يا صديقي لا عدمناك فابق دانياً إن شئت أن تنأى, و أصدقني القول هل تراني منك كما أراك مني, إنّي ألتمس عتباك فلما لا تفصح أم تخشى الإفصاح يثقل على لسانك, لا عليك فقلهُ ما دمت الصديق الصدوق , وإن تحدث نفسك فحدثني كما أحدثك إن حدّثت نفسي ولا تجعلني صدرك الذي يلمّ بالهم دون أن يعلمه , بح لي عمّا اختلج في نفسك علك تخفف همّك فيخف همّي , يا صديقي ابك وإن استكبرت أن تذرف الدمع فأوكلني عنك أبكي فلو أبت الدموع الانجراف لعاقبت عيني بأن لا تر من أبت لهُ البكاء حتىّ لو لم يطاوعها قلبي ..
إنما كلانا عونٌ لكلينا فإن غمّ حينٌ من الدهر بانسدال حزنٍ وهمٍ تُعقـِّـبه الأيام والليالي كنت صبري بعد الموالى سبحانهُ وتعالى مهما أثقلت أكتافي حملاً. وكلّما أدركني فراغ استندت عليك أملءُ ذاكرتي بجميل صنعك وفصيح قولك وجزالة فعلك , فإن ما بيننا ماضٍ عتيق وكلٌّ يخبر الأخر ما يعني له كونه إنساناً يحتلّ بالحب قلب الأخر ...
يا رفيقُ الدرب عهدك الزمان بي قريباً فلا فرح يبتهج إلا بك ولا حزنٌ ينسى إلا بتواجدك مواسياً أنيساً , وإن تسأل الليل كيف أكتمل بدرهُ ذات لقاء لأخبرك أنّهُ تأثر إثر مزاحٍ بين قلبينا بصفاء ابتسامة ونقاء نظرة , صديقي مؤازري ناصري معيني كلماتٌ ليست لها معنى إن لم تكن كذلك , فليس ما بيننا عابر تسري بهِ الوقتيةُ خلف ستائر الذكرى لتبقى ذكرى فقط بل بالي تشغلهُ مساحةٌ حرةٌ تستوعب القادم وتنبش الماضي بشاشة مطلةً وتعيش الحاضر , ليس في الفم قولٌ وفي القلب الكثير فحسبك قلبك عنّى حكّمهُ يخبرك أكثر منّي .