أصبحت أتساءل كثيرا كيف ؟
ولمَ أرى الآخر البعيد عني من خلف أمواج حلكة الليل , ولأن لمعان زبد البحر على قميص الليل كشف لي ما خفي مني بحكم المسافة , لتمتد رؤيتي اليك.. و إلى طيات شفافية نهارٍ يتصيد أنظاري لأفرك بهاتيك اليدين عيوني، وترتد سهام الفضول اليّ دون ملامسة الصورة.
وكأن ذلك الآخر على مرمى المسافة الممتدة من شريان الشمس الى آخر خيط ملقى على قارعة ليل تمتطيه جيوش الأحلام.
الأحلام التي لا تكف عن الأسئلة المستفزة لتسألني عنه , وكم أجهل عنه رغم نبوءة القلب بطقسه ومناخه.
آه من ليل ما أقصره حين يلوح له الأفق باشارة مقدمه وما أطوله حين يفترش انتظاري أمواج الدجى المليلة المترامية كوسائد حرير تجبر أجفان السؤال على النعاس , فيبتلع النوم قرص الصمت .. وينام كوكب الأرض على الجواب .
لماذا تبدو الأرض الآن وكأنها أصبحت أثقل وزنا من هموم شعوبها ومن ذنوب سكانها ؟
يأتي الصباح كربانٍ سفينة أطلقت دفتها للغرق في لحظة انفصاله عن الاتجاه الصحيح.
تلك لحظة ينحسر فيها عقل الربان بين تفاصيل الرحلة و تواطئه مع ذكرياته القديمة التي يستلذ باجترارها .
والنتيجة: إن الكوارث إذا وقعت تُقيد للقدر وإن كان فيها أثر واضح ليد البشر.وأتساءل !!!
كيف لك أن تنسج حوارا كهيئة طير ! يحلق في أركان القفص الصدري؟
لا هو يتعب من الطيران ولا القفص الصدري يكل من ضجيج الرفرفة ..
وكأنها صورة حية لتزامن توقيت مذهل للحظة تبرق فيها من ذاكرتي وترعد في ذهنك رسم ملامحي دون أن يجمعنا مكان واحد .
أعدتني الآن لزمن الطفولة , حيث لا يجيد الطفل حياكة التفسير , ولا يُخضع عقله للتبرير , فهو لا يعي سوى أنه يرى الأشياء من الصور المرسومة في ذهنه بأقل نسبة من التراكمات .
ويتعامل بكل تلقائية معها حسب رؤيته الشفافة فكل الاشياء لديه تتخذ اشكالها لا يوجد فيها المجاز ولا الضمنية، ولا شك يدوس على اليقين أو يقين يتظاهر بالشك .
فالطفل لا يحاول أن يراوغ نفسه ولا يخدع غيره وان أخطأ خاف و تجنب , وان أصاب فرح واقترب, وأن أحب تشبث بمن أحب. لهذا أرى هنا!
المُحاوِر والمُحاوَر هما عبارة عن أطفال البحر, أقصى ربحهما جمع الأصداف و تشكيل نتوءات المرجان .
وأتساءل كيف أجدك دائما نقيا بحجم السماء؟
وحدك.. ووحدك أنت من استطاع ان يجمع كل الأزمنة على راحة يدي كحفنة ابريز.
ولماذا أراك وكأن الشمس تحبو على الأرض لتؤكد لي أنك الحقيقة الوحيدة التي تحققت بحق؟
و لأن عقلي المضرج بدماء إعجابك يعي تماما بأن الشواطئ مهما رجرجتها الزلازل لا تلتقي إلا اذا كنت أنت حارس البحار.
أرجوك لا تستعجل صوتي لقد نطق بك قلبي فما حاجتك بقول يخرج من لسان بلا عظم , وقد تذروه الرياح وما احتواه القلب نقش على الصخر.