تراث الاندلس والتأثيرات المغربية في القرون (11-14)
مع بداية ظهور الاسلام، اندفعت المؤثرات الشرقية برمّتها باتجاه المغرب بكل الخصائص التي حملتها من حضارات بلاد فارس والرافدين وسورية، يرافقها كل ما اختلط بها من الفن الاسلامي الشرقي.
وتبلور الفن المغربي بفضل اتصاله بالتيارات التي اختلطت بعد انطلاقها من مركزي الاشعاع في الغرب الاسلامي وهما : القيروان في افريقية (تونس) وقرطبة في الاندلس .
الجوامع المغربية وجذورها
تعود الجذور المعمارية لجوامع المغرب الى نموذجين من اصل شرقي هما : مسجد بني امية الكبير في دمشق والمسجد الاقصى في القدس، فمن هذين الصرحين الاسلاميين المهمين تنحدر اصول مسجد القيروان الكبير ومسجد قرطبة الشهير.
وبعد ان تنوعت الطرز المعمارية المغربية حتى القرن الحادي عشر بين هذين النموذجين (القيروان وقرطبة)، استقرت تدريجيا على النموذج الاندلسي مع حفاظها على روح الطراز القيرواني ونجد ذلك واضحا في مسجد المرابطين في تلمسان ومسجد الموحدين في تازة ومسجد تينمل في الاطلس الاعلى وجامع الكتبية، وهي مساجد يعود بناؤها جميعا الى القرن الثاني عشر .
القرن الثاني عشر هو احد أغنى الفترات التي ازدهر فيها الفن
/لقد كان القرن السادس الهجري (12 ميلادي)، أي الفترة التي سيطر فيها المرابطون والموحدون على الاندلس، احدى الفترات التي ازدهر فيها الفن الاسلامي الغربي، وفي الوقت نفسه تم فيها استيعاب النماذج القادمة من شرق المتوسط.
المئذنة واصولها
لقد كانت المساجد في الاصل تفتقر الى المآذن, وأول مئذنة معروفة في عصرنا هي مئذنة مسجد بني امية الكبير في دمشق (سورية عام 715)، وهي عبارة عن رمز لانتصار الاسلام.
مئذنة اشبيلية وقد تحولت الى كتدرائية
وقد لوحظ انه في فن المعمار الاسلامي الغربي تعتبر المئذنة الجزء الوحيد الذي كان يخضع حقيقة للمعايير المعمارية، ويبدو ان هذا الجانب كان يحتل حيزا من اهتمام المعماريين المغاربة منذ القرن العاشر، لانه في اواسط القرن المذكور، تم تحديد النسبة بين قاعدة المنارة وارتفاعها على اساس واحد الى اربعة، وكان
النموذج البارز في ذلك مئذنة مسجد القيروان. يقول ابن ابي زهر في هذا الصدد :"يجب ان تكون المنارة على هذه الطريقة، سواء من حيث طريقة الانشاء او الهندسة المعمارية".
المحراب: من المحدودية الهندسية الى الازدهار الهندسي
في مجال هندسة "المحراب" يعتبر مسجد الكتبية ومسجد تنميل دليلا واضحا على اختلاف النهج المعماري وعلى طريقة اختيار الزخرفة، اذا قارنّاهما بجامع بني امية الكبير ومسجد قرطبة.
ويمثل المحراب في المساجد العنصر الاكثر تطورا وهو جزء تتركز فيه أكثر الزخارف من حيث العناية، ففي نموذج الموحدين الذين يعتبرون اكثر التزاما بمبدأ المحدودية والتقشف، نجد ان الزخارف تجمع بين السعة والدقة والهندسة مع العفوية.
ان مايثير اهتمامنا نحن أبناء القرن العشرين هو ان نتذكر ان هذا التراث لايزال حيا بكل عمقه في الوقت الراهن، وانه مستمر في توجيه رسالة خصبة محملة بالامل من أجل المستقبل
--- نقلا عن موقع " الاسطورة الاندلسية "
http://www.legadoandalusi.es