الرجل الغريب ؟ (ق.ق.ج)
في مدينة من مدن الجنوب حيثُ يتكور الفرات على المدينة ويلتفُ حولها كقلادة تزين جيد فتاة ، يدور وخلفه تدور البساتين ، تزين خديه بالباسقات من النخيل ، ومعها صوت العصافير يدور ، تطير تزاحم بعض الغيمات وهي تخفي بعضاً من زرقة السماء ...الجو الهادئ بعد العصر وضياء بعض المصابيح يأذن بقدوم الليل بعد سويعات ، النوارس تغرف من ماء الشط بهائها وتعتلي صوب السماء ترسم لوحة تعلق في ذهن المارين يشاور بعضهم بيده وآخر يحدث آخراً عنها ، وطفل يلكز أباه ليشاهد معه هذا المنظر الجميل ....
عبرَ النهرَ وعيناه تسافر في الأجواء ، وفيه يتمتم ببعض سور القران الكريم ...
يوم شتائي قصير والطريق في الليل غير سالكة ؛ والتأخر في الوصول هو مايخشاه ..تمشى يلملم جسدهُ بمعطفة ؛ فهو رجل مِبراد ، يحنُ الى مدفأته لم يفارقها إلا للقاء من هو أعز منها ...
تمشى بوجلٍ فطرُقُ الحي غريبة في عينية وعن قدميه ، وفي يدهِ تتأرجح حقيبة صغيرة فيها بعض الهدايا ودفتر صغير وقلم ...
يهتدي في طريقه بالعلامات الدالة ، وبعض وصفٍ يسكنُ ذاكرتهُ عن هذه المدينة كما وصفها له يوماً رجل من أهلها...
دخلَ في زقاقٍ طويل ، قصد البيت الذي تنطبق عليه كل العلامات ، وقفَ أزاء الباب ؛ طرقهُ بخفةٍ...
- من الطارق ؟
- أنا.
كان ظيفا مرحباً به نُقلتْ إليه الأطباق الشهية ، وفُرشَ له الفراش الوثير ، قلبتهُ يد بيضاء كالثلج...
نامَ حتى أشرقت الشمس في عينيه ؛ صعقهُ صوت الضوء ، نهضَ مسرعاً لملمَ أشلائهُ المتناثرة في الأرجاء ...
ارتدى معطفهُ وهمَ بالمسير ، أمسكتْ بتلابيبه يد من خلفه ؛ التفت الى الوراء ... يد سمراء ليست كالتي شاهدتها عينيه ليلة البارحة ...!!
- الى اين؟
- الى الطريق ...
- قهقهة ثم نظرة معفرة بالتهكم ....ألا ترى أنك في الطريق...؟
التفتَ حوله ، مرة واخرى ، شخصت عيناه وجحظتا ..صُعِقَ عندما شاهدَ أنه كان نائماً على الرصيف ....!!!
هل أخطأتُ في العنوان ؟
- كلا ... لكنك شاهدت الأشياء على حقيقتها ؛ لاكما وصِفت لك ...
تدحرجَ يلفُ رأسه بيديه ، ومن خلفه يتعالى ، يهدرُ في أذنيه صوت أجش ...
- على ماذا تندم أيها الرجل الغريب...؟!
محمد مشعل الكَريشي / 2-10-2012