هذه الحياة ...
خيبة عمرٍ تشرّد في تيهٍ أنكرت فيه الجهات الأربع أسماءها
نهارٌ ينام ملء جفونه سراب وليلٌ يصحو على أطلال تشبه أحلام الفقراء .
حياة ومسافات حنين ... وأنفس تحمل على عاتق الدمعة صرّة أحلام وتمضي ...
تركض باتجاه الريح .. وبين التذكّر والمجهول تتصبب شوقا
تُدني التذكّر / ماضٍ كأفكار قديمة من أوراق صفراء تنبعث رطوبتها
وتنادي المجهول / قادمٌ كأمواجٍ عاتية ترسم مخاوف البحر على سطور اليابسة
في هذه الحياة ...
روحٌ على شرفة 12/ 6 تقف .. تحضن في منتصف العمر ذكرى ميلادها وتتدلى من ضفائر ذاكرة تلامس ذوائبها بقعة ماضٍ بعيدة ..
على حدود التأمل في خارطة أيامٍ منفية إلى غربة الدواخل يجتاحها طوفان التذكّر , تغرق في بيت عمرٍ صدرهُ صرخة الميلاد الأولى وعجزهُ لحظة مثول الحرف هذا ..
ومن رحم التذكّر تولد أطيافٌ في لفافة من حنين .. حين الحنين في فيزياء الحياة قوة تجذب الذكريات المتوارية خلف ناطحات الغياب .
في شتات الليل نجمة ...
تشمّرُ عن سواعد الضياء وتمد يد البريق ألقاً يقود أحداق الكلام الأعمى وأرقاً يشعل في نعاس الذاكرة يقظة الحياة ..
ليلٌ يدوّن سيرته على ألواح أشجانه , وروحٌ على أثر الحروف تأخذ طريقها بين ضباب يغلف دفاتر مدرسية تحنو على أحلام بيضاء الأجنحة وتستحضر طفولة في أحضان الظل الأبكم غافية ..
ليلٌ وروحٌ تقطف من عيون الطفولة ضوءاً تغسل به وجه الفجر , وتحتسي قهوة الحنين من أقداح صباح تشرّب شدو فيروز / طيري يا طيارة طيري يا ورق وخيطان ....
دائرة الليل مركزها أمنيات .. ومماسها صباح
في نهارٍ ضوؤهُ آهات , ظلالهُ دمعات .. تضوّر حلم وتشرّدت أغنيات
الوجع مرآة تعكس حقيقة الحياة ..
على خارطة الوجع تصحو الروح لتجد ذاتها تقف على نقطة تفصلها من جهة الشوق عن تلك الطفولة مسافة أحلام ..
على شرفة 12 / 6 طفولة تغادر بهو الأحلام ..
ومن نافذة بيت مهجور يقوم على سفح تكسو منحدراته ظلال بكماء تولد صرخة عين ارتطمت بفجيعة وطن ..
وطنٌ جهاته تتكيء على سواعد عاصفة ..
شتلات وجلٍ وأرصفة .. وأصابع ديناميت تخبز للموت أرغفة
شوارعٌ حافلة بالشعارات .. و قائمة ممنوعات تمزّقها ثورات
الوطن الممتد بين دمعة تحفر خدود طفل , وفوهة بندقية تعزف لحن الغدر
الوطن المرتد من ولع أغنيات عاطفية إلى هلع أغنياتٍ كلماتها توابيت وألحانها صيحات طائفية
الوطن المتوسد واقعاً أخضعوا فقهه لجدلية الأهواء وإرثاً احتفظوا به سجادة أثرية ..
الوطن المرتهن لصولجان هادمٍ وقعُ معاوله : الحرية نائمة .. لعن النظام من أيقظها !
يا وطناً يغفو على ضفاف روح , وذاكرة تعبدت في محرابها الأشواق ..
أين هو موجٌ يداعب بالدلال ذيل سمكة ؟ .. وقمرٌ ينادم بالخيال أهداب عاشقة !
يا ذا الوطن :
ما بالها الحروف تمددت على أديمك ذبيحة , القصيدة كفن شاعر والسطر حبل مشنقة !
يا ذا الوطن :
أين أنا ؟ .. أين أنت ؟
وأين هي قُبلة حياة أودت بها شظايا قنبلة !
هذا اليوم 12 / 6 ذكرى ميلادي ..
على أي قاعة حلم لم تطفيء الهواجس قناديلها أحتفل ؟
وبأي ذاكرة فرح لم يغيّر مذاقها طعم الدماء أحتفي !
الحربي يوسفـ