إن كان للقلب أن يتشظّى... فلأنّه قاصرٌ عن التّفكير
قل لي، كيف لمرآة مهشّمةٍ أن تعكس صورة الأشياء بلا خلاف؟
و كيف لقلبٍ تطاولت عليه المسافة أن يعقل الوجوه و قد فقدَ وجهكَ في الطّوفان؟
ذاكرتي تأبى أن تختزل وجوها جديدة، لم تعد تستوعب كمّ الوجع لصورةٍ لا تكتمل إلّا بك، يقولون يا أنا: هو يكمّلها، هي تتمّمه، ما كنتَ كما قالوا أبدا، لأنّك تبدؤني و تنهيني.
أدركيني يا مسافة ببضع سنين.
ستُّ سنين تكفي كي أكسر رقبة الوجع، و إن أردتِ زيديها عشرا، لستُ أريدُ أن أتشظّى في قادم أيّامي و حسب، تململ الصّبح منذ ليلي ولم تدركيني بابتسامة، فجوةٌ واحدةٌ منكِ كانت تكفي لكسري، هي ذات الفجوة بعكسها تجبرني، فهل لي ألّا أحلم؟؟!!!
شيء من الحنين تسمّر على الواجهة و ما أنبأني أنّ طعم الدّمع ليس مالحا كما أخبروني، طعمه حامضٌ، أذاب أنفاسي و ما هوى، و ما هوى يا مسافةُ ماااا هوى.
كنتَ يا أنت ترسم لي بكرة اللّفائف ذاتِها أحلامي، تدحرجها كما شاء ليومي أن يكون، و كنتُ أرقبُ كما عادتي، لم تزجرني يوما و لم تحدّثني بلهجةٍ أخرى، غير أنّي كنتُ أفهم نظرتك تماااااما، كما كانت أمّي تزجرُنا بعينيها، و إن كان حديث عينيك أخفّ وطأةً من غضب أمّي.
لِمَ لم تخبرني أنّك لن تكون ريّ عجافي؟
و لِمَ لم تخبرني أنّك لم تكن تدري؟
و لِمَ كان عليك ألّا تدري...؟؟؟؟؟
هل لهم أن يقسّطوا وجعي كي أتنفّس على دفعات، لأنّ رئتيّ ضاقتا، و لأنّ الهواء خارج دائرتِك ملوّث، و قد أخرجتني المسافةُ منها رغما.
كانت كلّ الأسئلة تأتيني دفعة واحدة، و لم تكن لتجيبَني إلّا بإيمائة لطالما أحببتُها.
كلّما اشتدّ غضبي منك أزفُر غضبي في وجهك و تكتفي أنت بالضّحك، لم تكن تعلمُ كم كنتُ أكره هذه اللّحظة الّتي تعاملني فيها كطفلة، و صرتُ أعشقها لأنّك تبتسمُ لأجلها، و كم يا أنت أعشق ابتسامتك.
كيف لي أن أشدّ وترا على طول قلبينا كي أشعر بنبضك حين تراني؟؟؟
و كيف لي أن أحتمل دمعك الّذي أنبأني به صوتُك المتقطّع عبر سمّاعة هاتفٍ و حنينٍ مسجّى على أحرف الوجد؟
- أحتاجُكِ لكن.....
- لكن ماذا؟
- انسي... شو رح تلبسي لمّا نلتقي؟
- ما دخلك، في حال التقينا.
- طيّب... أريد أن أقرأ لكِ قصّة
- يااااااااالله شو بكره القصص، كمّلّي قصّتنا و بس، تكفيني هذه لوحدها
.......................
يمتدُّ صوتُك طويلا صامتا، فأعبثُ بسمّاعةِ الهاتف كي تنزعج و تتململ، فقط... كي أطمئنّ على أنفاسك، لأكون بخير
عبلة الزّغاميم
العطشـــــى
22-9-2012