|
أَيَنبُتُ إِلَّا مِنْ مَهانَتِنا القَهرُ !؟ |
وَ يَهزَأُ إِلَّا مِنْ مَخاوِفِنا الدَّهرُ !؟ |
وَ يَشرَبُ إِلَّا دَمعَ أَعيُنِنا النَّوَى !؟ |
وَ يَأكُلُ إِلَّا لَحمَ غُربَتِنا الهَجرُ !؟ |
وَ مَنْ باعَ بَعدَ السُّؤدُدِ العِرضَ لَمْ يَزَلْ |
يُسَوِّدُهُ - فِي عَيشِهِ القَذِرِ - العُهرُ |
وَ ما خَلَّفَ القَوَّادُ إِلَّا دَعارَةً |
وَ ما وَرَثَ الأَبناءُ عاثَ بِهِ الفَقرُ |
وَ مَنْ لَمْ يَمُتْ فِي ذَودِهِ عَنْ حِياضِهِ |
عَلَى مائِداتِ الخَوفِ ماتَ . وَ لَا فَخرُ ! |
فَيا شِعرُ ؛ لَا تَستَنطِقِ الآهَ مِنْ فَمِي |
وَ أَنتَ بِحَدِّ الآهِ , يَشطُرُكَ السَّطرُ ! |
حَمَلتُ - بِسُهدِ اللَّيلِ - أَثقالَ نَجمِهِ |
لَعَلَّ ظَلامَ اللَّيلِ يَفلُقُهُ فَجرُ |
وَ عَلَّ نَسِيمَ الصُّبحِ يَأتِي بِنَفحَةٍ |
تَرُدُّ لِيَ الأَفراحَ , يَحمِلُها عِطرُ |
فَما ازدَدتُ إِلَّا حَسرَةً فَوقَ حَسرَةٍ |
وَ ما نِلتُ إِلَّا ما تَهَيَّبَهُ العُمرُ |
عَلَيكَ سَلامُ اللَّهِ يا عُمرُ ؛ قَدْ مَضَى |
زَمانُكَ , وَ اسوَدَّتْ مَرابِعُكَ الخُضرُ |
وَ جَفَّ رَحِيقُ الأَمسِ وَ اخشَوشَنَ الهَوَى |
وَ غِيضَ سَبِيلُ العِشقِ وَ انحَسَرَ النَّهرُ |
وَ ما يَفعَلُ التَّحنانُ ؟ وَ الرَّبعُ فارِغٌ ! |
وَ ما يَنفَعُ التَّذكارُ ؟ وَ النَّافِدُ الصَّبرُ ! |
فَلا تَرجُ بَعدَ الشَّيبِ عَودَ نَضارَةٍ |
فَلَيسَ يَرَدُّ العَصرُ ما صَرَمَ الظُّهرُ |
وَ لَا تَرجُ مِنْ هَذا الزَّمانِ عَدالَةً |
فَقَدْ خانَتِ الأَيَّامُ وَ انقَلَبَ العَصرُ |
مَصِيرُكَ مَقدُورٌ وَ ضَعفُكُ بائِنٌ |
وَ وَقتُكَ وَحشٌ فِي نَواجِذِهِ غَدرُ |
وَ هَمُّكَ مِنْ صُنعِ الذِينَ تَسَيَّدُوا |
وَ بُؤسُكَ إِنْ تَخضَعْ لِإِمرَتِهِ يُثرُوا |
تَعِيشُ عَلَى كَفِّ الحُكُومَةِ طاوِيًا |
وَ بَيتُ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ بِهِ سُكرُ |
تَدُورُ بِكَ الأَحلامُ سَكرَى بِنَزفِها |
وَ دارُ " أَبِي سُفيانَ " دارَ بِها خَمرُ |
وَ شِعبُ " أَبِي جَهلٍ " تَلُوكُ تُرابَهُ |
عَلَى عَطَشٍ , وَ الماءُ فِي يَدِهِ قَطرُ |
هُوَ الواقِعُ المَهزُومُ أَرخَى ظِلالَهُ |
عَلَيكَ , وَ ما أَرخَى سَتائِرَهُ النَّصرُ |
تُراقُ دِماءُ الخَلقِ ! لَا أَعيُنٌ رَأَتْ |
وَ لَا أُذُنٌ - يا رَبِّ - أَرهَقَها خُبرُ |
وَ يَجلِدُنا سُوطُ السَّلاطِينِ فِي الدُّجَى |
وَ كُلُّ صَباحٍ لَا يُذاعُ لَنا سِرُّ |
وَ رُبَّتَما أَعجَبنَ مالِكَ أَمرِنا |
كَواعِبُ هَذا الحَيِّ ! فَهْوَ لَنا صِهرُ ! |
نَسُوقُ لَهُ سَوقَ الشِّياهِ نِساءَنا |
وَ لَا ثَمَنٌ يُخفِي البِغاءَ وَ لَا مَهرُ |
جِباهٌ عَلَى وَحلِ المَجاعَةِ مُرِّغَتْ |
وَ شُجَّتْ صُدُوغٌ وَ الأُنُوفُ لَها كَسرُ |
فَلَسنا سِوَى شَعبٍ عَلَى الذُّلِّ مُدمِنٍ |
وَ لَيسَ لَنا حَولٌ وَ لَيسَ لَنا أَمرُ |
وَ لَيسَ بِعُجبٍ أَنَّ لِلعَجزِ غابَةً |
إِذا غابَتِ الآسادُ سادَ بِها الهِرُّ |
وَ لَيسَ غَرِيبًا أَنَّ لِلرُّعبِ رِعدَةً |
وَ أَنَّ جِراءَ الكَلبِ دَيدَنُها سُعرُ |
وَ أَنَّا نَرُدُّ الظَّالِمِينَ بِرِشوَةٍ |
وَ نَدفَعُ عَنَّا ما يَضِيقُ بِهِ الصَّدرُ |
فَأَرفَعُ مَسؤُولٍ مُغَطَّى بِقِشرَةٍ |
وَ كُلُّ كَبِيرٍ - فِي النِّظامِ - لَهُ سِعرُ ! |
يُؤَمَّنُ فِينا كُلُّ باغٍ وَ ظالِمٍ |
وَ يَحكُمُ فِي أَحوالِ عِيشَتِنا غِرُّ |
وَ حالُكَ يا شَعبي كَمَنْ خافَ ظِلَّهُ |
فَرانَ عَلَيهِ - فَوقَ ذِلَّتِهِ - ذُعرُ |
أَلَا تَبَّتِ الحاجاتُ ؛ فَهْيَ مَذَلَّةٌ |
وَ ما زادَها إِلَّا بِفاقَتِكَ القَسرُ |
وَ تَبَّ مِنَ الإِيمانِ والٍ تَسُبُّهُ |
إِذا غابَ ؛ لَكِنْ بِالحُضُورِ لَهُ الشُكرُ |
وَ تَشتُمُهُ بِالسِّرِّ وَ العارُ شاهِدٌ |
وَ تَمدَحُ - يا لَلعارُ - وَ الشَّاهِدُ الجَهرُ |
فَإِنْ كُنتَ بِالتَّغيِيرِ - تَغفُو - مُؤَمَّلًا |
فَما حَكَّ جِلدًا مِثلَما فَعَلَ الظُّفرُ |
وَ خَيرُ إِمامٍ مَنْ تَحَلَّى بِعِفَّةٍ |
وَ شَرُّ رَعاعِ النَّاسِ مَنْ صَبَغَ الكُفرُ |
وَ أَعظَمُ ما تُبدِيهِ فِي المَوتِ وِقفَةٌ |
وَ أَفصَحُ ما تُهدِي لِمَنْ نَكَصَ الزَّجرُ |
وَ إِلَّمْ يَكُنْ لِلشِّعرِ دَورٌ بِنَهضَةٍ |
( فَلَيسَ جَدِيرًا أَنْ يُقالَ لَهُ : " شِعرُ " ) |