فَلْتَطْمَئنّي ...
قالت: أراك تُباري الحُزْنَ ، تَغْلبُه - - حيناً ، ويبلغُ منك الجَهْدَ أحيانا
طَوْراً ،أراكَ على أكتاف رابية - - من الصّمود طَليقَ الوجه فَرْحانا
وتارةً -أيُّها الغالي- أراك على - - بوَّابة الحزن والآلام حَيْرانا
قل لي -بربك- :هل أنت الحزينُ ،فما - - تَعيشُ إلا حزينَ القلب وَلْهانا
أم أنتَ في هذه الدنيا السَّعيدُ بما - - حَبَاك ربُّك إفْضالاً وإحسانا
مَن أنتَ ياعازفَ الحَرْف الأصيل وقد - - جعَلْتَ للشِّعر أفواهاً وآذانا
أجَبْتُ ريحانتي، والنَّفْسُ راضيةٌ - - والقلبُ يَخْفِقُ إشفاقاً وتَحْنانا
أصْلُ السعادة في قلبي أعيش به - - كدَوْحة ، أخْصَبَتْ،جذْعاً وأغصانا
تَمُدُّ أغصانها ظلاًّ يُفَيِّئُني - - ويَحْتوي بظلال الحبِّ وُجْدانا
لكنَّها -حينما يأتي الخريفُ - نرى - - على ملامحها الخضراء أحزانا
ريحانتي ، لستُ إلاّ مسلماً فَرِحاً - - بدينه ، وبِحُبِّ الخير مَلْآنا
إذا حزنتُ ، فمن أجْل الشُّعوب أرى - - حقوقَها سُلِبَتْ ظُلْماً وعُدْوانا
فظالمٌ ، يجعلُ الشَّعْبَ الحزينَ دُمَىً - - يَلْهو بها ، ويُسَمِّي النّاسَ جرْذانا
وظالمٌ ، لا يبالي أنْ يُريْقَ دمَاً - - وأنْ يُفَجِّرَ في الأوطان بُرْكانا
أمّا السّعادةُ في قلبي ، فمَصْدَرُها - - أنّي جعلتُ كتابَ الله عُنْوانا
وأنّ لي ثِقَةً بالله ، تَمْنَحُني - - في شِدَّة الخَطْب والأهوال إيمانا
وأنّ للّه عَدْلاً ، لا يُقِرُّ به - - ظُلْماً ، وأنّ له في الحُكْم ميزانا
فَلْتَطْمَئنِّي على مَنْ تَغْرسينَ له - - في كلِّ ناحية وَرْداً وريحانا
أنا السعيدُ الحزينُ المُبْتَغي فرَجاً - - من ربّه ، وأنا المُسْتَبْشِرُ الآنا
آمَنْتُ باللّه إيماناً مَلَكْتُ به - - سعادةً أصبحتْ في القلْب بسْتانا
عبدالرحمن العشماوي -الرياض -5 -12- 1432