كما في كل مواضيعي:
1- تمهل في قراءتك ليتسنى لك فهم الموضوع ومن ثم سهولة تحديد الأفكار والنقاط المشار إليها .
2- لا تخجل من السؤال وإن تبحث بنفسك عما يشغل تفكيرك فهو خير لك فلا حياء في الدين وأجرك فيما تسعى إليه .
3- لا تتردد في التعليق على ما تقرأه فإن كان نقداً فشكراً لك وإن كان تعليلاً وزيادة في التوضيح فقد عمتنا الفائدة جميعاً .
--- الموضوع ---
خرجت من البيت مسرعة في يوم جمعة للتنزه مع صديقاتي بالخارج، كنت قد تأخرت عليهن لما أخذه المكياج من الوقت.
ركبت سيارتي وقدتها بسرعة هائلة كما إعتدت عليها لكثرة تأخري على المواعيد ولثقتي بمهارتي في القيادة.
حدث كل شيء بسرعة حيث اصطدم بي شاب في مقتبل العمر وأدى الحادث إلى إصابتي بأضرار بجسدي فتم نقلي للمستشفى.
لم تكن حالتي أصعب من غيري في المستشفى ولم أحسس بجسمي يؤلمني بل كانت نفسي متضايقة بعض الشيء.
أول من وصلني بالمستشفى كانت أمي بالرغم من أني لم أفكر قط بها وقلما أسألها عن حالها، قبلت جبيني ووضعت يدها الباردة على خدي.
جاءتني بحرارة الأم، بعدها بلحظات دخل والدي وكان قد ألغى رحلته والتي كانت ستقلع بعد ساعة من حادثتي.
لم يتفوه بكلمة واحدة، الأب الذي إعتاد على صفعي بسبب تصرفاتي اللامسؤولة والأنانية إضافة إلى الصراخ في وجهي كلما عصيت أوامره.
وضع في يدي مصحفاً ورحل بعد الإطمئنان على حالتي من الطبيب مباشرة، لم يؤنبني في حالتي ولكن قدومه أثبت لي أنه ما زال يخاف علي ويحبني إبنته الوحيدة.
عاهدت نفسي على أن تكون هذه الأخيرة، كل ما حدث اليوم جعلني أفكر فيما مضى وماذا كنت أفعل ليفيدني في مستقبلي.
قررت أن أقلب الصفحة الأولى والتي وقفت عندها لفترة طويلة جداً، خرجت من المستشفى بعد أسبوع وتملكني الإحساس بأني قد ولدت من جديد.
قمت برمي جميع مستحضرات التجميل، قمت بشراء حجاب أسود خالي من الألوان والزخارف فإن كل هذا من الموضة والموضة أتت من الذين لا يفقهون شيئاً من الدين ومن إيمانهم ضعيف.
حتى العبايات إستبدلتها لأن جميعها كانت جذابة ومخصرة بعض الشيء لتضهر محاسن البدن، اعتدت لبس العدسات الملونة وكانت تعجبني كثيراً ولكنني أدركت أن ربي خلقني في أحسن صورة فتخلصت منها جميعاً.
كنت قد حسبت ألف حساب للبشر ونسيت أن لي رباً واحداً، أخذت بالفروض وفرطت بالباقي، كنت على علم بأن ما أعمل به هو أقل مما يمكنني القيام به.
لم أقم بتغيير صديقاتي ولكنني غيرت من تصرفاتهن شيئاً فشيئاً حتى أصبحن يحبوني بصدق ولا يفارقنني متى أصبحت.
لم أنس فضل والدي علي وإصرارهم وحرصهم على تربيتي وتعليمي والحفاض علي من كل سوء، قمت بتخصيص ساعتين في اليوم للجلوس وقضاء الوقت برفقتهما.
لم أنس شكر ربي على هدايتي إلى الطريق الصحيح وتيسيره لي، أحب أن يعرفني الجميع بحقيقتي وليس بلون الطلاء الذي أخترت التلون به من قبل.
-------------------
كل ما سبق كان حلماً، لقد توفيت هذه الفتاة بعد نقلها بلحضات قليلة إلى المستشفى حيث حضر أبويها يبكيان على فقدان وحيدتهما.
كل ما سبق كان حلماً، لقد عادت الفتاة إلى رشدها بعد فوات الأوان حيث رأت في حلمها علامات التوبة والصلاح بعد حادثها المحزن.
كل ما سبق كان حلماً، لم يتسن للفتاة أن تعيش الواقع كما في حلمها الأخير ولكنها لم تخرج من رحمة الله سبحانه.
نسأل الله أن يجعلنا من التائبين في الدنيا وأن ينور بصيرتنا ويهدينا للدرجات العلى قبل مماتنا وأن يتقبل منا ما نسعى به لنيل حسناتنا.