ذ:علال المديني
على هامش الفلم المسيء للرسول صلى الله عليه وسلم .
وأنا أشاهد على القنوات العربية المظاهرات والاحتجاجات الشعبية للشعوب الإسلامية تنديدا بالفلم المسيء للرسول صلى الله عليه ، و الردود الفعل الكبيرة على هذا الفلم والتغطية الإعلامية وكذلك ردود فعل للذين يستنكرون العنف والاحتجاج أمام السفارة الأمريكية بالطريقة التي مرت ، عادت بي ذاكرتي المثقلة بجروح الأمة ومآسي تاريخها وظلم الأهل قبل العدو إلى أحداث ووقائع مشابهة في الماضي فلم أجد غير الألم والحيرة على حال القوم الذي يعيد أيامه السوداء دون التقدم إلى الأمام ولو خطوة صغيرة كأن ذاكرتنا مثقوبة لا تحفظ من التاريخ شيء .
عادت بي ذاكرتي إلى كتب فرج فودة وعملية الاغتيال التي تعرض لها والحرب "المقدسة " التي شنت على كتبه والتي كانت فكرتها المركزية تدندن حول مسألة فصل الدين عن السياسة ، وأن رجل الدين بتقواه و ورعه لا يصلح للسياسة التي تحتاج للخداع والمكر ، ورغم تفاهة كتابته وهزالتها من الناحية العلمية المحضة انتشرت كتبه وعلا صيتها في سماء الكتب بسبب هذا المنع والقتل حتى أصبحت مراجع للتأطير ضد التيارات الإسلامية في الجامعة و الشاريع ولولا هذا المنع لما كان لهذا الكاتب المكانة والشهرة التي حضي بها .
نفس الأمر مع كتاب سلمان رشدي "آيات شيطانية" وهو عبارة عن رواية تتحدث عن حياة الرسول صلى الله عليه وسلم بأسلوب يفتقد إلى لغة الرواية والكتابة الأدبية ، كتاب سودت صفحاته بالكذب والمغالطات والتأويلات المتآمرة لا يستهوي القارئ العادي ما ظنك بالمتخصص لكن سياسة المنع وصدور فتاوي تبيح قتل رشدي جعلت الكتاب يترجم إلى جل لغات العالم ويحقق مبيعات خيالية وشهرة في العالم وأصبح معها رشيدي رمز التحرر وضحية الإرهاب الإسلامي ونفس الأمر حدث مع الكاتب المصري نصر حامد أبو زيد في كتابته حول الإسلام، حتى أصبح حال بعض الناس عندما يريدون الشهرة والظهور يكتبون عن الإسلام أو يسوؤون إليه فتقوم عليهم القيامة فيأخذ مكانه في عالم الكتابة والفكر ويدخل حلبة النضال والحداثة دون أن يملك مقومات البحث العلمي والأكاديمي.
في واقع الأمة الإسلامية الآن غاب الفعل الجماعي للأمة تجاه قضاياها المصيرية وأصبحنا رهينة لردود أفعال واستجابات قارة لا تتغير مهما تغير الزمن وأثبت الحال أن الردود السابقة فاشلة ، يقوم الخصم بفعل جانبي هامشي يقيس به قوة وعينا وتطورنا بينما هو يستنزف خيراتنا وثرواتنا ووجودنا في أحداث أخرى فنقوم نحن كأنه أصابنا السعار بردة كان يتوقعها من قبل بعدها يسوق للعالم أننا قوم همج وأنا صاحب الفعل مظلوم يساعده في ذلك بعض الدعاة الذين يتلونون في مواقفهم ودون رأي ثابت فنعود للحديث عن سماحة الإسلام ورحمة الرسول وقبول الاختلاف فتهدأ العاصفة ويستمر المخطط ونعود من معاركنا كأننا في ساحة الوغى قاتلنا بجوار صلاح الدين فتنطفئ نار الغضب ويغمد السيف وعندها يفرح الأمركان بنصر من عندكم ، وبينما هم يناقشون حرية الرأي، وصاحب الفلم أو الكتاب يحصي أرباحه ويرد على رنات الهاتف تهنيئا له على عمله ونصره المؤزر من عند المسلمين ، يبدأ عندنا النقاش الذي لم ينتهي بعد وتبدأ حملات التعريف بالإسلام فيطل علينا شخص مثقل بوزر عرق العمال وأموال اليتامى بطبعه لألف الكتب وترجمتها وبعدها يظهر عالم بلحيته يتحدث على أن الأمة بخير لأن فيها من ينصر دينه فتظهر بعض القنوات تعلن عن إسلام بعض الغربيين فنعد نحصي ثمار من أساء إلينا والحمد لله رب العالمين ، ولننتظر يوما أخر نعيد فيه الملحمة.
أمة كهذه لا تراكم الأفعال والأحداث ولا تستفيد من الماضي وأخطائه ولا تتوفر على اسراتيجية عمل دقيقة ولا تعرف الخصم من الصديق ولم تستطع تحديد الأولويات ولا وسائل العمل أمة تاهت في غياهب التطاحن المذهبي و الاختلاف السياسي وكفت العدو عناء الحرب وحاربت نيابة عنه يصعب التغير الحقيقي فيها مهما ظهر لنا من أشكال التي نعتقد أنها تغيير وما هي بتغيير " يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا ...".
هذه الكلمات ليس الهدف منها تيئس الأمة بحالها وأن لا مخرج ولا مفر من هذا الواقع بل هي مجرد كلمات أعتبرها أرضية للنقاش مع القارئ الكريم في حالنا ونبش في العقل الجمعي للأمة ومحاولة الخروج عن الطريقة النمطية التي نفكر بها والله من وراء القصد عليم.