غـربــة..
هو يا أبي..
وجعٌ
تَقاسَمَه الغناءُ مع الصدى.
دمعٌ كغيمٍ
فوق غصنِ العمرِ
يهطلُ
مثل حباتِ الندى.
حزنٌ بطعمِ القهرِ
جددَ في احتفاءٍ
موعدا
هو يا أبي
ذاتُ المساء بخطوه
لكن بلحنِ الخوفِ
يأتي منشدا.
هو ذاته الصمتُ المريرُ
إذا اكتفى
يبني
بساحاتِ البكاءِ
معابدا.
هو بُعْدُكَ المكتوبُ
رغمًا
-عن عيونٍ-
في غياباتِ الردى.
ماذا أقولُ
وكل قولىَ فاقدٌ
معنى الرشادِ
وجلَّ آياتِ الهُدَى؟!
ماذا أقولُ
وقد تريثتْ القصيدةُ
قدرَ جُرْحٍٍ،
كي تُؤجلَ
من حروفيَ ما بَدا؟!
لكنْ تفلتت المواجعُ
رغم حبرٍ في يراعي
ظل حينا جامدا.
لتسطرَ الأشعارُ
ما يُخفيه وجهُ الروحِ
نبضًا شاهدا.
هي غربةٌ
حلتْ بأركانِ الفؤادِ،
وباتَ فقدكَ
في الحنايا
سرمدا.
زهد المكانُ وجودَنا،
صرنا
بسحنةِ وجهِنا المألوفِ
يجهلنا المدى.
صرنا
نعانقُ ذكرياتِ الأمسِ
نَبْسَمُ للمُنى
علَّ الصباحَ
يزور بسمتنا غدا.
صرنا
نلوذُ بظلِ طيفكَ
كي يردَّ –متى نضام-
يَدَ العِدا.
صار الزمانُ يدورُ دورتَه
ولا يُقصي
سُهادا مُجْهدا.
وبحائطٍ
في الدار
تبحرُ صورةٌ
وشراعُها ماضٍ
يعيدُ شذى اللقاءِ
مجددا.
كانت عيوني دائمًا
تهفو لها
والآن روحي
كم تمدُّ
لها يدا.
فأُعيدني
بين الجموعِ صغيرةً
أرنو إلىّ
وأستعيدُ مشاهدا.
وبجملةٍ
يهذي بها ثغر الفراغ
أردُني
بين الدفاتر
في سكونٍ شاردا.
فأظل حينًا
ثم تتبعني ظلالُ قصيدةٍ
في هامش الصفحاتِ
ترسمُ
مشهدا.
وأنا به
أمحو ملامحَ غربتي
فيلوحُ
ما خلناه
عهدًا بائدا.
وأعود نحوكَ يا أبي
ألقي إليكَ تحيةً
يسعى بها
هذا الفؤادُ
إلى ثراكَ
مجددا.
أنا يا أبي
ما حدتُ يومًا
عن عهودكَ برهةً
كلا
وما حادتْ
قوافيَّ البريئةُ
عن طريقٍ أوحدا.
قلمي وإن زلتْ خطاه
لساعةٍ
حتما يعودُ إلى الإباءِ
كما ابتدا.
أنا طفلةٌ
علمتَّها
كيف النقاء يكون عنوانًا لها
ويظلُّ مسكُ الطهرِ فيها
خالدا.