[
رهان ألأحرار :ياسمين ابن زرافة.راهنه على الصمود يوما ..
النص كاملا:
راهنه بدوره..
أشهر مِدفعَه في وجهه؛فـاستقام الطفل..
انحنى يلتقط حجرا؛فـاختفى الجندي في لمْح البصر.
تمهيد:
هذه مجرد محاولة لدراسة قصة ومضة ..قصيرة جدا..لم نستشر صاحبتها ..ولكن اهميتها في الزمان والمكان ..هي الدافع الوحيد ..
وقدرتها رغم عدد كلماتها القليل ..علىالإلمام بجهاد الذهنية الفلسطينية الخلاّقة المُبْدعة..وبما تحمله من رسومات متعددة للواقع ..والسبب الفني أن ضآلة حجمها ..يساعد على التطبيق المنهجي ..رغم نوئها بقضية كاملة ..في الجهاد.. حيث العزيمة ..والإقدام ..والرغبة الفلسطينية الجامحة في التضحية ..
هذه بعض الأسباب الموضوعية التي أملت محاولة ـ فقط ـ دراستها بأبعادها..
سيمائيةعتبة العنوان:رهان الأحرار..
الحر إنسان يملك إرادته فهو مسؤول..يرفض الضيم ؛كريم الخُلُق ؛عزيز النفس..كرم نفسه تترجمه حريته الوُجدانية التي تمنعه من التسلط على الآخرين..أو قبول سلطة الآخرين عليه بغير حق..
والحرية في الإنسان ذات أبعادفكرية؛ لاتنصاع إلا لأصولها وتطلعاتها ..نفسية تخضع للعقل ؛فـتنحصر أهواؤها ؛وإلا فهي مُستعبَدة لأهوائها..وُجدانية غير مملوكة لموجود..الحر ..لايرزح تحت نير الضغوط..
يملك حق الرفض والقبول..
والرِّهان باب من أبواب المنافسة والتحدي..لابد فيه من غَلَبَة فـهو مغالبة ..جدال ومعاندة.. لايخلو ضمنيا من صراع ..مهما ادّعى الأخوية ..إلا أن الرهان هنا توافقيا ..إيجابيا..تآزر لدفع أذى..
و الحر المُراهِن يرضى بالنتيجة مهما كان وقعها على النفس..من فعل الرهان..
والحر هنا يراهن ..ومن حقه مادام حرا..غير أسير لنزعة أو مخلوق..إلاّ للمبادئ التي اقتنعت بها الروح ..وصدّقها العمل..
والرهان يقع في فعل المشاركة// تفاعل // للدلالة على الحركة والتأهب ؛واستحضار النفس لخوض الغِمار..والاستمرارية والتجدد حتى نهاية الرهان....تراهن إثنان ..تخاطرا حول قضية..
الحر ـ إذا لاتكبله أغلال..خالٍ من العُقَد..والحرية مسألة مُعقدة؛عميقة الصلة بالنفس البشرية ..بل مصدر كل حركة وسكون في الإنسان..لذا اختلف الفلاسفة في الاجماع على تحديد مفهوم لها ..وعليه ؛نكتفي بالقول :
حريتك تنتهي ..حيث تبدأ حرية الآخرين ..
لذا فـالحر هو ذلك الإنسان الذي يحترم حرية الآخرين ..ولايهاجمهم ..بل يكتفي بالدفاع عن نفسه ؛والتصدي للظالم ..يقهره ..بلا شطط..وقد //يعفو عند المقدرة// ..لآنه خالٍ من الحقد ..فـ الإبادة..يحترم الآخر بكلياته الثقافية ..بآرائه؛بأفكاره؛بسلوكاته.. مالم تمسسْه بسوء..
والعنوان كـ عتبة في وُلوج النص؛يتزاح مع المضامين حتى نقطة النهاية ..يتنافذ مع المداليل الجزئية بطبقاتها..فـهو بداية الطريق ..وختامه انتصار..
// أصبحت عتبة العنوان بمعية العتبات الأخرى ذات تأثير كبيرفي بناء شعرية النص..//1
سيمائية الصــورة:
نقصد بها تلك الصورة التي تتشكل ضمن المداليل في الذهن عبر المِخيال ..
فـهي مُركبة ؛وشاملة لكل مضامين النص..تتألف من الصور الجزئية المعهودة في البيان..تلك الصور المُجَسِّدة للمجردات ..والتي تقرب المعنوي إلى الحس..فـتُنْقل من الإدراك إلى الخيال..
وتتسق ـ هذه الصور الجزئية ـ ضمن سلسلة مرتبة منسجمة ..مُتآلفة أو متنافرة ..يُحْسِن فيها المؤلف التخلص من جزء إلى جزء..
وتتشكل عبر طبقات متن النص ـ القصير جدا بين أيدينا ـ
ـ تراهن على الصمود..
ـ إشهار المدفع ..استقامة وانحناء..حجر..ملحمة..
ـ اختفاء الجندي..
الصورة المركبة موزعة بصريا على ثلاثة مشاهد..
شخصان تراهنا على الصمود..تتشكل ضمن هذه الفكرة صورة كبيرة تمثل مراحل سبقت التراهن ..إيجاز بالحذف تدلنا عليه القرائن اللغوية القليلة ..ولمّا كُنّا فقط نستفيد من أدوات النظرية السيمائية النقدية الغربية التي تَمْثُلُ ضمن سلسلة النظريات الحديثة لما بعد الحداثة..2..فـإننا نخالف الغرب ..ونقتحم الإسقاط على الواقع ..والعودة إلى التاريخ حيث حدثت الوقائع ..أي نربط داخل النص بخارجه..زواج شرعي تغافل عنه الغرب ..
إن انتفاضة الحجارةهي من إبداع فلسطيني عبقري أعزل من السلاح؛ جابه بها أعتى قوة غالبة في العالم .. أمريكا وأنصارها في خلفية الصهاينة ..
المؤكد أن الفكرة سبقت العمل ..التوعية ..التحضير النفسي والبدني الجيد..الاتفاق الفلسطيني..التخطيط والتنظيم ..
فـتراهن المُثنىـ في النص ـ على الصمود..وكأن الفلسطينيين في بداية الأمر كانوا متوجسين من النجاح..حرّضوا بعضهم على الصمود والتناصر ..وما المثنى فنيا إلا نداء جماعي وشعور مشترك..
كلمة الأحرار كما وضحناها قرينة لغوية لاتحيل الرهان إلأ إلى الفلسطينيين ..وحدهم ..ومن جمال الغموض الفني ههنا إيهام أن الطفل تراهن مع الجندي على الصمود ..وهي قراءة واردة..إلا أنني أفضل تراهن الفلسطينيين..في وجه العدو..والرهان يكون بين الإخوة كما يكون بين الأعداء..وهنا تعدد القراءة ..لاشتراك المتناقضين بين اللفظة/ رهان/..وأرجح قراءتي ..لأن الاختفاء قد يحمل إيحاءات أن الصهيوني قد أشفق على الطفل ..وما عرفت عنه رحمة ولاشفقة..عبر التاريخ..
والإحالة الثانية أن الصهيوني ليس حرا كما شرحنا مفهوم / الحروالحرية في العنوان/..ماهو إلا عبد أهواء..وأوامر فوقية تصدرإليه ..وقيده الوحيد هو المال ..فـهو عبد درهم..ليس حرا..
أما المشهد الثاني ..
فـهو ملحمة بين المتصارعين المتقاتلين..جندي صهيوني مدجّج بأحدث وأثقل وأكبر سلاح..مِدفع..وطفل فلسطيني يستقيم للمواجهة ..والاستقامة لها علاماتها التي تختفي وراءها وتفسرها ..الاستعداد والتأهب ؛واستحضار القوة الروحية قبل البدنية ..استجماع القوة وما يمكن أن يحمله الخيال من تصوير للموقف ..حدّة نظر وتكشير ..مواجهة بعزيمة وثبات ..تحدي الرهان القائم ..ليس له خيار إلا التصدي والصمود..
المشهد الثالث..
انكسار وخوف واندحار الجندي أمام طفل صغير ..تراجع المدفعية أمام حجارة ..وتبلغ القصة قمة التهكم ؛والسخرية بالصهيوني..إن اليد أعماها الرعب في مواجهة إقدام الطفل محملا بحجارة ..وهنا..منتهى الإشادة بموقف الطفل الصغير..القصة ترفع الطفل إلى الأعالي ..وتحط قيمة الجندي الصهيوني إلى الدرك الأسفل..
وهو تعظيم للدور الذي لعبته الحجارة في إثارة العالم ؛لمناصرة القضية العادلة ..والمهمة التي أدّتها في استرجاع بعض الحقوق الضائعة..أدنى حق هوالتفكيرالغربي في قوة الفلسطيني وطاقاته المبدعة ..فـهو لم يعد موضع سخرية ..بل إعجاب وتقدير..وهذا هو دافعهم إلى المطالبة بالسلم ..والدليل استهتارهم بالسلم لمّا اعتقدوا أنهم كبلوا المسلمين به ..أي:صرفهم كلية عن المقاومة..وانتهى الأمر إلى منع تداول كلمة جهاد ..ووصمها بالإرهاب..
وهناك بُعد ما ورائي للقصة مجملة..في إطار تحليل الخطاب.. ..باعتبار الخوف هاجس نفسي سيطر ..ويسيطر على الصهيوني ..وذلك لعلمه مسبقا أنه مخادِع ..مُحتل ..لاالأرض أرضه ..ولا القضية قضيته..كفره وضيق رؤيته للوجود..وتشبثه بالدنيا يمنعه من المخاطرة بعمره..
أما الطفل فـحافزه الداعم له ..أنه متيقن من عدالة قضيته ..وأحقيته في الدفاع عن نفسه وأرضه ..وعرضه..وفوق ذلك هو المؤمن بما يلاقيه عند ربه من جزاء عند قبوله شهيدا..فـهو واسع الرؤية للوجود ..للكون ..للحياة الأبدية لاالدنيوية.
ونعتقد الآن أن الصورة الذهنية اتضحت ..وأعتقد أن سيد قطب ـ رحمه الله ـ يسميها // المشهدية//...
نكتفي بهذا القدر بعد أن اتضحت الرؤية ..وتبقى باقي عناوين المنهجية ..إلى وقت ـ ربما لاحق ـ ..
هذه قصة قصيرة جدا ..تسمى أيضا القصة الومضة ..الكاتبة المحترمة تتقنها ..تلخص أفكارها دون الغوص في التفاصيل ..ولم تُعطَ الدراسة حقها هنا ..وهي تحوي جميع المقومات الأساسية للقصة ..
لكن نقاد الأدب العربي الحديث يفضلون الاسترسال في تناول الجزئيات والتفاصيل في القصة القصيرة ..بحجة التمرس على اللغة قصد اكساب القارئ القاموس اللغوي الضخم ..وتشويقه إلى القراءة ..ودفعه عبر الوصف والتصوير إلى التفاعل..
ـ أحاول قدر المستطاع رسم المربع السيمائي للنص: ..
// لكنني عجزت..
وسيرد لاحقا
ـ إن شاء الله ـ //
ونستخلص بناء على ماورد في المربع:ـ علاقة تضمن بين الطفل والحجارة ؛وكذلك بين الجندي والمِدفع.
ويدل عدم تكافؤ السلاح على تغالب قوى نفسية ..وانتصار صاحب الحق..
ـ علاقة تناقض بين الطفل والمدفع ؛وبين الجندي والحجارة ..
لتنتصر القيم والروح على الوسيلة المادية ..وهنا تكمن أهمية وجمالية القصة..
هنا..في هذه الومضة القصصية ..تطابق الفكر الإسلامي مع الرؤية الأدبية القصصية..
أدب المقاومة ..الأدب الإسلامي..
هذه هي الرؤية الخالدة..
أخيرا..إن أصبت فـمن الله ـ وهو وحده من وراء القصد دون سواه ـ وإن أخطأت فـ من نفسي ومن الشيطان..
1ـ النص الشعري:كثافة العتبة العنوانية..د/ محمد صابر عبيد.
2ـ نظريات ما بعد الحداثة هي التي تناولها الغرب بعد البنيوية ..وهي المتداولة الآن..يمكن شرحها عند الطلب في موضع آخر..
ملاحظة هامة ..
ـ وعدت بعض إخواني وأخواتي أيضا.. بدراسات في الشعر والقصة....لم أنس ..ستكون ما بقيت ..أيضا ما حييت..
ـ اعتذر مسبقا ..
للأخت ياسمين ..
لم أستشرها ..
لأسباب موضوعية ..
وإذا لم ترقها الدراسة..
نحذفها..