|
قفا نبكِ من ذكرى غريبٍ مرحّلِ |
مضى بفؤادٍ خافق النبض مثقلِ |
تنكّب غصن الياسمين مغاضبًا |
وأحزانه كالشوك لف بمخملِ |
مضى وفؤادي ينهل الريح فارغًا |
يهمهمُ حزنًا بالقريض المرتلِ |
أودّعهُ والقلبُ حيران نازفٌ |
يدورُ كخيط القزّ مأسورَ مغزلِ |
كذبتُ على روحي وقلت تصبري |
ويأسي طغى فالوصل غير مؤمّلِ |
نثرت جذاذاتٍ من الشعر فوقه |
وقلت رعاك الله يا خير مزملِ |
وقفتُ على كفّيه كالطير جائعًا |
وقد عوّداني طيب زادٍ ومنهلِ |
أملئُ روحي من نداهُ وأضلعي |
تودّعهُ والوهنُ يودي بمفصلي |
دفنتُ جراح العمر في عمق جرحه |
وهانَ علينا أمر ماضٍ لمقبل |
رأيتُ بعينيه الحياة تعطلت |
وفي شفتيه نار صبٍّ مُقبّلِ |
تسائلني روحي حلولاً ولا أرى |
سوى غبشٍ في العقل ليس بمُنجلِ |
أحارُ وكنتُ السيف إذ جدّ فيصلاً |
إذا قلتُ في جلى الملمات أفعل |
أقبّل ثغر الشمس وصلاً لدفئها |
وأضرب وجه الليل والقلب مشعلي |
تحاربني الدنيا فألقى سهامها |
بصدرٍ باشراط الحياة محمّل |
شديدٌ بعزمي كالأعاصير، راسخٌ |
جوادٌ بما في الكف، بالخير ممتلي |
قفا، أرشداني، إنني اليوم ذاهلٌ |
ولا تتركاني هائم الوجه مبتلي |
لعمري لقد جُرّعتُ موتي صبابةً |
أقول لروحي خلف من غادر ارحلي |
أذوبُ حياءً في اشتياقي ولوعتي |
يرى الناس مني ثوب عزٍّ مهلهلِ |
أنادمُ تاريخي وأرجوه عونه |
ويسري لأعماق السماء تبتّلي |
أيا ريح عودي بالذي شلت من يدي |
وإن شئت مني كلما شئت فاسألي |
أيرضيك أن البدر في أوج نوره |
يُساقُ بعيدًا كالأسير المكبّل؟! |
تعالي خذيني إن تعذر حمله |
أكن ريشةً في الأفق من غير محمِلِ |
أريحي غريبًا جفّ كالغصن ظامئًا |
تقلّبه الأشواق جمرًا بمنقلِ |
تماسك حينًا ثمّ ناداهُ هاتفٌ |
فخرّ صريع الصبر في شرّ موئلِ |
تقاذفهُ الأحزانُ شرقًا ومغربًا |
ويهفو لما يأتيه من طيب شمألِ |
يقول: ألا يا روح للعهد فاثبتي |
وبالحلم جودي حرةً وتجملي |