أنا خارجة على النص
بكل المقاييس أعرف ذلك لأنى بدأت أعبر فوق العبارات التى تم تلقينها لى على مر الزمن ..أنظر من بعيد وأنا على خشبة مسرحى الضخم لذلك المختبىء فى الكمبوشة يعيد على مسامعى مراراً وتكراراً..ذلك العفن
بل..اننى انظر إلى رأسه القابعة فى مستوى حذائى وأطرب لتخيل حذائى بفمه
يصرخ مخرج العرض:ـ
ـ لا يوجد فى المسرح الحديث كمبوشة يا ست الستات..انه فقط الحوار المعتاد..سترددينه كما اتفقنا
أجدنى أعود..وأدقق فى كلمات الحوار
النص الأصلى :ليس لى سواك يا حبيبى..أنا ملك يديك
ولكنى لست ملكاً له ولا لأى كائن كان..لست ربطة عنق ولست سيارة ولست غليوناً يحمله او يلقيه..لست فى جعبته لوقت حاجة يخرجنى من مكمنى.. ولست
ـ ينتظرك البطل يا ست الستات ..ارجوك تكلمى
أنا : ليس لى فى الدنيا غير إحساس بحبك.. واحتياج لوجودك..وفقط
يصمت المخرج هذه المرة مشيراً لى بالاستكمال
أنا: وبعد..ماذا تريد منى غير الحب..ألا يكفيك الحب؟ أجزم أنه لم يعد يكفى لأنك تضيق بكونى ..أنا
البطل موجهاً حديثه للمخرج:ـ
ـ هذا خروج فاحش عن النص ..يخل بكل الرواية..كيف لى أن أكمل وأجيب
أنا: جرب أن تجيب بعباراتك..ستتسق لو أنك صبرت قليلاً
هو : عندما أنظر لتاريخنا معاً أتأكد أنك لى .. لا تهمنى قتامة الحياة وقت الغضب..لأنك هنا دوماً
النص الأصلى:نعم..أنا بجوارك فافعل ما شئت..وتأكد أن رصيدك فى قلبى بلا انتهاء
ولكن..كيف أنطق بهذه الكلمات..وهل يوجد رصيد لأى شىء فى الدنيا بلا انتهاء..هل هناك عطاء كموج البحر فى مده بلا انتهاء..أما من جذر؟..أما من نفاذ لدقائق الصبر؟ ..أما من رغبة بعيدة آتية لا ريب فى مبادلة مشاعر صارت محسومة بحكم الأيام؟أما من تفكير بأن الحب فى أصله هو شعور غير مشروط
أنا :أنا لن أكون هنا دوماً..قابعة فى انتظار لحظة عطف..شاكرة لك القاء ذرة من مشاعرك تجاهى..ألا تفكر يوماً بأن تعطى ؟.. سئمت كونى هنا..ربما يتوجب عليك أن تشعر بإمكانية وجودى هناك..بعيداً
يصرخ البطل مجدداً ومهدداً بالانسحاب من العرض وتحميلى مسئولية ذلك لعبثى اللامبالى بالنص
ينظر لى المخرج فى إشفاق..يرانى أبكى فيشعر باستحالة تراجعى عن نصى الجديد.. فيهمس فى أذنى:ـ
أوافقك على نصك فهو أقرب إلى الواقعية وأصدق تأثيراً.. ولكن قليل من التروى حتى لا نسدل الستار قبل بدء العرض.. امنحيه فرصة فى حوارك..فرصة أخيرة..أعرف أنك لست من النوع الذى يهوى التألق وانتزاع التصفيق من جمهور المشاهدين ..ولكنه يظن ذلك..وأنت تعلمين غروره..أنت قادرة على خلق حالة التوازن
نستكمل وسط صمت الجميع
هو:أعلم أنك امرأتى..وأنى أول من تفتحت له مسام قلبك..ولذا..أشعر دوماً بالاطمئنان لوجودك فى حياتى..لا يساورنى شك فى أننا قادرين دوماً على عبور لحظة ضيق
النص الأصلى :نعم فأنا لا حياة لى بدونك
أنا :لعلها أعمق من لحظة ضيق..لعله سرطان استشرى فى خلايا الحب وعليك أن تعالجنى منه..أعلم أنه فى آخر مراحله..وأنك تغالط..وأنى أحتضر..وأنك لا تهتم بغير امتلاكى..حتى وإن صرت جثة بين يديك
هو
ينسحب انسحاباً نهائياً من العرض
ويقف المخرج باسماً..مصفقاً..يقودنى مع دموعى إلى مصحة للعلاج