَا السَّفسَطاءِ |
رَزَحَ الفِكرُ وَاجِمًا بَينَ رِجلَيـ |
ـها أَسِيرًا لِلسَّادَةِ العُمَلاءِ |
وَ تَساوَتْ فِيها المَزابِلُ بِالجَنَّـ |
ـاتِ وَ المارِقُونَ بِالنُّبَلاءِ |
وَ الرُّؤَى بِالخَيالِ , وَ الحَقُّ بِالبَا |
طِلِ , وَ البَائِسُونَ بِالبُؤَساءِ |
فَمَضَتْ حِقبَةُ الفُتُوحاتِ وَ ارتَدَّ |
تْ لِتَشقَى بِكثرَةِ الخُلَفاءِ |
أَيُّها العُربُ ؛ يَا جُناةُ ؛ أَذِيقُوا |
بَعضَكُمْ بَأسَ مَا بِكُمْ مِنْ غَباءِ |
لَيسَ مِنكُمْ رَشِيدُ عَقلٍ ؟ فَيَحذُو |
حَذوَ مَنْ سَارَ فِي خُطَى العُقَلاءِ ! |
يَشهَدُ الدَّهرُ - بَعدَما مَلَّ مِنكُمْ - |
أَنَّكُمْ خَائِنُونَ لِلأَنبِياءِ |
يَهتِكُ العَاهِرُ الحَياءَ بِشِعرٍ |
ثُمَّ يَزهُو بِرِفقَةِ الأُدَباءِ ! |
وَ تُرِيدُونَ أَنْ أَكُفَّ سَعِيرِي |
عَنْ هِجاءِ البَدائِلِ الشُّبَهاءِ ؟ |
هَدِّدُونِي ؛ فَلَستُ آبَهُ بِالتَّهْـ |
ـدِيدِ مِنكُمْ , يَا عُصبَةَ الأَشقِياءِ ! |
وَ لِشَيخِ العَشِيرَةِ - اليَومَ - قُولُوا : |
( إِنَّ شِعرِي لَنَاصِرُ الضُّعَفاءِ ) |
لَستُ أَخشَاهُ ؛ مَا خَشِيتُ أُسُودًا |
قَبلُ ؛ كَي أَخشَى الآنَ بَعضَ الجِراءِ ! |
أَيُّ مَعنَىً لِما نَصُوغُ إِذا لَمْ |
يَرِدِ الشِّعرُ مَوئِلَ الكِبرِياءِ ؟ |
عَفَنُ الفِكرِ أَنْ يَكُونَ زَنِيمًا |
وَ زِنَى الحَرفِ أَنتَنُ الأَدواءِ |
وَ هَوَى النَّفسِ أَنْ تُذِلَّ كَرِيمًا |
- وَا هِجاءَاهُ - بُؤرَةٌ لِلوَباءِ |
مَا عَلَى الشِّعرِ - إِنْ جَفانِيَ - لَومٌ |
بَعدَ هَذا , لِأَنَّنِي عَنهُ نَاءِ |
فَاعذرُونِي إِذا تَبَرَّأتُ مِنِّي |
وَ تَأَبَّطتُ غَضبَةَ الجُهَلاءِ ! |
وَ تَحَزَّمتُ ثَورَةً لَا لَهَا الطَّحْـ |
ـنُ نَظِيرًا , وَ لَا رَحَى كَربَلاءِ |
فَشَظَايايَ مِنْ هَدِيرِ جُنُونِي |
تَتَرامَى إِلَى حُدُودِ الفَضاءِ |
وَ ضَجِيجُ الأَنِينِ يَملأُ صَدرِي |
بِدُخَانِ انفِجارِ أَشلاءِ لَائِي |
أَينَ مِنِّي خَلائِقُ الكِبرِ ؟ رُدُّو |
نِي ؛ أُحَلِّقْ بِها إِلَى خُيَلائِي |
أَينَ مِنِّي مَرابِطُ الحِلمِ ؟ دُلُّو |
نِي ؛ فَقَدْ مُزِّقَتْ إِلَى أَشلاءِ |
أَينَ مِنِّي مَراجِلُ الحِقدِ ؟ خَلُّو |
نِي ؛ أُفَجِّرْ جُنُونَها بِاستِيائِي |
أَينَ مِنِّي لِسانُ ثَأرٍ يُنادِي : |
( حَيَّ - يَا سَورَتِي - عَلَى الإِغواءِ ) ؟ |
كَيفَ أَنسَى نَوازِفُ الجُرحِ ! وَ السَّيـ |
ـفُ بِكَفَّيهِ غَارِقٌ بِالدِّماءِ ؟ |
كَيفَ أَنسَى ! وَ قُدسُنا خَانَها الأَو |
غَادُ - وَيحِي - بِخُطبَةِ الأَدعِياءِ ؟ |
كَيفَ أَنسَى العِراقَ ! لَا عِشتُ يَومًا |
بَعدَها مِثلَ أَجبَنِ الزُّعَماءِ |
أَيَصِيرُ الحَقُودُ صَاحِبَ وُدٍّ |
إِنْ سَقَى الحِقدَ فِي جَمِيلِ الدِّلَاءِ ؟ |
وَ يَطِيبُ الصَّدِيدُ مِنْ بَعدِ قَيحٍ |
إِنْ مَزَجنَاهُ فِي نَمِيرِ السِّقاءِ ؟ |
أَأَمُدُّ اليَدِينِ لِلصَّفحِ ؟ كَلَّا |
أَلفَ كَلَّا , وَ قَدْ غَوَى أَقرِبائِي ! |
فَتَناسَوا نَواجِذَ الظُّلمِ لَمَّا |
رَأَوِا الذِّئبَ لَابِسًا لِلفِراءِ |
وَ تَنادَوا لِسَكرَةِ الشِّعرِ فِي أَقْـ |
ـدَاحِهِ , مُنذُ أَنْ عَلَا بِالنِّداءِ |
عِندَما هَبَّ بِالمَدِيحِ لِـ : " نَعلٍ " |
غَفَرُوا النَّبحَ , وَ اكتَفَوا بِالمُواءِ |
مَدَحَ النَّعلَ ؛ لَو وَعَى النَّعلُ - قَبلًا - |
أَنَّهُ تَافِهٌ لَبَاءَ بِداءِ |
مَجَّدَ النَّعلَ ؛ لَو دَرَى النَّعلُ - يَومًا - |
بِالخِياناتِ نَاءَ بِالإِعياءِ |
أَيُّها الرَّاقِصُ الخَسِيسُ عَلَى أَو |
جَاعِنا , غَابَ عَنكَ وَقتُ العَزاءِ |
لَا تُفاخِرْ بِحُبِّكَ النَّعلَ . تَبًّا |
إِنَّما الحُبُّ خِلَّةُ الأَوفِياءِ |
لَستَ أَهلًا لِما تَسُوقُ إِلَينا |
قَدْ أَلِفناكَ مِديَةً فِي الخَفاءِ |
فَاترُكِ الأَمرَ ؛ لَنْ تُكَفِّرَ ذَنبًا |
سُقتَهُ - الأَمسَ - وَ اقتَرِبْ لِلجَزاءِ |
لَستَ تَرقَى لِأَنْ تَكُونَ " حِذاءً " ! |
فَامتَنِعْ عَنْ مَدِيحِ هَذا " الحِذاءِ " ! |