أعشق البحث عنكِ ( 2 )
ـــــــــــــ
تعالي يا مجرمة النساء ،،، أأنتِ التي اثارت الجُهام[1] والكَهام[2] ؟
قالت : لا شأن لي ،،، فلوني الذي تحبه عزّ نظيره ،،، فلما عزّ ، عزّ على إثره القرار ، ومن لم يقرّ صار يتآكل كما في جوفها تآكلت الأفعى ،،، فغلبها سُمها فتصاغرت .
قلت : وبدنكِ الذي طرّفته هناك ؟
قالت : كما ترى أرتجّ فيه ، إن أدبرتُ قتلتُ ،،، وإن أقبلتُ سحرتُ ،،، وإن استلقيتُ فتكتُ ،،، وقد حوى أوصاليَ الشَوَى[3] كما حوى الكأس الماء .
قلت : وماذا إن ملكته ؟
قالت : أوَلم تملكه بعد ؟
قلت : ليس بعد .
قالت : وهل لسيّد عربي مُنيف ،،، إلا أن يأمر فيطاع ؟
قلت : حبيبتي أنتِ .
قالت : وحبيبي أنتَ .
قلت : تعالي يا حبيبتي .
قالت : اوَلم تقل انكَ تحب الروح ؟
قلت : بلى ،،، غير أني أجزلتُ لكِ العشق وضاعفتُ الحبّ .
قالت : وماذا أدفع لك نظير ذلك ؟
قلت : راحتكِ بكفّها ،،، فإن زدت الذراع فمن كرم يتقطّر منكِ كما من المغتسل يتقطر الماء .
قالت : حسنا ،،، لك النصف من لدن الكف إلى المرفق ،،، وفي ذلك بلاغ .
قلت : ولكني أريد النصف الآخر ،،، لا هذا ،،، وفي ذلك مساغ .
قالت بعد أن وضعت راحتيها على خديها : إن أخذت ذلك النصف فقد أخذتني بالكلية .
قلت : أوَلستِ لي أنتِ ؟
قالت : بلى ،،، ولكن لم يبلغ الكتاب اجله بعد .
قلت : فماذا أصنع إذن ؟
قالت : أتعشق البحث عني ؟
قلت : أعشقه .
قالت : أتلتذّ عذاب البحث ؟
قلت : ومن قال لكِ أني سئمت لذّته ؟
قالت : وكيف يكون ؟
قلت : كأنكِ الطبيعة ، وكأنه النواميس ، إذ لا حيلة لنا بنواميسها ، تُجري ما يجب رغما .
فأظن أنني بعد هنيهة أقرّ فأنعم ،،، وإذا بي موقّراً[4] بأصفاد الأقوى مني .
قالت : ولم أنا ؟
قلت : لأنكِ مميزة بجوهر الحسن ، مركبة تراكيب الأنثى ، محشوّة دلاًّ وغنجا .
قالت : وذراعي هذا ؟
قلت : حشوهُ العصير ، كما حشو فمكِ السُلاف ، وخدّكِ الورد والزهر .
قالت : أخدّي هكذا ؟
قلت : نعم .
قالت : وماذا يحلب ؟
قلت : يحلب ما يُقهي[5] العقل ، ليتيه أكثر مما تاه بنو إسرائيل .
قالت : أود أن أذيقك عذابا ؟
قلت : وما هو ؟
قالت : ضمني أيها الرجل .
قلت : أخشى إن فعلت ألا أطيق فراقا ! .
قالت : إفعل .
فهممت ، وما كدت أقترب لألتصق بها ،،، حتى ابتعدتْ وقالت : لا ،،، لن تنالني .
قلت : لم ؟
قالت : أعذبك كما تحب .
فضحكت وقلت لها : أنتِ لئيمة .
قالت : أتحب تقبيل ذراعي ؟
قلت : وهل هو نوع من العذاب أيضا ؟
قالت : نصف عذاب فقط .
قلت : كيف ؟
قالت : تقبل يدك ثم تضعها على ذراعي .
قلت : وإن سألتكِ المزيد ؟
قالت : تشمه فقط .
ففعلت ،،، وما أن شممته حتى تمتمت وقالت ( حبيبي أنت ) .
فجلستْ وأدنتني من صدرها رحمة بي وقالت : نم ،،، فوضعت يدها على رأسي ثم ذهبتُ في سبات .
ـــــــــــــ
حسين الطلاع
المملكة العربية السعودية – الجبيل
12/5/2010
[1] : الجهام من أسماء السحاب الذي لا ماء فيه ولا خير .
[2] : الكهام من أسماء حدّ السيف البالي الذي لا يقطع
[3] : الشوى من أسماء الجلد ، ومنه قوله تعالى ( نزّاعة للشوى ) .
[4] : الموقّر هو المربوط أصلا ،،، ومنه جاءت التحية : إلى فلان الموقر ، أي المربوط بالأخلاق الحميدة ورجاحة العقل .
[5] : يقهي العقل أي يذهب ، وفي الأصل لغة : القهوة من صفات الخمر .