[IMG][/IMG]
جُلْتُ بفكري المتواضع ، فَأَلفيتُ النّاسَ على مشارب شتّى في العيش :
منهم من يعيشُ لأنّه يُحبُّ أن يعيشَ ..يعشق الحياةَ بهدوئها وصخَبِها ، فتراه يستمتِع بحلوها ومرّها .. لا تثنيه الكبوات ، ولا تمزّق شتاتَه النّكبات ..
ومنهم من يعيش لأنّه يشعر أنّه يجبُّ عليه أن يعيشَ ، فقد الإحساسَ بالحلاوة والمرارة يعيش وكأنه يؤدّي فرضًا واجبًا لا مناص منه . استسلم لقدره ، وألِف سوءَ حظّه ، وأيقن أنّ لباسَ الحُزن هو ما يناسب خِلْقته ، فركن للجمود ، منتظرًا قدرَه الموعود ..
ومنهم من أنف العيش وزهد فيه ، فصارت الحياةُ طوقا يشدد الخِناق عليه ، ونفد صبرُه معها ، فلم يجد بُدّا من وضع حدٍّ لعيشه المرير ، متناسيًا أنَّ الوديعة لمالكها وهو من يملك حق ردها أنى شاء فخسر الدنيا والآخرة ...
لكن هل فكّرنا أن نعيش لأنّ ربّنا يريدنا أن نعيشَ ؟
أليس جميلا أن تمتزج رغبتنا في الحياة برغبة الله في أن نعيش ؟
ألن يذيب الإحساس بمعية الله كلّ مرارة في حياتنا ، ويبهج كل فرحة تمرُّ بنا ؟
ألن تكون معية الله نِعْمَ الأنيس لنا في ظل هذه الوحشة التي تحياها نفوسُنا ؟
ألن تنحني كلّ الهموم صريعةً أمام عَظمة المعية الإلهية ؟
فلنعش إذن الحياة على مرارتها وسوادِ ليلها و نهارها ، لأن من وهبنا هذه الأرواح لازال يحبُّ رؤيتَها تتنفّس في الدّنيا .. فتحمده عند الرخاء ، وتصبر عند البلاء ...