أربعة أيام إجازة مرضية, هكذا نصحها الطبيب بلزوم الفراش والراحة التامة,.....,.
(الأكل مسلوق)
(ممنوع السهر)
(ممنوع الإنفعال)
(ممنوع التفكير)
(ممنوع القهوة)!.
قائمة طويلة من الممنوعات التى كانت تعشقها..أأأأأه من قسوة أن يمنعنا أحد من حلال نحبه..!
كانت تراقب عينى الطبيب وهو يرسم إبتسامة ألية على وجهه وكأنه يريد أن يقنعها بحرصه وعطفه عليها.
أربعة أيام سوف يتم خصمها من أجرها الزهيد نتيجة لتغيبها عن عملها, وربما إرتبكت ميزانية الشهر التى تنفق منا على والدها الطاعن فى السن واختها التلميذةُ الصغيرة.
على فراش المرض, عيونها ذابلة مثل بلورة يكسوها الحزن, عيون زائغة ترقب تلك المروحة العتيقة التى تتدلى معلقة من رقبتها من سقف الحجرة الخشن, تدور وتدور لتعصر الهواء نسمة ..نسمة, وعيون
زينب تدور معها مابين ألم جسدها وقلبها المثقل بالهموم !, على النافذة المفتوحة ستائر شاحبة اللون, مطوية بيمين كانت منذ ساعات مفعمة بالنشاط والامل !, الستائر صامتة خرساء, وطاولة صغيرة جلس
عليها فى إستحياء كوب من الليمون لاترى (زينب) منه سوى قطرات جفت على جدارةه مثل احزانها القديمة!,وديوان (فتافيت إمراة) لسعاد الصباح بغلافه الأسود الحزين مثل شوارع الكويت بعد الغزو!,عيونها
ترقب لوحة الموناليزا وإبتسامتها تزيد قلب زينب حزنا" وحيرة..
الحزن والياس يعبث بأذانها وعيونها, حتى صوت أختها( ريهام )الذى يتسلل إليها من وراء الباب وهى تذاكر دروسها..(أمى..أمى..ما أحلاها..,...) يزيد فيها إجترار ذكرياتها مع أمها التى كانت أحلى وأبر وأحن أم دهسها قطار الموت السريع!!.
الشمس تسحب خيوطها الذهبية وتنسحب من النافذة الضيقة لتعلن نهاية يوم جديد.. إذن جاء الليل..
أأأه من الليل على قلوب الحيارى والغرباء!!.
سرحت زينب بخيالها وراء الأيام, رن الهاتف المدفون تحت وسادتها, الهاتف يررررن, وزينب فى سرحانها, الهاتف يررررن!!, وزينب تسمع صوت الماضى, الهاتف يئئئئئئئن! يكاد صوته يختنق تحت الوسادة,
إنتبهت وتناولته بيد كسولة, عيناها شاخصتين, تسمع بلا حراك, البلورتين يضيئان, وجنتيها تصطبغ باللون الأحمر, خصلات شعرها تعاود إنتظامها فى ثبات, صوتها يخرج من حنجرتها من جديد, خبر سعييييييييد...! كانت تنتظره منذ 5 شهوووور!.
مدت يدها لكوب الليمون البارد تطفأ ظمأ" لا يعرفه إلا الذين ضلوا طريق الأمل فى صحراء اليأس!, المروحة فوقها تفتح ذراعيها تدعوها لتشاركها رقصة التانجو, الموناليزا تبتسم وتغمز بعينها وهى على
إستحياء إيطالى مصطنع!, اضواء القمر تسربت لترسم على سريرها عيون طفل وباقة ياسمين, ياربىىىىىىىىى, من فتح قوارير عطورها النائمة على تسريحتها, كيف اصطبغت ستائرها باللون الوردى!..
أرخت شعرها على ظهرها وإستلقت على سريرها لتعيش مع ديوانها المفضل وهى تهمس بينها وبين نفسها....
لم يعد عندي مكان
بعدما استعمرت كل الامكنه
لم يعد عندي زمان
بعدما صادرت كل الازمنه
انت سقفي.. وغطائي.. والسند
لم يعد عندي بلاد
بعدما صرت البلد
ايها المحتلني شبرا فشبرا
انت الغيت عناويني جميعا
فإذا ما هتفوا بإسمي
فالمقصود انت..