الرسالة الثانية
قبلةٌ من طفلٍ لـعصفورةٍ أزفُّها بحنانٍ إليكِ ...
غابتْ شمسُ بلادي يومينِ , وقلبي مُبعثرةٌ صباحاتُه مُذ شهرينِ , أحْلامِي جرةٌ تكسرتْ على هامةِ قلبي , رجولتي تلاشتْ أمامَ سَنَا جِيدِكِ , جمالُكِ زاحمَ الشمسَ فأرقَدَها خِدرِها , والبدرُ رافقَ سريرَه , علوتِ مكانَها فزادَتِ السماءُ بهاءً , والأرضُ ضياءً , لكنَّ ظلاماً يطوقني , والجنونُ يظلُّني , وأزيزٌ سامرني , كنتُ أستحمُ بشعاعٍ من الشمسِ ... ؛ أأُحرَمُ من بَراءةِ عينيكِ !
تأتي أيامٌ وترحلُ , والزهورُ كما العَذارى تتعطرُ وتَحلَمُ , تَرقِبُ من يقطفُها هديةً لِقرَّة عينه , أزاهيرُ نافذَتِي شاختْ والحبيبةُ في مَغربِ الشمسِ عرشُها , لاهيةٌ وشمسُ العُربِ تغربُ في شَعرِها , تمرحُ وقلبي تقوسَ ظَهرُه , بدأَ يتكأُ على أفكارٍ مصفرةً , ويتعثرُ بأمانٍ ثَكلَى .
أخذتني أُمي إلى شيخِ أطباءِ الجنِّ , رآني فاستعاذَ من آلامي , وأصطكتْ أسنانُهُ من زفراتِي , ثم رمقَ السماءَ بلحظِه , فَحدقَ إلى مغيبِ النورِ , سكنتْ أصابِعُه المائة التي تداعبُ مسبحةً ملونةً , فسقطتْ من يدِهِ , هدأتْ حجرتُه الريشيةُ وكأنَّها من صلدِ الحجرِ , وعيناهُ الطويلتانِ سُمرتا نحو الغُّروبِ , ذعرٌ أصابَ أُمي والخوفُ أرجفَها , وروحي كادَتْ تُزهقُ خوفاً , فناديناه ... ثم هممْنَا بالرحيلِ هروباً بأنفسنا , بغتةً حَضَرَ معاونوه ... فأحضروا قارورةً حمراءَ رجُّوها وغمسوا داخلَها عظماً عتيقاً أخضَرَ الرأسِ , فغسلُوا وجهَه , وخاتماً يضعُهُ في قدمِه , وبعدَ اللتيا والتي أفاقَ , وقد سُحِرَ شيخُ الجنِّ .
يا عمُ أنبأني .. قالَ : لا تسلْ , حوريةٌ .. مجدولةٌ .. جذلى .. تتغنى بها الطفولةُ عُشقاً و شَباباً , منها الشمسُ تضيء , ومن ثغرِها يستحي القمرُ المنيرُ , تَطْرِبُ الدنيا إنْ ابتسمتْ , ذُخرِتْ ميزاناً للجمالِ ؛ لستَ وحيداً طَالِبها ؛ أُمي صفْ لنا دواءً علَّهُ ينالها أو .. , هيهاتَ لو وُجِدَ لداويتُ نفسي ؛ لكنَّه نظرَ للشَّمسِ هامساً " رفقاً بعاشقِكم يا من تحبوه " , بعدَها عانقني باكياً و يهمسُ " صبراً يا فتى
قد يجمعُ اللهُ المحبينِ
منتظر 29 / 1 / 2011م .