غريب على الفرات
--------------------------------------------------------------------------------
جلس الغريبُ علـى الفـرات مناجيـا
يـا نهـرُ هـل تصغـي أبثّـك مــا بـيـا
هـمّـي شـجـون والحـديـثُ مـواجــعٌ
لـكـنّــهُ نــــوم الـعــيــون جـفـانـيــا
لـمّــا تـذكّــرت الطـفـولـةَ والـصـبـا
وبــــراءةً ومـلاعــبــاً وصـحـابـيــا
كنّـا علـى جــرف الـفـراتِ نـوارسـاً
نـلـهـو ونـجـهـلُ سـاعــةً وثـوانـيـا
نبـنـي بيـوتـا فــي الخـيـال نؤمّـهـا
ونـقـيـمُ أعـــراسَ الـقـلـوبِ ليـالـيـا
ناعـورُنـا الولـهـانُ مــا هــدأتْ لــهُ
ألـحــانُ عـشــقٍ للحـبـيـبِ مـنـاديـا
مــا كـنــتُ أفـقــهُ مـايـقـولُ مـعـذّبـاً
حـتـى عشـقْـتُ فكـنـتُ نـــدّاً ثـانـيـا
صـــبّـــاً أُســـامـــرهُ أرددُ لــحــنـــهُ
شـوقـاً الــى رشــأ جـفــا وسـلانـيـا
أيــــامَ كُــنّــا والـحـكـايـا سـحـرهــا
نـشــدو بـهــنّ روائـحــاً وغـواديــا
يـا نهـرُ يـا صـنْـوَ الـزمـانِ بعـمـرهِ
والـجـرفُ يحضـنُـهُ حبـيـبـاَ غـافـيـا
أســرارُ مــنْ مــرّوا لـديـكَ حـكـايـةٌ
مــرّتْ عـلـيـكَ سفـائـنـاً وصـواريــا
وهـديــرُ مـوجِــكَ لـلـجـراحِ مـرنّــمٌ
وتـظــلّ تـسـمـعُ مـاضـيـاً أو آتــيــا
يـا نهـرُ هـل تــدري بـأنـي عـاشـقٌ
جـرحـي يقـيـئُ مـواجـعـا وأغـانـيـا
كــمْ مــرّةٍ جـرحــي أبـــثّ قـصـائـداً
أهـــوى حبـيـبـاً للـمـواجـعِ شـافـيـا
(سربَ القطـا مـن ذا يعيـرُ جناحـهُ)
إنـي فـقـدتُ مــن الهـمـومِ جناحـيـا
أيــــــامَ كـــنّــــا نستـعـيـدُمـبـاهـجـاً
والـدهــرُ فـيـهـا للـسـعـادة راويــــا
أيــامَ كـانــتْ جـدّتــي تـحـكـي لـنــا
عــنْ قـصـةِ السـعـلاةِ لـيـلاً طـاويـا
والـشـوقُ يملكـنـا وخــوفُ قلوبـنـا
بـيــنَ الـعـيـونِ مـكـتّـمـاً أو بــاديــا
حتـى عشقْـتُ فكنـتُ صـبّـاً أكـتـوي
والحبّ يجري في الضلـوعِ سواقيـا
فكـتـبـتُ شــعــراً لـلـغــرام مُـرنّـمــاً
لحبـيـبـتـي مُـتـوجـعــاً أو شــاديـــا
وكتـمـتُ آلآمـــي الـعـيـونَ مـخـافـةً
عـن لــومِ عـاذلـةِ الـهـوى متنائـيـا
جـرّحـنَ قلـبـي بـالـصـدود كـواكــبٌ
خلْـتُ الوصـالَ بـهـنّ يشـفـي دائـيـا
فالقـلـبُ أمـسـى بالـصـدودِ مـمـزقـاً
والعـمـرُ صــار قـصـائـداً ومـراثـيـا
غـنّـيـتُ ألـحـانـي لـعـيـنٍ حـسـنُـهـا
للقـلـبِ مــن ألــمِ الـجـراحِ مـداويــا
وظنـنـتُ أنّــي قــد وجــدتُ حبيـبـةً
عونـاً إذا الصـفْـو الشحـيـحُ قلانـيـا
ضحـكـتْ وقـالـتْ بالعـيـونِ حكـايـةً
أنــــي إلـيـهــا بـالــفــؤادِ الـغـالـيــا
فـوقَ الغـمـامِ أطـيـرُ صـبّـاً عاشـقـاً
والـشـعـرَ أنـشــدُ أربـعــاً وثـمـانـيـا
وأتــــتْ لتـخـبـرنـي بــأنّــي كـلّـمــا
أنـشـدتُ شـعـراً أو كـتـبـتُ قـوافـيـا
سمـعـتْ حبيـبـاً فــي البـعـادِ تحـبّـهُ
وأنـــا لـــه ظـــلّ أُ عــيــدُ غـنـائـيـا
فهزلْـتُ مـن فــرط الـغـرامِ وليتـنـي
مـــازارَ حــــبّ لـلـحـسـانِ فـنـائـيـا
أو كـنــتُ أعـمــى لا أرى لجمـالـهـا
أو كــان كالحـجـر الاصـــمّ فـؤاديــا
والـشـيـبُ أنـذرنــي بـأنــي راحـــلٌ
يــا ويـلـتـي مـــاذا هـنــاك أمـامـيـا
ضيّعـتُ عـمـري بالـذنـوب يشـدّنـي
زهـو الشبـابِ علـى التعقّـل طاغـيـا
خمـسـون مــرّتْ كالـخـيـال أظـنّـهـا
مــاذا لــديّ مــن السـنـيـن بـواقـيـا
غنّـيـت للـوطـن الحـبـيـب قـصـائـداً
أنـشـدتـهـنّ حــواضـــرا وبــواديـــا
غـنّـيـتُ للـشـهـداء مـجــدَ دمـائـهـم
غـنّـيـتُ للـفـرسـان مـجــدا سـاريــا
يــا نـهـرُ هــل أنبـيـك مــاذا بعـدهـا
غصـصُ السنيـن تجمْـعـتْ بردائـيـا
جــاءت بثـالـثـة الاثـافــي عـصـبـةٌ
ورمـتْ علـى أرض العـراقِ دواهيـا
ذبحوا النخيـلَ بحقدهـم وآستمـرأوا
ذلاً وكـانـوا فـــي الـعــراقِ زواقـيــا
(أيـخــونُ إنـســانٌ بـلاداً)أرضـعــتْ
هُ فراتهـا..أيـكـونُ خـصـمـاً عـاديــا
أبـكـي عـلـى وطـنـي بـكـاءَ ثـواكـلٍ
وأسـحّ دمعـاً فــي الـحـوادثِ غالـيـا
وطنـي وأنـت محبـتـي وحشاشـتـي
وأراكَ حـبّــاً فـــي الـفــؤادِ عـلانـيـا
(جـوعٌ إليـكَ كجـوع كـلّ دم الـغـري
ق إلــى الـهـواء) محبـتـي لعراقـيـا
هـو جنّـةٌ فـوق البطـاح بهـا زهــتْ
أيّــــامُ عــــزّ بـالـفـتــوح خـوالــيــا
(والشمسُ أجملُ في بلادي من سوا
هــا والظلامُ)هـنـا بـحـسـنٍ راعـيــا
يــا ريــحُ إنْ هـبّـتْ عـلـيـه رخـيّــةً
فلتـقـرأي مـنّــي النـخـيـلَ سـلامـيـا
ولْتشربـي مــاء الـفـراتِ وتمـطـري
فـوق الصحـارى اليابسـات دراريــا
ولْتورقـي فـي الـروح ظــلّ غمـامـةٍ
مـطــرٌ بـهــا للـراحـلـيـن مـواسـيــا
ولْـتـقـرأي مـنّــي الــســلامَ أحــبّــةً
هجـروا العـراقَ مدائـنـا وصحـاريـا
خوفـاً علـى تلـك الـرؤوس قطافـهـا
دانٍ لـمــن جـــاء الـمـرابـعَ غـازيــا
إنّــي هـنـا أهــوى الـفـرات ومــاءهُ
وتــــرابَ أرضٍ لـلـمـحـبّ أمـانــيــا